حين كنت صغيرة .. صغيرة للحد الذي استوعب معه ان الكبر لازال بعيداً عني
كان الثوب الأبيض للرجل .. يرمز لشيء هام ..!
شيءٍ أهابه .. و أخشاه .. و أشعر أن العالم يتوقف عليه ..!
كنت دوماً اعتقد ان الرجال شيء كبير جداً .. شيء ضخم .. هائل .. له قدره و وزنه .. و ثقله في هذه الحياة .. كانت وجوههم و أصواتهم روائحهم و عطورهم و أشياؤهم الخاصة التي تميزهم .. شيئاًً ملفتاً لنظري منذ كنت صغيرة...
ولازلت احمل في ذاكرتي صورة احد اقاربي صدف أن كنت في المكان و الزمان الخاطىء بالنسبة له .. و رأيت دموعه .. و رأيت حزنه و رأيت وجعه .. و رأيته يأخذ طرف شماغه البائس مثله .. و يحاول ان يزيل آثار هذه الدموع التي انسابت بحرقه ..
شعرت بها بداخل صدري قبل أن تكون بصدره ..!
حرقة لا أفهمها .. لكنها قصفت العالم يومها بداخلي ..!
قتلت شيئاً منه ومن وجهه المبتسم بداخلي .. لم يعد العالم مكاناً صالحاً للأحلام
و الصور التي كنت أرسمها لـ قوة الرجال و سطوتهم ..!
أقبل الكثير من مناظر الحزن و البؤس و الوجع .. منظر الدماء .. دموع الاطفال .. صراخ النساء .. أقبل كل شيء ..؛
إلا منظر رجلٍ يبكي ..! !!
عقلي لا يستطيع التعامل مع هكذا صورة .. لا يفهمها .. لا يستوعبها .. لا يعرف كيف يفك شفرتها ..!
قد تكون هنالك أسباب كثيرة تجبر الرجل على ذرف شيء من الدمع .. و لكن هذا لا يهم ..مايهم هو الصورة التي كنت ارسمها لهم بداخلي .. الصورة الذهنية التي استقيتها من البيت الذي تربيت عليه
بيت كان فيه رجل قوي جداً .. حنون جداً .. حازم جداً .. كان دوماً شيئاً أكبر من ان استوعبه .. و اعترف لازال ..!
عندما بلغت الرشد واصبح العقل يفوق العاطفه ماذا وجدت ...؟؟
انصدمت بالكثيرين منهم في اماكن كثيرة و مختلفة ....رأيت وجوهاً حقيقية لهم .. وجوه لأطفال صغار .. بحاجة لـ عطف .. لـ يد حانية .. لـ قلب طيب .. لـ كلمة صادقة و ان كانت مؤلمة ..!
لـ أشياء كثيرة .. لكنها ليست من نصيبهم ..!
وجوه بحاجة للصفع .. للقمع .. لإعادة تشكيل .. و غسيل .. و تركيب قطع صغيرة في العقل و الروح تكفل لمن يقترب منهم .. عدم التعب و العناء في التعاطي و التعامل معهم ..!
حقيقة .. لا ادري لِمَ اضع كل هذا .. لكن سلسلة الخيبات التي امر عليها و ليس بالضرورة أن امر من خلالها .. تجعلني اتساءل ..
هل يوجد رجل قادر على تحقيق احلامي الصغيرة التي اظن ان بإمكانه تغيير العالم ..؟؟؟
أقلها عالمي انا ..! !!
لا .. اعتقد !