بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
((::من يقول : أنه ابتلي بأكبر المصائب !!!))
أسرة" لديها 8 أبناء جميعهم متخلفون عقلياً.. يطلقون أصواتاً غريبة ولا يتكلمون أبداً "
أسرة ليست كبقية الأسر، لها وضع مختلف لا شبيه له على الاطلاق، ووضع لا يمكن وصفه إلا بالفريد من نوعه، حيث تعيش هذه الأسرة ظروف التخلف العقلي لجميع أبنائها الثمانية لكنها ومع ذلك تمتلك قدراً من الإيمان يضفي السكينة والطمأنينة على حياة هذه الأسرة المتواضعة، رغم حجم المأساة الثقيلة التي تعيشها، ولعل أول علامات هذه الطمأنينة أن رب الأسرة لم يوافق على الظهور علناً عبر وسائل الإعلام لكي لا يفهم أحد أنه يتسول فقد رضي بما قسمه الله تمام الرضا، ولم يمنح موافقته لنا إلا بعدما اقتنع ان نشر قضيته قد يكون سبباً في التخفيف عنه، ويسهم في فهم طبيعة هذه المشكلة وما هي علاقة الوراثة وزواج الأقارب فيها، أم أن هناك سبباً آخر قد يجد الطب الحديث له تفسيراً علمياً ومنطقياً لهذا التدهور العقلي الجسيم والذي ربما يكون لاحتكاك الأبناء ببعضهم البعض منذ ولادتهم وعدم اختلاطهم باقرانهم خارج نطاق المنزل دور سلبي في ذلك.
(الرياض) زارت الأسرة في بيتها المتواضع في حي البادية بمدينة حائل وذلك بعد قيام الأستاذ فهد الخرشاوي بالاعداد المسبق لهذه الزيارة حيث التقت بالوالد - دبّي مبارك الشمري وهو الوحيد ربما الذي لا يعاني من أية اعراض نفسية أو عقلية، وبعد أن لمسنا منه بعض التقبل اخبرناه بأننا بصدد اعداد مقابلة صحفية معه والالتقاء ببعض أفراد أسرته، إلا انه تردد بعض الشيء في البداية لكنه ما لبث ان وافق على اجراء هذه المقابلة ربما - وكما اسلفنا - لرغبته الفعلية في ايجاد من يشاطره أسرار قصة تقترب من الخرافة استمرت مكنونة في صدره طيلة عشرين عاماً مضت لا يعلم بها سوى العارفين لدبّي عن قرب فقط.
وبعد أن استضافنا في ديوانيته دار بيننا الحوار التالي:
رأينا في منزلك مشهداً لحالات يعجز اللسان عن وصفها أو العقل من تصديقها..
- قال: نعم هذا حال أبنائي وبناتي جميعاً وقد تعودت على هذا الوضع منذ سنوات طويلة.
ما هي الأعراض التي يعانون منها بالضبط؟
- لا أعرف بالضبط. يقال إنها ضعف في الذاكرة مصحوبة بتخلف عقلي شديد.
منذ متى وهم على هذه الوضعية؟
- منذ ولادتهم تقريباً ولا يتضح مستوى التخلف عند الواحد منهم حتى يبلغ سن السادسة من عمره.
هل جميع حالاتهم متشابهة؟
- لا "فرحان" الأكبر - 20سنة - هو أصعب الحالات لدي حيث انه لا يتكلم على الاطلاق ولا يتصرف كالبشر فهو لا يطلب الطعام أو يفهمنا انه جائع - مثلا - ولكن عندما نضع الطعام امامه لا يأكل إلا حينما نخرج جميعاً وندعه لوحده بحيث يكون المكان خالياً من الناس عندها فقط يبدأ بالأكل هو يأكل كل ما يوضع أمامه - أي شيء - وهو دائماً منكب على وجهه ولا يرفع رأسه أبداً - كما تراه - إلا إذا طلبت منه أنا ذلك، كما انه يطلق اصواتاً غريبة تشبه إلى حد ما أصوات بعض الحيوانات، أما الآخرون فأهون أمراً منه، يأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب ويتحركون ويفهمون ما نأمرهم به أحياناً لكنهم لا يتكلمون إلا بواسطة اصوات يطلقونها فيما بينهم كأصوات الحيوانات يترجمونها فيما بينهم بدقة.
وهل تفهمون انتم ما يقولون؟
- لا نحن لا نفهم إلا تصرفاتهم أما لغتهم الخاصة فلا نفهمها هم الذين يفهمونها فقط ونعرف ذلك من خلال تصرفاتهم فيما بينهم ولعبهم مع بعضهم البعض.
@ ماذا عن والدتهم؟
- والدتهم تقوم على شؤونهم ورعايتهم لكنها تعاني من بعض الاضطرابات النفسية أحياناً وهي أبنة عمي وإنسانة في منتهى الطيبة والبراءة.
من يقوم اذن بإعداد الطعام والعناية بالمنزل؟
- تقوم والدتهم بإعداد بعض الايدام قدر استطاعتها، أما المنزل ففوضى كما ترى.
هل راجعتم العيادات النفسية لعلاجهم؟
- نعم، وأخبرت بعدم امكانية علاجهم فالمرض - على ما يبدو - مرتبط بالوراثة أو صلة القرابة.
كم عدد المصابين بهذه الحالة في منزلك؟
- عددهم ثمانية خمسة أولاد وثلاث بنات أكبر الاولاد هو البكر "فرحان" الذي حدثتكم عنه واصغرهم هذه الشقية "سعدى" وعمرها ست سنوات.
ألم ينصحك أحد بايقاف الانجاب بعد قدوم أكثر من مولود بهذا الوضع الصحي المتدهور؟
- بلى، فعندما رزقت بفرحان ورأيت ما به من تخلف عقلي شديد تلقيت بعض النصائح بالتوقف عن الانجاب ولكن في كل مرة كنت أمل أن ارزق بمولود ولداً أم بنتاً سليمة تقوم بمساعدتي على رعاية من سبقوها، حتى انتهى الأمر بي إلى ان أطبب لوحدي العائلة بأكملها، وأضاف ومع هذا كله فأنا محتسب اجري على الله - عز وجل - ومن أراد أن يعرف نعمة ربه عليه فليزرني مرة.
ألم تنصح بايداعهم لدى مراكز الرعاية الحكومية؟
- لا أستطيع، ولا أرغب في ذلك فهؤلاء فلذات كبدي ولن يحدث ذلك إلا في حالة واحدة وهي عدم استطاعتي على القيام بدوري تجاههم كرب أسرة، اما بعجز أو مرض يحول بيني وبينهم - لا قدر الله.
وتابع يقول: الحكومة في حقيقة الأمر لم تقصر أبداً معنا أو مع غيرنا بذلت جهوداً لمحاولة علاجهم ولكن للأسف دون جدوى.
كيف استطعت التأقلم مع هذا الوضع المأساوي؟
- أنا جندي متقاعد منذ عشر سنوات ولله الحمد ايماني وجنديتي التي امضيت فيها ثلاثين عاماً في الحرس الوطني قد علمتني الصبر على الشدائد والمحن.
وهل تتقاضى راتباً تقاعدياً؟ وماذا عن المنزل؟
- نعم 2020ريالا راتبي ونعيش ولله الحمد أحسن عيشة أما المنزل فقد بنيته منذ أكثر من عشرين عاماً من صندوق التنمية العقاري ب , 300000ريال لكني وللاسف لم أسدد منه قرشاً واحداً حتى هذا اليوم وذلك ناجم عن ضعف امكاناتي المادية.
@ هل يزوركم أحد، وهل تتلقون مساعدات؟
- نعم يزورنا بعض الجيران ويطمئنون علينا، اما المساعدات فلله الحمد والمنة أن ولدت أنا وأبنائي في هذه البلاد المباركة المتكافلة والمتراحمة والمترابطة دائماً الحكومة لا تقصر والجمعيات أيضاً ومن بعض الأفراد الذين يعرفوننا جيداً، واضاف قائلاً: لك أن تتخيل لو أننا ولدنا في بلد غير السعودية ماذا ستكون عليه حالتنا وإلى ماذا ستؤول إليه اوضاعنا.
هل تغادر المنزل وماذا يفعل ابناؤك في غيابك؟
- أنا لم أسافر خارج مدينة حائل منذ سنوات طويلة والسبب هو عدم قدرتي على ترك أبنائي لوحدهم فهم لا يستطيعون تدبير شئونهم بدوني، لكني أذهب إلى السوق احياناً لشراء بعض المستلزمات الضرورية للمنزل.
كيف تتعامل معهم؟ وكيف يتعاملون معك؟
- بكل المودة والمحبة، صحيح انهم أشقياء وكثيرو الحركة الا انهم في منتهى الطيبة، أما أنا فاقسوا عليهم أحياناً ولكن ما البث ان أندم على ذلك.
الا تخاف منهم أحيانا؟
- على الاطلاق، فرغم حركاتهم التي يقومون بها امامك، إلا انهم مسالمون جداً ولا يؤذون أحداً أبداً.
لماذا اذن تسقف منزلك بالسياج الحديدي؟
- تعلم ان اعاقتهم العقلية شديدة، وهم ربما لا يدركون بعض المخاطر، واخشى ان يخرجوا لسطح المنزل فيؤذون انفسهم دون ان يعلموا وهذا السياج لحمايتهم من ذلك.
هل سبق ان خرج احد منهم للشارع مثلاً؟
- أبداً الا لفتح الباب في بعض الاحيان القليلة جداً وفيما عدا ذلك لم يسبق ان خرجوا من هذا المنزل ولدوا فيه جميعاً طيلة عشرين عاماً.
لماذا؟
- اخشى عليهم.
اتحبهم إلى هذه الدرجة؟
- قال: ومن لا يحب ضناه في هذه الدنيا يا بني والله لقد ابتليت بهم وبحبهم واؤكد لك انني احبهم لدرجة لا يصدقها بشر وافتخر بهم أمام الجميع واعلنها عبر جريدتكم "أنا فخور بابنائي غاية الفخر".
واردف يقول: هذا ابتلاء من الله عز وجل واختبار لي عساي أن أوفق فيه لما يحب ويرضى.
وفي نهاية اللقاء اصطحبنا دبّي في جولة داخل منزله لنشاهد عن قرب مدى الألفة والمحبة التي اكتنفت هذه الأسرة التي فقدت العقل ولكنها ربحت قلوباً تفيض حباً وبراءة.
تجولنا في ارجاء المنزل لنشاهد أم فرحان التي اقبلت مرحبة وسط دعواتها الصادقة لنا بالتوفيق والنجاح، وهي منهكة في اعداد وجبة العشاء لأفراد الأسرة وفق استطاعتها - كما قال دبّي - ولنشاهد فرحان في تلك الزاوية من المنزل في الوضعية التي وصفها والده مطرقاً برأسه ينتظر الغد القريب ماذا عساه ان يحمل لوالده الذي أعياه التعب، ولنستعرض مذهولين تلك الغرف - ان صح التعبير - مابين غرفة معيشة وغرفة تخزين الملابس.. تطوف اعيننا في أرجاء ذلك المنزل بينما يلهو الابن "سلطان" بوسيلة الترفيه الوحيدة في المنزل جعل يتدلى ويتعلق بها متأرجحاً تأرجح حظوظ بعض البشر بين السعادة والشقاء، فهل سيصمد دبّي أو لا يصمد.
المصدر .. جريدة الرياض
الحمد لله .. الحمد لله
الحمد لله على نعمه
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
((منقول
من رسايل الايميل))