إنه صديقي..
العزيز..
صديقي.. الذي لا أحتاج عندما أريد أن أتحدث إليه إلى رسائل ولا هاتف و لا إلى أي وسيلة إتصال..
لأنه ببساطة يسكنني..
يسير مع خلايا دمي..
في معدتي في قلبي في البنكرياس في الكبد..
إنه يتجول بين أعضائي..
و بكل حرية!! رغم إنه ليس أنا من أعطاه هذه الحرية!
لكن لا أقيده..
ياااه لهذه الدرجة تحبينه؟
نعم أحبه..
حب من نوع خاص لأنه صديق من نوع خاص أيضاً..
و لكن...
أتمنى أن أنساه أن أتغافل عنه بل أن يتغافل هو عني.. و لو قليلاً..
فهو لا يفارقني ولا ينساني..
أشعر بوجوده.. و إنه يدنو مني.. و يقترب.. عندما أشعر بالحمى أو الدوار..أو برعشة في جسدي..
و عندما أتألم..
و يبلغ من القرب مني أحياناً أن يجثو على صدري.. و أحس بضيق النفس.. أو الهذيان و أحياناً الحزن و الإكتئاب!!
عندها لا ينطق لساني إلا بجملة واحدة فيها إحياء إيماني و أضل أرددها: لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله..
ستقولون.. أي صديق عزيزاً هذا الذي تتذكرينه عند الدوار و الوجع و الألم..
و ضيق النفس و عسر العيش!!
لكني سأأكد إنه صديق و إنه عزيز..
فهو يجعلني أشعر بالآلام و أوجاع الأخرين..
يحدثني عن أناس يتألمون مثلي و آخرين يتألمون أكثر مني و يتعذبون أكثر مني..
يحكي لي قصة سيدنا أيوب عليه السلام.. و الذي قال عند البلاء الشديد: الله أعطى.. والله أخذ.. فله الحمد معطياً وسالباً ساخطا ًو راضياً نافعاً وضاراً.
يخبرني عن ثواب الصابرين و كيف إن ساعة ألم تمحو عني ذنوباً أثقلت ظهري.. و سودت وجهي و طأطأت رأسي.. لأيام عديدة و سنوات مديدة..
و يتلوا على مسامعي دعاء الإمام زين العابدين إبن علي:اللهم لك الحمد على ما لم ازل اتصرف فيه من سلامة بدني ولك الحمد على مااحدثتَ بي من عِلة في جسدي فما أدري ياإلهي أي الحالين أحق بالشكرِ لك؟ وأي الوقتين اولى بالحمد لك؟ أَوَقْت الصحةالتي هناتني فيها طيبات رزقك ونشطتني بها لإبتغاء مرضاتك و فضلك وقويتني معها على ما وفقتني له من طاعتك؟
أم وقت العلة التي محصتني بها والنعم التي اتحفتني بها تخفيفاً لما ثقل به على ظهري من الخطيئات وتطهيراً لما إنغمست فيه من السيئات وتنبيهاً لتناول التوبه وتذكيراً لمحو الحوبةِ بقديم النعمه..
و يجعلني أخجل و أحتار هل أشكرربي على الصحة التي أتقوى بها على الطاعة أم على المرض الذي يطهرني من الذنوب؟
ويقول لي صديقي أن أهل الجنة لا يموتون ولا يمرضون ولا يحزنون.. «إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد: ان لكم ان تصحوا فلا تسقموا ابدا وان لكم ان تحيوا فلا تموتوا ابدا وان لكم ان تشبوا فلا تهرموا ابدا وان لكم ان تنعموا فلا تيأسوا ابدا»
يجعلني أحمد الله على الصحة التي كنت عليها و النعم التي أتحفني ربي بها..
ويذكرني أيضاً بأن للصابرين أجر لا أحد يعرف حجمه إلا المولى عز وجل..
فأسرح بخيالي إلى الجنة و نعميها و أتجول في بساتينها.. بين أشجار سيقانها من الذهب وأوراقها من الزمرد الأخضر والجوهر و أنهار صافية تجري دون إنقطاع أو جفاف.. أشٌربة لا تسكر ولا تصدع ولا تذهب العقل بل تملأ شاربيها سرورا ونشوة لا يعرفها أهل الدنيا..
و الأعظم... سألقى ربي.. سأره رأي العين كما بشرنا المصطفى: { إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم }
إنه يجعلني أسرح بفكري بعيداً.. خارج هذا الكون بكل سلبياته أتسلخ من جلدي..
من كل ما يحتويه جسدي من عطب..
إنه يجعلني أفكر في الراحة الأبدية و السعادة الخالدة مقابل ساعة ألم..
ويطرب مسامعي بقول الحبيب المصطفى: "ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"
أكيد إقتنعتم بأهمية صديقي و بما أحمله له معزة.. و ما يحمل هو لي من معزة أيضاً؟
هل عرفتم الآن ماذا يعني لي هذا الصديق؟ و لماذا هو عزيزاً علي؟
بل هل عرفتم من هو صديقي أصلاً؟
صديقى بكل بساطة هو *الايمان * لاتنسو والدى الحبيب رحمة الله عليه من خالص دعائكم :18: