وللكشف عن حقيقة دوافعك من النصيحة ومراقبة مؤشر الإخلاص في قلبك أجب على هذه الأسئلة أولا قبل إسداء النصيحة:
س1 ـ هل أنت محب ( لفلان ) الذي تنصحه ؟!. فإن كنت تحبه فبشارة خير. وإن كان غير ذلك فأجب على ما يلي:
س2 ـ هل تمنيت أن يكفيك غيرك بذل هذه النصيحة؟!!. فإن قلت : نعم فبشارة خير. وإن كان غير ذلك فأجب على ما يلي:
س3 ـ هل أحزنك صدور ذلك من (فلان) أم سررت بذلك ووجدتها فرصة لنصحه؟!. فإن قلت : نعم فبشارة خير. وإن كان غير ذلك فأجب على ما يلي:
س4 ـ هل كنت تتمنى أن تكون نصيحتك في السر بينك وبينه ، ولكنك لم تجد إلى ذلك سبيلا؟!!. فإن قلت : نعم فبشارة خير. وإن كان غير ذلك فأجب على ما يلي:
س5 ـ هل لو فعلها أحب الناس إليك كنت ستنصحه بنفس الكيفية والأسلوب ؟!. فإن قلت : نعم فبشارة خير. وإن كان غير ذلك فإليك هذه المذكرات الهامة :
1 ـ الإخلاص شرط لقبول العمل الصالح ، فإن فقده فهو طالح ؛ لحديث عمر مرفوعا: ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى…) رواه الشيخان.
2 ـ صح من حديث أبي أُمامةَ مرفوعا: ( إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه ) رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بإسناد جيد.
3 ـ هل تعلم أن علاج الإخلاص يكون بكسر حظوظ النفس ، وقطع الطمع عن الدنيا ، والتجرد للآخرة حتى يغلب ذلك على قلبك؟!.
4 ـ هل تعلم أنه قيل : (يا نفس اخلصي تتخلصي ) أي اخلصي لله تتخلصي من العذاب؟!.
5 ـ هل تعلم أن (رب عمل صغير يعظمه النية !! ورب عمل كبير تصغره النية) ؟!!.
يا أيها الحبيب يا من تريد بذل نصيحة لأحد العلماء أو الدعاة وتريد بها الخير استصحب معك هذه المعاني وأنت مقدم على نصيحة عالم أو نقده:
أ ـ ذكر أحد العلماء عند الإمام أحمد وكان متكئا من علة فاستوى جالسا وقال: ( لا ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ )!!!!!.
ب ـ قال الترمذي : ( لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم ) فكيف بعلماء زماننا ودعاتنا، وكيف بي أنا وأنت أيها الناصح الكريم ؟!!.
جـ ـ يجب على الجميع استيعاب حقيقة لا بد منها ، وهي وقوع الخلاف من عهد الصحابة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ لأن الخلاف سنة الله في خلقه وأسبابه كثيرة.
د ـ الفتوى غير ملزمة لأحد إن ترجح لديه مخالفتها لدليل معلوم لديه ، ولكن عدم الطعن في صاحب الفتوى والتشنيع بشخصه ملزم للجميع.
2 ـ (أن تقدم بين يديك محبة المنصوح أولا) :
وإظهار الشفقة عليه في ثنايا نصحك له، أذكر أن أحدهم كان كلما خاطبني في رسائله قال لي : (أخي الحبيب فلان) ، فلما بدا له أن ينصحني في مسألة ما قال : ( الأخ فلان ) ، فتعجبت لذلك وقلت له: عجبا لك!! ما خاطبتني قط إلا وتقول: أخي الحبيب ، فلما كان أحوج ما يكون الكلام لذلك عند النصيحة جردت ( أخ ) من ياء المتكلم التي تتضمن معنى التلطف والقرب وذكرته بقول إبراهيم عليه السلام لأبيه الكافر: { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} (مريم:42) وقول لقمان لابنه وهو ينصحه: { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ } (لقمان:17) ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه الكافر أبي طالب : ( يا عماه ). فتأمل ـ رحمك الله ـ .
فمحبة العالم أو الداعية ليست للونه أو جنسه أو جماعته ، إنما لما يحمله من بقايا إرث النبوة وهو العلم الشرعي.
وقد تقول : أنا لا أحبه ؛ لأنه يفتي بالطامات ومتساهل !!.
فأقول لك : فأخبرني ـ وفقك الله ـ هل ما يفتي به باجتهاده أم بالتشهي ؟!!.
فإن قلت : باجتهاده .
فأقول لك ما قاله شيخ الإسلام: ( فأما الصديقون والشهداء والصالحون ، فليسوا بمعصومين، وهذا في الذنوب المحققة، وأما ما اجتهدوا فيه: فتارة يُصيبون وتارة يخطئون. فإذا اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران. وإذا اجتهدوا وأخطئوا فلهم أجر على اجتهادهم، وخطؤهم مغفور لهم. وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازمين ، فتارة يغلون فيهم ويقولون: إنهم معصومون، وتارة يجفون عنهم ويقولون: إنهم باغون بالخطأ. وأهل العلم والإيمان: لا يعصمون ولا يؤثمون ).
والمرء يعجب من صغـيرة غيره ***أي امرئ إلا وفيه مقال
لسـنا نـرى من ليس فيه غميزة *** أي الرجال القائل الفعّال
وإن قلت : بل يفتي بالتشهي !!.
فأقول لك : وأين الدليل على ذلك ـ يرحمك الله ـ ؟!.
فإن قلت : مخالفته في فتواه النصوص الصريحة والصحيحة وجمهور أهل العلم؟!.
قلت لك : هل يلزم كل من تلبس بذلك أن تكون فتواه بالتشهي؟!.