الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ند له ولا ضد له ولا والد له ولا زوج له ولا ولد له:{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)}.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله البشير النذير السراج المزهر المنير خير الأنبياء مقاماً وأحسن الأنبياء كلاماً لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الإصر والأغلال الداعي إلى خير الأقوال والأحوال والأعمال الذي بعثه ربه جل وعلا بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فختم به الرسالة وعلم به من الجهالة وهدى به من الضلالة وفتح به أعين عمياً وآذاناً صُماً وقلوب غلفى وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً وأسأل الله الكريم جل وعلا الذي جمعني بحضراتكم في هذا البيت الحبيب إلى قلبي على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله..:
لما الخوف من الشريعة؟
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك وحتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم جوابي على هذا السؤال المهم الآن في العناصر والمحاور التالية:
أولاً: الشريعة لغة واصطلاحا.
ثانيا: خصائص الشريعة
وأخيراً رسالة مهمة إلى الإسلاميين.
فأعيروني القلوب والأسماع والله اسأل أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
أولا: الشريعة لغة واصطلاحاً:
الشريعة في اللغة لها أكثر من معنى، من بين هذه المعاني (الابتداء)
تقول العرب: شرع فلان في الحديث أي ابتدأ فيه.. شرع فلان في السير أي ابتدأ فيه.
فالمعنى الأول من معاني الشريعة في اللغةـ الابتداء.
وسأبين العلاقة الوطيدة والوثيقة بين هذا المعنى اللغوي وبين المعنى الاصطلاحي الآن فانتبه معي أيها الحبيب اللبيب.
المعنى الثاني من معاني الشريعة في لغة العرب: الظهورـ والبيان ـ والوضوح.
وهو مأخوذ من قول العرب شق الإهاب.
أي الجلد حتى ظهر اللحم وبان واتضح.
والمعنى الثالث من معاني الشريعة في اللغة: تطلق العرب اسم الشريعة على الماء المورود الكثير الدائم الجريان.
والمعنى الرابع من معاني الشريعة في اللغة: نهج الطريق الواضح.
هذه هي معاني الشريعة في لغة العرب. فما هو المعنى الشرعي والاصطلاحي للشريعة؟
قال ابن الأثير الشريعة والشرع: هو ما شرعه الله لعباده من الدين.
انتبه لهذا المعنى الاصطلاحي لأن الحرب الآن شرسة وأخطر ما في الحرب أنها حرب اصطلاحات ومصطلحات قد لا يعرف كثير ممن يروجونها حقيقة المصطلح لا لغة ولا اصطلاحا.
الشريعة اصطلاحاً: هي ما شرع الله انتبه ما شرع الله لا أقول ما شرع مجلس الشعب ولا مجلس الشورى ولا اللجنة التأسيسية التي ستشكل لوضع الدستور كلا.
بل الشريعة: هي ما شرع الله.
الله الملك الذي له الخلق والأمر الذي له الخلق والحكم { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ..}[الأعراف:54.
أنا أخاطب الأمة كلها ..
الشريعة: هي ما شرع الله لعباده من الدين فكل ما ثبت في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقيدة والعبادة والعمل والأخلاق فهو من الشريعة بمعناها الواسع.
أكرر
كل ما ثبت في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور العقيدة أو العبادة أو التشريع أو الأخلاق أو المعاملات أو العمل أو غير ذلك فهو من الشريعة بمعناها الواسع.
أظن أن العلاقة بين المعاني اللغوية والمعنى الاصطلاحي صارت واضحة بينة لحضراتكم جميعاً.
فأول معنى من معاني الشريعة في لغة العرب الابتداء والشريعة كذلك أول من شرعها ابتداء هو الله.
هذا هو معنى الابتداء فالشريعة ابتداء أنزلها الله جل وعلا كما سأبين لحضراتكم الآن.
والمعنى الثاني: الظهورـ والوضوح ـ والبيان.
وكذلك شريعة الملك الرحمن شريعة واضحة بينة لأهل العلم والفضل يعرفون هذه الشريعة يعرفون ما هو قطعي الدلالة وما هو ظني الدلالة ويعلمون ما ثبت فيها من كتاب أو سنة أو إجماع.
فهي واضحة بينة كالماء المورود أي كالماء العذب الذي يتدفق في نهر جار لا يشوبه كدر من باطل ولا شوب من هوى أو ضلال وكذلك هي نهج الطريق الواضح .
فهي الطريق الواضح البين لسعادة الخلق في الدنيا ولنعيم الله الدائم الأبدي في الآخرة.
ولما لا وهي شريعة الرب العلي الذي خلق الإنسان والكون والحياة وهو وحده جل علاه الذي يعلم ما يسعد الخلق وما يشقيهم. قال سبحانه:{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14].
فهو سبحانه يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون حتى لا يقول إنسان متعجل لا يعرف مقام الأدب مع الله سبحانه وتعالى ولا مع شريعته المحكمة حتى لا يقول هذا الجاهل أننا نعيش الآن عصر الذرة وعصر الفضائيات وعصر الانترنت وهذه الشريعة التي تتحدث عنها لا تصلح إلا لبيئة الصحراء لبيئة الجمال والبغال والحمير والله لا يقول ذلك إلا جاهل بشرع الملك القدير.
فتعالى معى بعد هذا التعريف اللغوي والاصطلاحي لنقف على خصائص شريعة
الرب العلي.
والخصيصة الأولى أيها المسلمون: أنها شريعة ربانية منزلة من عند رب البرية.
استهل خصائص الشريعة في محورنا الثاني بربانيتها لأقطع الطريق مباشرة على أولئك الذين يريدون أن يعقدوا مقارنات ساذجة بين شريعة الملك وبين قوانين البشر
فالفرق بين شريعة الملك وبين قوانين البشر التي يضعها البشر حين يُعرضون عن منهج الله جل وعلا الفرق بينها وبين شريعة البشر والفارق بينها وبين شريعة رب البشر كالفرق بين الله وبين خلقه وكفضل الله على كل خلقه.
فصنع البشر يعتريه تلك السمات التي يتسم بها البشر من جهل وقصور وضعف وعجز فالإنسان يا إخواني ولو كان عبقريا فذا إن عاش في زمان فوضع القوانين لهذا الزمان بحسب رؤيته لا يعيش هذا الإنسان الواضع لهذا القانون في زمان غيره ومن ثم يأتي قانونه قد يصلح لزمانه الذي يعيش فيه من جانب ولا يصلح من جوانب أخرى.
وإن عاش الإنسان في مكان فهو لا يرى في نفس الوقت ما يجري في مكان غيره فهو محكوم بقصر عمره ـ محكوم بجهله ـ محكوم بضعف إدراكه ـ محكوم بشهواته ونزواته ورغباته.
ومن ثم محال أن يضع البشر لبني البشر منهجا ينبغي أو يجوز أن نقارنه بمنهج خالق البشر الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون.
فشريعة الله شريعة ربانية منزلة من رب البرية سبحانه وتعالى قال جل وعلا:{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}[المائدة:49:50].
من أحسن من الله حكما؟ من أحسن من الله تشريعاً؟ من أحسن من الله حكماً وتشريعاً؟ من الذي يجرؤ أن يزعم ويدعي أن الله علم أشياء وغابت عنه أشياء؟
من الذي يجرؤ أن يزعم ويدعي أن الله جل وعلا لم يكن يعلم ما يحتاج إليه البشر في قرننا الحادي والعشرين فالله جل جلاله اللطيف الخبير العليم الحكيم الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو قدر له الملك أن يكون لعلم كيف كان يكون { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}[الأنعام:59]. {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}.
الله جل وعلا هو العليم الذي يعلم ما كان وما هو كائن الآن وما سيكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال الله جل وعلا حكاية عن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم:{ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ..} لمن..؟ لمن..؟ لمن..؟ {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}[يوسف:39:40].
فشريعة الله أيها الأفاضل شريعة ربانية المصدر..
انتبه لكل لفظة ربانية الغاية ربانية الوسيلة.
شريعة الله ربانية المصدر ومصدرية الشريعة دليل جمالها وجلالها وكمالها.
والله لا تنسى مني هذه العبارة..
أنا لا احتاج بعد أن أقول إن الشريعة مصدرها من عند الله ربانية المصدر لا أحتاج أن أتحدث بعد ذلك عن خصائص ومحاسن الشريعة يكفى أن تعلم أنها من عند الله لتكون على يقين مطلق أنها شريعة لها كل الجلال والجمال والكمال.
فمصدرية الشريعة دليل جمالها ودليل جلالها ودليل كمالها ولم لا وهي شريعة الملك العلي الأعلى جل في علاه.
قال الله جل وعلا{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}[الشورى:52].
فالشرع: روح. الشرع: نور. الشرع: هدى. الشرع: رحمة. الشرع: حكمة. الشرع: مصالح. الشرع: شفاء.
قال شيخي ابن القيم: (الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد فهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها)
تدبروا هذا الكلام الغالي قال جل وعلا{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الشورى:52].
قال جل وعلا:{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
ليس لكل الخلق وليس لكل الناس بل لمن يقر ويذعن ويعتقد أنه شرع العلي الأعلى{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
وقال جل وعلا:{ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:54].
فالشريعة ربانية المصدر ربانية الغاية ربانية الوسائل
نعم ليس عندنا ما يسمى بالمذهب الميكافيللي الغاية تبرر الوسيلة أبدا
بل الوسائل عندنا في شرعنا المُحكم لها نفس أحكام المقاصد ولذلك قلت وأقول انتبهوا معي لا يجوز أن ننحرف عن الإسلام وسيلة ونحن نتجه إلى الإسلام غاية بل يجب أن تكون الوسيلة منضبطة بالإسلام ومنضبطة بشرع الله جل وعلا
أنا لا أريد أن أطيل النفس في كل خصيصة من خصائص الشريعة لأن الموضوع طويل جليل.
إذن الخصيصة الأولى وهي تقطع قول كل خطيب أنها ربانية المصدر إلهية المصدر شريعة الله جل وعلا شريعة من عند الله تبارك وتعالى المؤمن والمسلم مع شرع الله المنزل شعاره السمع والطاعة ولو خرج عليه أبناء الفرقة الماسية الذين يدخلون فضائية ويخرجون منها إلى فضائية أخرى يعلنون الحرب بلا هوادة على شرع الله وعلى دين الله جل وعلا.
المسلم لا يتأثر بهذا الطرح الرخيص.
المسلم لا تزعزعه هذه الحرب الهوجاء على كتاب ربنا وعلى سنة نبينا وعلى شرع ربنا أبداً.
بل لا تزيده الحرب إلا قوة ولا تزيده الحرب إلا ثباتاً ولا تزيده الحرب إلا إصرارا على نصرة دين الله ولو ولو قُطعت من الحلقوم وسفكت منا الدماء فلن نفرط في شريعة رب الأرض والسماء وشرع إمام الأنبياء وسيدالأتقياء وليعلم هذه الحقيقة أولئك الذين يعلنون الحرب بلا هوادة على ديننا وإسلامنا وعلى المنتسبين إلى شرع ربنا جل وعلا.
لا ينبغي أن نحمل الشريعة خطأ محمد حسان محمد حسان في الوحل والطين والتراب إن أخطأ فليتحمل هو نتيجة خطأه أما أن تحمل شريعة ربنا خطأ محمد حسان أو غيره فهذا لا يجوز بحال من الأحوال وهم أنفسهم لا يقبلون هذا لو أخطأ واحد منهم وعممنا الخطأ على الجميع لقامت الدنيا ولم تقعدبإعلان الحرب على أولئك المنغلقين والمتطرفين والأصوليين والرجعيين والفضوليين والفوضويين والرجعيين والمتخلفين والمتأخرين إلى آخر هذه التهم المعلبة التي سئمنا منها طيلة السنوات الثلاثين الماضية ولازالت تعلن الحرب بنفس الكلمات وبنفس الطريقة الرخيصة على الإسلاميين والقصد أنها معلنة على الإسلام أقول ذلك بلا مواربة بلا لف أو دوران.
المرحلة لا تحتمل اللف والدوران بل توجب علينا جميعاً أن نكون صادقين في الطرح وأن نكون واضحين في الطرح.
وأنا أقول دوماً لا ينبغي أن نمارس الآن لغة الاتيكيت الفكري أو ما يعرف عند أولئك بدبلوماسية الحوار
بل يجب علينا أن نكون صادقين صرحاء واضحين مؤدبين.
فأنا لا أحب العنترية الجوفاء قط. بل اطرح ما عندي بكل عز وبكل استعلاء { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران:139].
لكن بلا كبر إنما بتواضع بانكسار لله جل وعلاوبتواضع لإخواننا جميعا بل ولأي مسلم مهما كان انتماؤه وأي كان توجهه بل ورب الكعبة نمد أيدينا أيضاً لأهل المعاصي بل ورب الكعبة ندعو أيضاً غيرنا من غير المسلمين لأن ربنا بعث نبينا رحمة للعالمين لا للمسلمين فحسب.
ثانياً: من أهم خصائص الشريعة انها شريعة عالمية.
عالمية؟
نعم..
يعني ليس للمسلمين فقط؟
أبداً..
ما أدلتك؟
خذوا سيلا من الأدلة على أن شريعتنا ليست شريعة العرب فقط وليست شريعة المسلمين فحسب بل هي شريعة محكمة أنزلها ربنا جل وعلا على قلب نبينا لتسعد بها البشرية كلها فوق ظهر الأرض.
الإنسانية أيها الأفاضل تربطها خصائص واحدة ولا فرق بين إنسان وإنسان في هذه الإنسانية العامة إلا بالتقوى.
{يا أيها الناس} انظروا إلى هذا النفير العام { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} هذه هي الغاية {لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13].
وفي مسند أحمد بسند صحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم خطب الصحابة في أوسط أيام التشريق فقال:[أيها الناس آلا ربكم واحد آلا إن أباكم واحد آلا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم].
لذلك أول آية في كتاب الله كلنا يحفظها في سورة الفاتحة:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]. ولم يقل الحمد لله رب المسلمين الحمد لله رب المؤمنين الحمد لله رب الموحدين بل { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]
فالله رب الكافر ورب المؤمن على السواء
أنزل شريعة محكمة على قلب نبينا لتكون مصدر سعادة للعالمين على السواء.
تدبر معي قول الله جل وعلا:{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1].
تدبر معي قول الله جل وعلا:{ قُلْ} قل يا محمد {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}
تدبروا القرآن:{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف:158].
وتدبر قول الله جل وعلا:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ:28]. وقال جل وعلا:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107].
فشريعة الله رحمة للعالمين رحمة لكل أهل الأرضإن فاءوا إلى ظلالها
فورب الكعبة أنا أقول لن تشعر البشرية المنكودة الآن بالأمن والأمان وبالرقاء والاستقرار وبراحة البال وانشراح الصدر واستقرار الضمير إلا إذا عادت لشرع خالقها الملك القدير.
آلا ترون البشرية كلها الآن إلا من وحد الله وآمن برسوله..
آلا ترون أن البشرية تهذي كالسكران وتضحك كالمجنون وتجري كالمطارد تئن من الألم تبحث عن أي شيء وهي في الحقيقة تملك من أمور الدنيا كل شيء ولكنها حين انحرفت عن شرع ربها فقدت كل شيء.
{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى(123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا(124)}[طه:123:124].
إنه الضنك حرمان من نعمة الأمن وقد صنعت البشرية القنبلة الذرية والجرثومية
الأمن تحرم البشرية منه وقد صنعت من وسائل الحرب الحديثة ما يطير له العقل واللب معا ومع ذلك فقدت البشرية مع كثرة هذه الأسلحة فقدت نعمة الأمن فقدت نعمة الأمان البشرية فقدت نعمة الرخاء مع كثرة الأسواق المشتركة وغير المشتركة مع كثرة البنوك التي ترونها في أبنية فخمة ضخمة حرمت من نعمة الرخاء.
أزمة تهدد العالم كله..
لا أقول تهدد اليونان ولا أقول تهدد أوربا ولا أقول تهدد أمريكا بل تهدد العالم كله.
وآخر الإحصائيات تقول بأن ثلث سكان العالم يتعرضون للجوع.
هذه البشرية { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:124]. وربنا تبارك وتعالى أنزل هذه الشريعة المحكمة لا أقول الصالحة لكل زمان ومكان فحسب بل أنزلها لتصلح كل زمان ومكان.
فشريعة ربنا شريعة عالمية واسمع لسيد البرية وهو يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة:[فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب] وفي لفظ البخاري [ونصرت بالرعب مسيرة شهر].
[وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة وخُتم بي النبيون].
[وأرسلت إلى الخلق كافة] لذا يقول نبينا في صحيح مسلم:[والذي نفسي بيده لا يسمع بي] فاشترط السماع وهذه تحملنا أمانة كبيرة آلا وهي أمانة الدعوة والبلاغ لنقيم حجة الله على خلق الله في أرض الله [والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار].
فيجب على أمة النبي المختار أن تحمل الأمانة وأن تحمل مشعل الهداية وأن تتحرك في الأرض لتقيم حجة الله على خلقه بالبلاغ والبشارة والنذارة وأسأل الله أن لا يحرمنا وإياكم شرف الدعوة إليه وكرامة البلاغ عنه ودلالة الخلق عليه بحق إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فمن أعظم خصائص شريعتنا أيها الأفاضل أنها شريعة عالمية أنزلها على قلب نبينا لتسعد البشرية بها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.