عندما فكرت أمريكا في تطوير الإنترنت كنتيجة منطقية لتطور نظم الشبكات ثم جاء السحر بابتكار بروتوكول (TCP/IP) وما تبعه من تطورات في هذا المجال كانت أمريكا تقصد بالدرجة الأولى من اختراع هذا النظام وتطويره هدفا عسكريا... بتطوير نظام اتصالات لا يتعرض للتوقف في حال ضرب مراكز ذلك النظام... اخترعت نظاما حيويا يمكنه العمل في حال توقف أي عدد من نقاط الاتصال الأساسية...
العمود الفقري للأنترنت (backbone) موجود في أمريكا... لكن نظريا لو مسحت أمريكا من الوجود ستستمر الإنترنت لأنها شبكة مرتبطة ضمن بروتوكولات الإنترنت الذكية التي تبحث عن المسار المفتوح في حال كون المسار الحالي مغلقا...
خمسة آلاف صحيفة... عشرون ألف نشرة... مئات القنوات الفضائية... آلاف الإذاعات...
كلها خافت من شيء واحد...
"موقع النداء" الناطق باسم القاعدة... على الإنترنت...
في النهاية ضغط "الإف بي آي" لإغلاق الموقع...
تم إغلاقه الأسبوع الماضي... ليعود هذا اليوم يفتتح أبوابه من جديد...
إنه السحر الذي انقلب على الساحر...
عندما بدأت الإنترنت وكان فيها ما يقرب من نصف مليون صورة إباحية ومئات الآلاف من الأفلام الإباحية... تخيل الكثيرون أنها كارثة أخلاقية ستحل بالمسلمين... غير أن أشخاصا آخرين نظروا إلى الأمر بصورة أعمق... وكتب أحدهم كتابا بعنوان؛ "الإنترنت في خدمة الإسلام"...
استطاع الإسلاميون تحويل المستحيل إلى ممكن فانتشروا بكثافة في الإنترنت... واستثمر بعض أهل العلم الإنترنت في بث ونشر الإسلام...
اليوم... سترى مئات المواقع الإسلامية التي لم تترك شيئا يخص العلوم الإسلامية إلا ونشرته...
تميزت هذه المواقع بالاحترافية العالية... ووظفت جهود مخلصة لنشر الكلمة... الكلمة الصالحة التي أصلها ثابت وفرعها في سماء الدنيا...
غير أن الإسلاميين كان أمامهم مستحيل آخر استطاعوا تحويله إلى ممكن... احتكار الخبر...
مارس العلمانيون وتسندهم الحكومات العربية والغربية... احتكار الخبر لعقود طويلة... لا خبر ينشر إلا ما أرادوا هم... كمموا أفواه الإسلاميين ولم يتركوا لهم فرصة للقاء الجماهير العريضة المتعطشة للاستماع لهم... حتى جاءت الإنترنت فانكسر الباب وخرجت جحافل الإسلاميين تدك صروح الآلة الإعلامية العلمانية بشكليها العربي والغربي...
هذه الجهود لم تكن لتثمر وتعطي أفضل ما فيها لولا الجهد الجهادي الذي فرض على الدنيا الاستماع للصوت الإسلامي... أعني 11 سبتمبر...
فبعد 11 سبتمبر أصبح لنا صوت يسمع... وأصبح الغرب يحرص على أن يسمعنا رأيه... سي إن إن أصبحت تتحدث بالعربية! ايديعوت احرونوت صارت ترطن بالعربية...
بالطبع تم كسر الحصار الإعلامي بوسائل بدائية جدا لكنها فعالة للغاية... شريط قيمته لا تتجاوز 50 ريالا... يلقي فيه الشيخ أسامة بن لادن كلمة للأمة وتهديدا للأمريكان... فتتسابق الدنيا للاستماع له... وترجمته.
هذه مترجمة صينية تتحدث وتقول: "شنق لينق بينق شوا شونج شينخ... أوساما بين لاديين... شينق لينق بينق!".
لا شيء نفهمه في كلام هذه الصينية سوى كلمة أسامة بن لادن... فنفهم أن الصينيين يتحدثون عن شيخنا أبو عبد الله!
تبارك الله...
افتح قناة "موكا موكا" في جزيرة "سيكا سيكا" لتسمعهم يرطنون بلغتهم الهنقلية ويتحدثون عن الشيخ أسامة بن لادن...!
هناك في جزيرة "موكا موكا" ربما صوروا المسألة بأنها خلاف بين بن لادن وبوش على عدد من الأبقار التي ذبحها بن لادن في مزرعة بوش... لا بأس هذا ما وصلهم من التطور والمدنية... خلاف على الأبقار... لكنهم يسمعون الآن عن أسامة بن لادن...
هذا كله ببركة شريط فيديو قيمته أقل من خمسين ريالا...
في المقابل... "موقع النداء"...
ربما تجد أن القائمين عليه عبارة عن اثنين... واحد في أفغانستان والآخر في بلاد الواق واق...
يتصل الذي في أفغانستان على الذي في بلاد الواق واق: لتدور المحادثة التالية:
واق واق: سلام أبو القعقاع... ايش الأخبار؟
أفغانستان: أهلا أبو الدحداح الأخبار طيبة... قتلنا اليوم ثلاثة علوج وسلخنا جلودهم بسبب البرد...
واق واق: طيب سلم على أبي عبد الله وعلى بقية الشباب...
يقفل الاتصال لينهي أبو الدحداح وجبة المعصوب بالقشطة [1]... ثم يدخل الإنترنت ويكتب في الموقع؛ قتلنا ثلاثة علوج أمريكيين اليوم...
في نفس الليلة: ينتظر مراسل "جريدة الحياة" على أحر من الجمر صدور أي شيء جديد من "مركز الدراسات"... عندما يرى الخبر يطير فرحا ويرسل رسالة إلى "جهاد الخازن" أو "جورج سمعان... أبشر أخبار جديدة من "مركز الدراسات"! الناطق شبه الرسمي باسم تنظيم القاعدة...
يطير الخبر على رويتر والاسوشيتد برس والفرانس برس، ويقرر "الإف بي آي" دراسة الخبر فربما تكون فيه شفرات!
يأتي مراسل الشرق الأوسط الخيبان ويسرق الخبر ثم يملحه من عنده بكم كذبة من هنا وهناك ثم يضيف في رأس الخبر: "ك. ن. عواصم!"...
الكاف تعني أنهم كذابين والنون نصابين، عواصم لا تعني شيئا...
الخلاصة؛ أن الخبر كانت تكلفته مكالمة تليفونية أو رسالة بريدية... وصحن معصوب بالقشطة...
النتيجة؛ الدنيا كلها طارت بالخبر وكل يزعم أنه صاحب السبق، وأن لديه أخبارا خاصة وخطيرة من أفغانستان!
بمعنى آخر... أن مجموعة من الشباب الذين لم يدرسوا الإعلام... وليس لديهم تقنيات عالية ولا إمكانات مثل التي تصرف على الصحف العربية... أصبحوا (مصادر إخبارية خاصة) أصبح المجاهدون يصنعون الخبر... وتتسابق الدنيا لالتقاطه منهم...
أليس هذا إبداعا في تحويل المستحيل إلى ممكن؟ مع أن الجهود بسيطة والإمكانات بدائية ومتواضعة لكنها ولأنهم رجال مؤمنون بالله حقا وقدموا أرواحهم في سبيل الله... إلا أنهم انتزعوا وبجدارة أسلحة كان الغرب والعلمانيون يحاربوننا بها... سلاح الإعلام...
الإنترنت أصبحت سحرا انقلب على الساحر وأصبح همُّ الساحر هو مطاردة "موقع النداء"... الناطق شبه الرسمي باسم تنظيم القاعدة...
وإذا شك أحد في كلامي فليقرأ مقال تركي الحمد الأخير وكيف تلوى وجعا من الإنترنت...
الإنترنت أصبحت صديقة للإسلاميين، وأصبحت المكان الذي تصدر منه أخبارهم والمكان الذي تتشكل فيه خياراتهم، والمكان الذي فيه يجتمعون وينتقدون بعضهم البعض ويخرجون بأفضل الحلول ويتواصلون من أجل إنكار المنكرات ومن أجل تسيير المسيرات...
الإنترنت صارت المكان الذي يحققون فيه ما عجزت كل التيارات الأخرى عن تحقيقه... رغم كل ما هو متوفر لها...
شكرا يا إنترنت...
م ن ق و ل
طبعا ومنتدانا هذا هو من هذا الباب فقد شمر القائمون عليه للا
ستفادة من النت في إيجاد البديل للمسلم ومايمكن أن يستغني به
عن غيره من المنتديات التي كان الكثيرون يخافون منها جدا بل
ويعدونها كارثة بماتعنيه الكلمة لما تحتويه من منكرات فحاول
هؤلاء أن يجدوا بديلا للمسلم ففعلوا واستطاعوا ان يأخذوا غلى
منتداهم مجموعة من الشباب المسلم مع أن صانعي الانترنت
لم يريدو هذا أصلا لكنه تحويل المسحيل إلى أمر ممكن
1) معصوب بالقشطة؛ أكلة حجازية تسبب الإدمان!