بينما كان أحد الصالحين يمشى ذات يوم من الأيام فوجد رجلا يشوى لحما فى النار فبكى الرجل الصالح فقال له الشواء : ما يبكيك؟ هل أنت محتاج إلى اللحم ، فقال الرجل الصالح : لا . فقال له الشواء : إذن فما يبكيك ؟ فقال الرجل الصالح : إنما أبكى على ابن آدم . يدخل الحيوان النار ميتا وابن آدم يدخلها حيا.
ذكر فى الأثر أن لقمان الحكيم أمر بذبح شاه وان يؤتى بأطيب ما فيها .. فأتى بالقلب واللسان .. وبعد أيام أمر بذبح شاه أخرى وأن يؤتى بأخبث ما فيها فأتى بالقلب واللسان : فسئل عن ذلك فقال: هى أطيب ما فيها إذا طابا وأخبث ما فيها إذا خبثا.
ذكر فى الأثر أن الخضر عليه السلام قال لموسى عليه السلام : يا كليم الله عجبت لك، لمتنى على أننى خرقت السفينة خوفا أن يغرق أهلها أنسيت الذى حفظك من الغرق يوم ألقتك أمك فى الماء، يا كليم الله لمتنى على أنى قتلت غلاما بغير نفس أنسيت يوم قتلت رجلا من آل فرعون وقلت ربى إنى ظلمت فاغفر لى فغفر لك . يا كليم الله لمتنى على أننى أقمت الجدار بدون أجر أنسيت يوم سقيت الغنم لبنات شعيب بدون أجر هذه ثلاثة بثلاثة.
قال الحسن البصري: يا ابن آدم إنما أنت عدد فإذا مضى يومك فقد مضى بعضك، إنما الدنيا حلم والآخرة يقظة والموت متوسط بينهما ونحن فى أضغاث أحلام، من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن نظر فى العواقب نجا، ومن أطاع هواه ضل، ومن حلم غنم، ومن خاف سلم، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم، ومن علم عمل، فإذا ذللت فارجع، وإذا ندمت فأقلع، وإذا جهلت فأسأل، وإذا غضبت فأمسك، وأعلم أن خير الأعمال ما أكرهت عليه النفوس.
قال أحد الفقهاء إذا وضع الرجل الطعام بين يديه وأقيمت الصلاة فلا بأس بأن يفرغ من الأكل أولا ثم يصلى إذا كان لا يخاف فوت الوقت ، لأنه لو كان فى الطعام وقلبه فى الصلاة كان ذلك أفضل من أن يكون فى الصلاة وقلبه مع الطعام