الظلــــــــم والعـــــدوانسبب هزيمة المؤمنين
فضيلة الشيخ العلامة / عبدالله بن جبرين حفظه الله
كثيراً ما يذكرنا الله تعالى
بنعمة الهداية وبنعمة إرسال الرسل،
منها قوله تعالى:
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ
يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }
فيذكرهم سبحانه بهذه النعمة
حيث كانوا قبل الإسلام في جاهلية في جهل عميق،
وكانوا في ضلال،
وكانوا في فقر وفي فتن وفي خوف،
كانوا يتقاتلون يقتل بعضهم بعضا،
وكانوا ينهب بعضهم بعضاً،
لا يأمن أحدهم إذا سار وحده.
فلما جاء الإسلام
ألّف الله تعالى بينهم
قال الله تعالى:
{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ }
أصبحوا متآلفين متآخين
إخوة في الله تعالى،
يحترم بعضهم بعضا
ويقدر بعضهم بعضاً هكذا،
وسبب هذا الأمن!!!
هو الايمان
الذي امتلأت به القلوب؛
لما أنهم آمنوا بالله تعالى
امتلأت قلوبهم بالإيمان؛
فعلموا أن الله تعالى يعاقبهم
على الاعتداء وعلى الظلم،
أنزل الله قوله تعالى:
{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ }
البغي:
هو الاعتداء بغير حق،
اعتداء من القوي على الضعيف،
ونهب وسلب وقتل وقتال،
حيث ليس هناك رادع إيماني؛
فكان بعضهم ينهب بعضاً ويسبي بعضهم بعضا،
وكذلك قد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-
بوقوع ذلك أيضا،
أخبر بأنه يقع في الأمة هذا الاعتداء من بعده،
وقال -صلى الله عليه وسلم-
(إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها،
وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها،
وأعطيت الكنزين -الأحمر والأبيض-
وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة،
وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم
فيستبيح بيضتهم،
وإن ربي قال:
يا محمد إني أعطيتك لأمتك
ألا أهلكـــــــــــــــــــــهم بسنة عامة،
وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم؛
حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً،
ويسبي بعضهم بعضا).
المعنى:
إذا وقع منهم العدوان،
وقع منهم الظلم من بعضهم على بعض،
وقع بينهم القتال،
ووقع بينهم النهب والسلب؛
فلا يأمنون أن يتسلط عليهم العدو
فيسومهم سوء العذاب،
هكذا فسره العلماء وهذا هو الواقع.
إذا نظرنا مثلاً إلى ما الذي سلط التتار
على المسلمين في أول القرن السابع،
في القرن السابع وما بعده ؟
لا شك أنه الاختلاف بين الأمة،
لما اختلفوا ولما صار بعضهم يقاتل بعضا
وتفرقوا وصاروا أحزاباً وصاروا شيعا،
انتهز العدو هذا الاختلاف ؛
فعند ذلك تسلطوا على ما يليهم
وقتلوا من المسلمين
ألوف الألوف من بغداد ونحوها،
قتلوا ما يزيد على المليون،
ثم ساروا إلى الشام ؛
ولكن انتبه المسلمون بعد ذلك
واجتمعت كلمتهم وتقاتلوا مع أولئك التتار
إلى أن ردهم الله تعالى ونصر المؤمنين،
واجتمع المسلمون بعد ذلك.
وهكذا أيضاً ما الذي سلط النصارى
في القرن الماضي
حتى استولوا على كثير من البلاد الإسلامية
واستعمروا البلاد،
وقتلوا من قدروا عليه،
وصاروا هم المسيطرون والمتسلطون على تلك البلاد؟
هو بسبب الاختلافات .
ولا شك أيضاً أن الخلافات
سببها ضعف الايمان
وقلة الديانة
فكان ذلك سبباً
في أن سلط الله تعالى عليهم
عدواً من سوى أنفسهم؛
فاستباح بلادهم
وقتل رجالهم
وأذلهم بسبب الاختلاف بينهم،
وكان أهل هذه البلاد أيضاً
- أهل هذه المملكة - في اختلاف بينهم؛
بحيث أن أحدهم لا يأمن أن يسافر وحده
لكثرة من يقطع عليه الطريق،
سبب ذلك ضعف الإيمان؛
فلمّا جمعهم الله تعالى في هذه الدولة
((على يد الملك عبدالعزيز= رحمه الله))
-والحمد لله- أمنت البلاد واطمأنت،
وصار بعضهم يحترم بعضاً،
ولا يخون أحدهم أخاه،
كل ذلك بسبب الإيمان
الذي وقر في القلوب.
منقول