محبة الأخيار والاتصال بهم
كتبت إلى بعض الفضلاء مكتوبًا؛ قلت فيه:
أخبرك يا أخي بما في قلبي لك من الود المبني على ما وصل إلي من أخلاقكم الجميلة وسيرتكم الحميدة
والرغبة الأكيدة بالاتصال بأمثالكم من الأخيار؛
فإن في الاتصال بالأخيار فوائدة عديدة أكبرها وأفضلها:
* أن هذه طاعة لله ورسوله، ومما يحبه الله ورسوله.
* ومنها: أن هذا تابع لمحبة الله ورسوله؛ فتمام محبة الله ورسوله محبة من يحبه الله ورسوله.
* ومنها: ما في ذلك من النصوص الحاثة على هذه المحبة، منها حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فذكر: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.[1]
* ومنها: أنه ورد عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عدة أدعية في هذا الشأن، منها قوله: "اللهم! إني أسألك حبك وحب من يحبك"[2]،
وكل مطلوب مسؤول كما عليك أن تسأله من الله؛ فعليك أن تسعى بجميع الأسباب الجالبة له المحصلة له؛
فالمؤمن يدعو الله بحصول المطالب الدينية والدنيوية،
وفي دفع المكاره، ومن لازم ذلك السعي في تحصيل المطلوب وفي دفع المكروه؛ فيجمع بين الدعاء والسعي في نيل المطلوب،
فالدعاء وحده من دون سعي قليل الجدوى.
* ومنها: أنه من أعظم المكاسب وأجل المغانم كسب صداقة الأخيار واغتنام أدعيتهم في الحياة وبعد الممات.
* ومنها: أنه بسبب ذلك ربما حصل إفادة أو استفادة من الطرفين، أو نصيحة من أحد الجانبين.
* ومنها: أنه بسبب ذلك يحصل من الأدعية والتوجيهات القلبية ما ينتفع به كُلٌّ منهما من الآخر في الحياة وبعد الممات.
* ومنها: أن هذا من البشرى في الحياة الدنيا، فمتى وفق العبد لمحبة الصالحين وصحبتهم والاتصال بهم؛ رجي أن يدخل تحت قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم : 96]؛ أي: منه ومن دعاء الصالحين.
* ومنها: أن الله تعالى يجمع لأهل دار السعادة جميع المسرات التي من جملتها الاجتماع في الجنة والمنازل العالية بمن يحبهم ويتصل بهم؛
كما قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد: 23]؛
فالأزواج هم النظراء في العمل والمحبة، وإن دخلت فيه الزوجات بوجه آخر؛
فبعض هذه الفوائد تكفي في الترغيب في محبة الأخيار والاتصال بهم.
نقلاً من كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد
للشيخ عبد الرحمن بن ناصر سعدي رحمه الله.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] كما في "صحيح البخاري" (660)، ومسلم (1031)
[2] أخرجه الترمذي (3490)- وقال: "حسن غريب"-، والحاكم (1/530). ولم يوافقه الذهبي.