كفى لوماً أبي أنت الملامُ *** كفاك فلم يَعُدْ يُجدي المَلامُ
بأيِّ مواجعِ الآلام أشكوا *** أبي من أين يُسعفني الكلامُ
عفافي يشتكي وينوحُ طهري *** ويُغضي الطرف بالألم احتشامُ
أبي كانت عيونُ الطهر كحْلى *** فسال بكحلها الدمعُ السِّجامُ
تقاسي لوعة الشكوى عذاباً *** ويجفو عين شاكيها المنامُ
أنا العذراءُ يا أبتاه أمست *** على الأرجاس يُبصِرُها الكرامُ
سهامُ العارِ تُغْرَسُ في عفافي *** وما أدراك ما تلك السهامُ ؟!
أبي من ذا سيغضي الطرف عذراً *** وفي الأحشاءِ يختلجُ الحرامُ
أبي من ذا سيقبلني فتاةً *** لها في أعين الناس اتهامُ !!؟
جراحُ الجسمِ تلتئمُ اصطباراً *** وما للعِرْضِ إن جُرِحَ التئامُ!!
أبي قد كان لي بالأمس ثغرٌ *** يلفُّ براءتي فيه ابتسامُ
بألعابي أداعبكم وأغفو *** بأحلامٍ يطيبُ بها المنامُ
يقيمُ الدارَ بالإيمانِ حزمٌ *** ويحملها على الطهر احتشامُ
أجبني يا أبي ماذا دهاها *** ظلامٌ لا يُطاق به المقام ُ
أجبني أين بسمتها لماذا *** غدا للبؤس في فمها ختامُ
بأي جريرة وبأيِّ ذنبٍ *** يُساقُ لحمأة العارِ الكرامُ
أبي هذا عفافي لا تلمني *** فمن كفيك دنّسه الحرامُ
زرعتَ بدارنا أطباق فسقٍ *** جناها يا أبي سمٌّ وسَامُ
تشُبُّ الكفرَ والإلحادَ ناراً *** لها بعيون فطرتنا اضطرامُ
نرى قِصَصَ الغرامِ فيحتوينا *** مثارُ النفس ما هذا الغرامُ !!
فنون إثارةٍ قد أتقنوها *** بها قـلبُ المشاهِد مستهامُ
نرى الإغراءَ راقصةً وكأساً *** وعهراً يرتقي عنه الكلامُ
كأنَّك قد جلبت لنا بغيّاً *** تراودنا إذا هجع النيامُ
فلو للصخر يا أبتاه قلبٌ *** لثارَ 000 فكيف يا أبت الأنامُ
تخاصمني على أنقاض طهري *** وفيك اليومَ لو تدري الخصامُ
زرعت الشوك في دربي فأجرى *** دمَ الأقدامِ وانهدَّ القَوَامُ
جناكَ وما أبّرّيء منه نفسي *** ولستُ بكلِّ ما تَجْني أُلامُ
أبي هذا العتابُ وذاك قلبي *** يؤرّقه بآلامي السقامُ
ندمتُ ندامةً لو وزّعوها *** على ضُلاّل قومي لاستقاموا !!!
مددتُ إلى إله العرش كفى *** وقد وَهَنَتْ من الألم العظامُ
إلهي إن عفوتَ فلا أُبالي *** وإن أرغى من الناس الكلامُ
أبي لا تغضِ رأسك في ذهولٍ *** كما تغصيه في الحُفَرِ النَّعامُ
لجاني الكرْم كأسُ الكرم حلوٌ *** وَجَنْيُ الحنظل المرُّ الزؤامُ
إذا لم ترضَ بالأقدارِ فاسألْ *** ختام العيش إن حَسُنَ الختامُ
وكبّرْ أربعاً بيديك واهتف *** عليك اليومَ يا دنيا السلامُ
أبي حطمْتَنِي وأتيتَ تبكي *** على الأنقاض ما هذا الحُطامُ ؟!!
أبي هذا جناك دمَاءُ طْهري !! *** فمن فينا أيا أبتِ المُلامُ !!؟
الشاعر محمد بن عبدالرحمن المقرن
كتاب مليكة الطهر ص135