اسمع كيف الخالق يثني على المخلوق " وإنَّك لعلى خلق عظيم"
لم يقترن اسم نبي من الأنبياء باسم الله جل جلاله إلا محمد صلى الله عليه وسلم فقد اقترن ذكره في مواضع عديدة !
يكفيك عن كل مدح خالقه = واقرأ بربك مبدا سورة القلم !
شهمٌ تشيد به الدنيا برمتها = على المنائر من عرب ومن عجم !
أما آن لك أن تذرف الدمع شوقاً وحباً لهذا الرجل !
لتعلم إذن أنَّ الخير الذي أنت فيه كان بسببه وقد لاقى صنوف الأذى بسبب ذلك , ثم لا يكون لذكره والصلاة عليه في يومك وقت ولا سعة !
اسمع بعض ما لاقاه :
فوضت أمرك للدَّيان مصطبرا = بصدق نفس وعزم غير منثلم !
ولّى أبوك عن الدنيا ولم تره = وأنت مرتهن لازلت في الرحم !
وماتت الأم لما أن أنست بها = ولم تكن حين ولّت بالغ الحلم !
ومات جدك من بعد الولوع به = فكنت من بعدهم في ذروة اليتم !
فجاء عمك حصناً تستكن به = فاختاره الموت والأعداء في الأجم !
تُرمى وتُؤذى بأصناف العذاب فما = رؤيت في ثوب جبار ومنتقم !
حتى على كتفيك الطاهرين رموا = سلا الجزور بكف المشرك القزم !
أما خديجة من أعطتك بهجتها = وألبستك رداء العطف والكرم !
غدت إلى جنة الباري ورحمته = فأسلمتك لجرح غير ملتئم !
والقلب أفعم من حب لعائشة = ما أعظم الحب فالعرض الشريف رمي !
وشج وجهك ثم الجيش في أحد = يعود ما بين مقتول ومنهزم !
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت = به حياتك بات الأمر كالعدم !
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما = رأيت من لوعة كبرى ومن ألم !
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب = في عزم متقد في وجه مبتسم !
بنيت بالصبر مجداً لا يماثله = مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمِ !
الريشة الثانية :
نعم أعرفك من زمن بعيد , فاسمك سمعته كثيراً وأسر بسماعي له , أليست هذه حالنا مع من يأتينا خبره بأنه يُثني علينا في كل مجلس ويَذْكُرنا كثيراً ويدعو لنا ويُدافع عنا إذا رأيناه وعرَّفنا بنفسه ! هذا بالتشبيه حالنا في يوم شديد كربه, عظيم خطبه, فضيع هوله ! مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فأي سعادة تلك السعادة وأي شرف ذاك الشرف وأي أمان في ذلك اليوم من هذا الأمان !