فدع يا قلب ما قد كنـت فيـه...ألست ترى حبيبك قـد جفاكـا
فيا من غاب عني وهو روحي...وكيف أطيق من روحي انفكاكا
فكيف تغيـرت تلـك السجايـا...ومن هذا الذى عنـي ثناكـا
وما فارقتنـي طوعـا ولكـن...دهاك من المنية مـا دهاكـا
لقد حكمـت بفرقتنـا الليالـي...ولم يك عن رضاي ولا رضاكا
فليتك لو بقيت لضعف حالـي...وكان النـاس كلهمـو فداكـا
يعز عليّ حيـن أديـر عينـي...أفتش فـى مكانـك لا أراكـا
ولم أر فـي سـواك ولا أراه...شمائلـك المليحـة أو حلاكـا
ختمت على ودادك في ضميري...وليس يزال مختومـا هناكـا
فوا أسفي لجسمك كيف يبلـى...ويذهب بعـد بهجتـه سناكـا
وما لـي أدّعـي أنّـى وفـىّ...ولست مشاركا لك فـي بلاكـا
تموت ولا أموت عليك حزنـا...وحق هواك خنتك في هواكـا
ويا خجلـي إذا قالـوا محـبّ...ولم أنفعك فـى خطـب أتاكـا
أرى الباكين فيك معي كثيـرا...وليس كمن بكى من قد تباكى
فيا من قد نوى سفـرا بعيـدا...متى قل لى رجوعك من نواكا
جزاك الله عنّـي كـل خيـر...وأعلـم أنّـه عنّـي جزاكـا
فيا قبر الحبيـب وددت أنّـي...حملت ولو على عيني ثراكـا
سقـاك الغيـث هتّـانـا وإلاّ...فحسبك من دموعي ما سقاكا
ولا زال السلام عليـك منّـي...يرفّ مع النسيم علـى ذراكـا
حق للعين أن تذرف دمعها على أهل العلم و أعلامه !
فحياتهم حياة لنا . و موتهم ذهاب للعلم الذي لم يرض غير صدور أهل العلم و طناً !
فعلى ابن جبرين و أمثاله فلتبكي البواكي ..
نبكي على نورٍ كان يضيئ دروبنا بهم ..
و ليس نحن من يبكي عليهم فقط ؛
بل تبكيهم مآثرهم , و أماكن عبادتهم , و صدورٍ أضاءت بها قلوبٌ من نور علمهم !
بل حتى الحيتان تصلي عليهم , و ملائكة الرحمن ثني عليهم ,
فيا ترى من سيبكينا إن وصلنا المحطة الحتمية التي نزلوها قسراً اليوم !!؟ الدور علينا غداً؛
فحقيق بنا و الله أن نبكي على أنفسنا مواتها و نحن أحياء ؛
لا أن نبكي الأحياء و إن وأدهم الثرى !
لقدْ اُسْلِمَتْ تِلك الرُّوحُ الطَّيبةُ إِلى بارِئِها ظُهْرَ يومِ الِإْثَنينِ ، 20 مِن شَهْرِ رَجَبَ مِن العامِ الهِجريّ 1430 ..
نَعَمْ .. نَعَمْ .. ماتَ وَالدُنا وبَهْجَةُ أنْظارِنا ..
وَإنّنَا نَقْرَأُ فِي نَعْيِه نَعْياً لأَنْفُسِنا .. فإِنّ كُلَّ ما هُو آتٍ آتٍ لا مَحَالَةٍ .. فَهَلْ أَعْدَدْنا العُدّة لِذلِك الأَجلِ المَضرُوبِ .. والَمصيرِ المُرْتقَبِ .. واليَوْمِ المَشهُودِ ؟؟
إنّ النفسَ لتَصْبُو إِلى الغِوايةِ .. وتَحِنّ إِلى العَبثِ .. وفِيها هِمّةٌ تُناطِحُ السّحابَ .. إنْ أردْنا إِعْمَالَها ..
وما هذِهِ الحَوادثُ وتِلكَ النّوائبُ إِلا زَواجِرَ و عِظاتٍ ..فَمنْ لَم يَتّعِظْ فِي مَمَرِّ الحَيَاةِ وَمَكْرُورِ أَيّامِها .. فَلْيَتّعِظْ بِذكْرِ المَوْتِ و رَحِيْلِ الأَمْواتِ .. فَهِي وَاعظٌ عَظِيمٌ لِمنْ أَلْقَ السّمْعَ وهُو شَهِيدٌ ..
وقَدْ كانتْ حياتُكَ لي عِظاتٌ ********** فأنتَ اليومَ أوعظُ منكَ حيّاً
اللّهم ارحَمْ عَبْدَكَ الشّيْخ عبدالله بن جِبْرِين .. وأَفْسِحْ له فِي قبرِه .. وتَجاوَزْ عن سيئاتِه .. وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِه فِي الغَابِرِين .. ونَوِّرْ ضَرِيْحَهُ .. وأَسْكِنْه الفِرْدَوسَ الأعْلَى ..
اللّهم أَبْدِلْه داراً خيْراً مِنْ دَارِهِ .. وَأهْلاً خَيْراً مِن أَهْلِه ..
اللّهم لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ ولا تَفْتِنّا بَعْدَه ..
المرءُ رهنُ مصائبٍ لا تنقضِي ********** حتّى يُوارى في ثرى رمسهِ
فمُعجّلٌ يلقى الرّدى في أهلهِ ********* ومؤجلٌ يلقى الرّدى في نفسهِ
يالله ..
سَقى اللهُ تِلكَ الأيامِ التي تحَلَّتْ بمكوثِه بيننا ..
أوْ رحلَ عنِ العينِ .. وتوارَى حيثُ يسكنُ وحدَه فِي قعْرِ لحدٍ بَلْقَعٍ .. لا أنِيسَ ولا صَاحبَ .. ولا والدَ ولا ولدٍ ..
اللّهُم لا رادَّ لقَضَائِك الذّي حمَّ ووَقَعَ .. ولا مُعَقِّبَ لحُكْمِك !
لا نَدْرِيْ هَلْ نَقولُ قدْ فقَدنَا وَالِدَنا ..!
أم شَيْخَنا ..!
أم مُرَبِّيَنا ..!
أمْ تِلْك الابْـتِسَامَة التي تُؤْنِسُ القلْبَ وَتُنْعِشُ الجَسدَ ،
لقدْ رَحلَ عَنّا بِذَاتِهِ وقَلَمِهِ .. ولَكنْ بَقِيَ أَثرُه يُرَفْرِفُ خَفّاقاً على سَوادِ الدّنْيَا ومَلءِ البسيطةِ ..
لتُضِيءَ لِمنْ رَامَ مَعالِم الطّريقِ نَحْوَ السّمُوِّ فِي الكلمةِ .. والسّماحةِ فِي الطّبعِ .. والغَزَارةِ فِي العِلْمِ .. والعُلُوّ فِي الهِمةِ ..
لَكَمْ كُنّا نَوَدُّ طُولاً مِنْ بَقَاءِ أَيّامِكَ .. وحِرْزاً مِنْ أُنْسِ أَوْقاتِكَ ..
ولَكنّ القَدَرَ أَسْبَقُ مِنَ الأَمَانِي ..
والمَوتُ أَسْرعُ خَطْواً إِلَى النّاسِ مِن العَافِيةِ .. يَدُبّ فِيهِمْ دَبِيْبَ القَطَا .. فَيَضْرِبُ بِسَوْطِهِ .. ويَتْرُك الصّغِيْرَ وآلَهٌ . .والكَبِيرَ مَشْدُوهاً ..
وَيُثْبِتُ لِلجَمِيعِ أَنّ القَدَرَ سِرُّ اللهِ فِي أَرْضِهِ .. وَسَهْمٌ نَافذٌ فَغَيرُ مردودٍ ..
لا نَدْرِي وَاللهِ بِمَ نُسَلّي أَنْفُسَنَا .. وَقَدْ فَقَدْنَا مِن الدّنْيَا نَعِيمَها .. وَمِن الحَياةِ عَافِيَتَها .. وَمِن السّعادةِ قِمّتَها .. وَصِرْنا مِن الحُزْنِ كَطَيْرٍ قُصّتْ مِنهُ أجْنحَتهُ .. وتَرَكَه سِربَه يُقَاسِي شِدّة الرّيحِ .. وقُوّةَ العاصِفةِ بمفردِه ..
فَلا الآلةُ تساعِدُ وَلا البَدنُ يَقْوَى على الصُّمودِ ..
اواهـ ياقلبي المكلـوم احقــا رحـــل شيخنـــــاااا؟!!!!!!
تتدافع الآلآم....وتصمت جميع العبارات....
يبقى الحزن مسيطراً.....
ففقدك عظيم ياشيخنـــــــــــــــا......
بأي الحروف نرثيك...؟؟ فإنها حقاً عاجزه ...
لأنك شيخ جليل جعل الله لك المحبة الصادقه في كل تلك القلوب....
فكيف سترثيك؟؟؟ لن تجد غير الدمع المهراق يفصح عن شي من ذلك الحزن لفقدك....
وستظل أكف الضراعه تبتهل للمولى أن يجازيك الله خير الجزاء...ويرزقك نعيماً تقر به عينك....
فوداعـــــــــــــــــــــــــــاً شيخنا الفاضل...
...وداعـــــاً يابن جبرين...
...لقائنا في الجنــــــــــــــــان...
اتْرُكْ هُمُومَك جَانِباً .. أَسْدِلْ جُفُونَك يَا قَمَرْ
وابْكِ الحَوَادِثَ كُلهَا .. أَغْرِقْ بِدَمْعِكَ يَا مَطَرْ
وَلْتُظْلِمِ الدُّنَيَا التِّي .. أَلِمَتْ لِحُكْمِكَ يَا قَدَرْ
رَحَلَ المُعَلِّمُ تَارِكاً .. عِلْماً وَنَهْجاً وَالأثَرْ
رَحَلَ الكَرِيْمُ مُخَلِّفاً .. دَرْباً يُنِيْرُ لِمَنْ صَبَرْ
رَحَلَ ابْنُ جِبْرِيْنَ الذّي .. كَتَبَ المَفَاخِرَ والعِبَرْ
رَحَلَ ابْنُ جِبْرِيْنَ الذّي .. بَاعَ الحَيَاةَ وَمَا اسْتَقَرْ
رَحَل ابْنُ جِبْرِيْنَ الذّي .. رَدَعَ المَفَاسِدَ والضَّرَرْ
رَحَلَ ابْنُ جِبْريِنَ ، اكْتُبُوا .. خَبَراً تَفَاقَمَ واسْتَعَرْ
نَثْراً وشِعْراً تَرْجِمُوا .. نَقْشاً عَلَى صَلْدِ الحَجَرْ
رَحَلَ ابْنُ جِبْرِيْنَ احْزَنُوا .. آهـٍ لقَلبِي المنكسر
والنَّاسُ بَيْنَ مُوَدِّعٍ .. وَمُؤَمِّلٍ كِذْبَ الخَبَرْ
والله قَدْ وَضَعَ الكِّتَابَ .. وَفِيْهِ مَوْتُكَ يَا بَشَرْ
يَا قَلْبُ فَاصْبِرْ إِنَّهُ .. شَيْخٌ تَكَلَّل بِالدُّرِرْ
يَا رَبُّ فَاجْمَعْنَا بِهِ .. فِي جَنّةٍ تَسْبِي النَّظَرْ
بكت علوم تدارسها مدى زمنٍ
كما بكت ذات طوق من على فننِ
عليه تبكي ؛ و تُبكي من بها شُغفوا
إذ عنهم غاب كنز العلم في زمني !!
فابكيه يا روح و ابكي العلم قد ذهب
مرافقاً جدثاً قد لُف في الكفنِ !
لم يبق منه سوى ما سطر القلم
أو قد وعاه زكي العقل و الفطنِ
و ابكي على روضة بالعلم ناضرة
قد غالها اليوم موت الشيخ في شجنِ
زار القلوب جميعاً , ما عدا مضغٍ
غذاؤها الحقد بين الزور و العفنِ !
لها أقول : رويداً يا رويبضة
من ابن جبرين فينا عاذقٍ لسنٍ
ألفٌ و مثلهم للتو قد وُلدوا
فديننا قائم بالفكر لا البدنِ
لو كان موت ذوي الأبدان ينقضه
لما بقي بعد باني الدين و السننِ !
حكم المنية فـي البريـة جـار
ما هـذه الدنيـا بـدار قـرار
بينا يرى الإنسان فيهـا مخبـرا
حتى يرى خبرا مـن الأخبـار
طبعت على كدر وأنت تريدهـا
صفوا من الأقـذار والأكـدار
ومكلف الأيام ضـد طباعهـا
متطلب في المـاء جـذوة نـار...
جاورت أعدائي وجـاور ربـه
شتان بيـن جـواره وجـواري