بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله مجري السحاب وهازم الاحزاب خالق كل شيء من عدم رازق العباد النعم ....
انعم على عباده واغدقهم بنعم لاتعد و ولا تحصى ووعدهم ان شكروا بالزياده ...
رزقهم بزينة الحياة الدنيا النال والبنون ...
والصلاة والسلام على افضل خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه والتابعين له باحسان الى يوم الدين.....
إن الذين آمنوا بالله حقا وصدقا، ورسخ الإيمان في قلوبهم، يحسنون الظن بالله تعالى، ويعلمون أن الله جواد كريم يحب الكرماء، فهم يتقربون إليه ببذل المال في سبيله، يقرؤون آياته وهي تمدح المتصدقين وتعدهم بالثواب وتمنيهم بحسن الجزاء فتهفو نفوسهم إلى هذا النعيم الذي يقرؤون أخباره بألسنتهم ولكن صورته في قلوبهم قد ارتسمت، ومن ثم فهم ينفقون سرا وعلانية يحذوهم الشوق إلى رضوان الله تعالى.
ان من عظم نعم الله على بني آدم ان انعم عليهم بزينة الدنيا المال والبنون فهاتين اعظم نعم ووعدهم بزيادة ان هم شكروا فقال في كتابه الكريم (( ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد )) من يشكر نعم الله له المزيد ومن يكفر ويجحد فسيحترق بها في نار جهنم يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم .....
شكر الله ليس بالقول بل يتطلب فعل والفعل يكون بإتيان حق الفقراء والمساكين من هذه الاموال بالتصدق عليهم وسد جوعهم وصنع ابتسامه رضا على وجوه الايتام الصغار ......
وعن عبد الرحمن السلماني مولى عمر رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إذا سأل سائل فلا تقطعوا عليه مسألته حتى يفرغ منها ثم ردوا عليه بوقار ولين ببذل يسير أو برد جميل، فإنه قد يأتيكم من ليس بإنس ولا جان ينظرون كيف صنيعكم فيما خولكم اللَّه "
فالصدقه لها فضائل عظيمة فقد تنجي صاحبها من كوارث الدنيا ومصائبها فهي تقي مصارع السوء كما جاء في الحديث قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "ما من رجل يتصدق في يوم أو ليلة إلا حفظ من أن يموت من لدغة أو هدمة أو موت بغتة"
فكما انها تقرب العبد ممن حوله وتحببهم فيه وتزيده قرب من خالقه وتجعل له مكانه بين الناس وقد تكون مقربة للجنه ومبعده من النار فقد قال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم ((البخيل بعيد من اللَّه بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار. والسخي قريب من اللَّه قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من الناس )) ....
ففي الصدقه بركة وشفاء ودواء للمريض كما قال افضل خلق الله صلى الله عليه وسلم ((حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة واستقبلوا أنواع البلاء بالدعاء )) .......
علها تكون حصن حصين لك ياعبد الله يوم القيامه يو لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم يوم تقابل رب العزة والجلال ويقول عبدي ماذا قدمت فعل تمرة انفقتها في سبيل الله تكون لك نجاة من النار كما قال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: (( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه فينظر أيمن منه فلا يرى شيئاً إلا ما قدمه. ثم ينظر شمالاً منه فلا يرى شيئاً إلا قدمه" ثم ينظر أمامه فلا يرى شيئاً إلا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة )) ......
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}
ويقال إن نزول هذه الآية كان في شأن رجل من الأنصار، وذلك ما رواه الحسن "أن رجلاً أصبح على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صائماً فلما أمسى لم يجد ما يفطر عليه إلا الماء فشرب، ثم أصبح صائماً ثم أمسى لم يجد ما يفطر عليه إلا الماء فشرب، ثم اصبح صائماً فلما كان اليوم الثالث أجهده الجوع، ففطن به رجل من الأنصار فلما أمسى أتى به منزله فقال لأهله قد نزل بنا الليلة ضيف فهل عندنا طعام فقالت إن عندنا من الطعام ما يشبع الواحد وكانا صائمين ولهما صبي، فقال لها إن نطعم ذلك ضيفنا ونصبر الليلة، فنوّمي الصبي قبل وقت العشاء وإذا قربت الطعام فأطفىء السراج حتى يرى الضيف أنا نأكل معه حتى يشبع فجاءت بثريدة فوضعتها ثم دنت من السراج كأنها تصلحه فأطفأته فجعل الأنصاري يضع يده في القصعة بين يديه ولا يأكل شيئاً فأكل الضيف حتى أتى على ما في القصعة فلما أصبح الأنصاري صلى مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الفجر فلما سلم النبي صلى اللَّه عليه وسلم أقبل على الأنصاري وقال
لقد عجب اللَّه تعالى من صنيعكما يعني رضى به وتلا هذه الآية {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} يعني يؤثرون بما عندهم لغيرهم ويمنعون أنفسهم وإن كان بهم مجاعة (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ المُفْلِحُونَ )) يعني من يدفع البخل عن نفسه فأولئك هم الناجون من عذابه.....
فايثار الصدقه على انفسنا هي من اعظم الصدقات فكما ان اجرها عظيم عند الله عز وجل ولايضيع الله اجر عامل يعمل خيرا فهي ايضا اتباع لسنة رسولنا صلى الله وعليه وسلم ولصحابته الكرام الذين كانوا ايديهم سخيه لعمل الخير ودفع البلاء وحصد الحسنات بالصدقه .....
وروى عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أنها كانت جالسة ذات يوم إذ جاءتها امرأة سترت يدها في كمها،
فقالت لها عائشة مالك لا تخرجين يدك من كمك؟
قالت لا تسأليني يا أم المؤمنين،
قالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها: لابدّ لك أن تخبريني؟
فقالت يا أم المؤمنين إنه كان لي أبوان فكان أبي يحب الصدقة وأما أمي فكانت تبغض الصدقة، فلم أرها تصدّقت يوماً تصدقت بشيء إلا قطعة شحم وثوباً خلقا، فلما ماتا في المنام رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت ورأيت أمي قائمة بين الخلق والخلقة موضوعة على عورتها ورأيت الشحمة بيدها وهي تلحسها وتنادي واعطشاه
ورأيت أبي على شفير الحوض وهو يسقي الماء ولم يكن عند أبي صدقة وأحب إليه من سقيه الماء، فأخذت قدحاً من ماء فسقيت أمي فنودي من فوق ألا من سقاها شلت يده فاستيقظت وقد شلت يدي....
اما من يبخل ويأمر الناس بالبخل وعدم ايتاء الزكاة وحق الفقراء من هذه الاموال والتصدي لها فقد وعد بعذاب شديد كما قال الله تعالى في كتابه الكريم ((الذين يبخلون ويامرون الناس بالبخل ويكتمون مااتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا ))
ولا يحسب اولائك الذين يبخلون بان اقتصادهم في الاموال وحصدهم لها خير لهم بل هو شر لهم كما فقد قال الله تعالى في ذلك ((ولايحسبن الذين يبخلون بما اتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون مابخلوا به يوم القيامه ولله ميراث السموات والارض والله بما تعملون خبير )) .........
اللهم اني اسألك بكرمك وجودك وحلمك ان تهبنا والمسلمين يدا سخيه بالصدقه وحبا لعمل الخير وزدنا قربا لجانبك واغفر خطايانا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مسلمين ولا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب .....
اخواتكم في الله
دعاة الحور