السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشتكي البعض من ضعف العزيمة في البحث و الإطلاع والعمل لدين الله بل حتى إن البعض يعلن عدم الراحة والضجر على الدوام وقد يكون من أهل الخير والصلاح فعلام هبت على الروح أتربه غبراء ، حتى إنك ترى من يعيش بلا هدف وربما صلى وصام أو حج فتجده يعيش بلا أماني تنقلة إلى المعالي وتأخذ به ألي أعز المطالب.
ولا شك أن الهمم تتفاوت حتى بين الحيوانات :
فهذه العنكبوت من حين يولد ينسج لنفسه بيتاً ، ولا يقبل منة الأم .
وأما الحية تطلب ما حفر غيرها إذ طبيعتها الظلم
والغراب يتبع الجيف والصقر لا يقع إلا على الحي
والأسد لا يأكل البايت من اللحم ، والفيل يتملق حتى يأكل، والخنفساء تطرد متعود.
فإن من الناس من همته كالأسد في نظره للمعالي وفي العلو كالصقر بحب الشرف والبحث عن معالي الأمور ، ومنهم من طبعة طبع غراب يظهر عوار الناس ويتتبع سقطاتهم وبعضهم بلغ في أخذ طباع الحية فلا
يأنس إلا بالظلم فساعة يسرق ما تعب فيه الآخرون سواءً من علم أو فكرة دون نسبتها لصاحبها والتفرد بأشياء على حساب تشويه سمعت الطرف الآخرين .
وكما قال أحمد بن خضرويه: (( القلوب جوالة: فإما أن تجول حول العرش أوأن تجول حول الحشّ))
ونردف ذلك بكلام رائع يا صاحب الهمة للعلامة أبن القيم عليه رحمه الله تعالى
(الأرواح في الأشباح كالاطيار في الأبراج، وليس ما أعد للأستفراخ كمن هيئ للسابق)
فأسأل نفسك يا صاحب الهمة بأي همه تعيش ولأي طموح تتوق
قلت للصقر وهو في الجو عالٍ *** أهبط الأرض فالهواء جديب
قال لي الصقر: في جناحي وعزمي *** وعنان السماء مرعى خصيب
وهذه همه عجيبة لعمر بن عبد العزيز عليه رحمه الله تعالى:
حيت قال لدكين لما جاءة:
"يادكين، إن لي نفساً تواقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة فلما نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة"
وهذا يحي بن يحي رحل إلى الإمام مالك وهو
صغير رحم الله الجميع وسمع منه وتفقه، وكان مالك يعجبه سمته وعقله، روي انه كان عند مالك في جمله من أصحابه، إذ قال قائل: "قد حضر الفيل" فخرج أصحاب مالك لينظروا إليه غيره (أي غير يحي ويبقى هو مكانه في الدرس ) فقال له مالك:" لم لا تخرج لترى الفيل"لأنه لا
يكون بالأندلس"فقال له يحي إنما جئت من بلدي لأنظر إليك وأتعلم من هديك وعلمك ولم أجئ لأنظر إلى الفيل فأعجب به مالك، وسماه(عاقل أهل الأندلس)
فآه ثم آه من شباب شابة هممهم قبل مشيب شعرهم أصبحت همت أحدهم لقمة ولباس ومركب ، الذهاب إلى لمطعم شهي والحرص على ملبس دفي ، والطموح لمركب وطي فأين همة احمد
وورع سفيان وبكاء الربيع وخشوع الفضيل
فأين أنتم يا أهل الهمم :
من طلب عز النفس عن الدنيا وحملها إلى جنات ونهر في مقعد صدق مليك مقتدر.
أين انتم من المسابقة في طاعات وقربات وأنتهاز مواسم الخيرات والإقبال بصدق على رب الأرض و السموات بهمة مشتاق,وإقبال محب
غاب وظهور شوق ثاب فعالي الهمة للقرآن في حياته نصيب وسنة محمد صلى الله عليه وسلم له جمال فحرك الهمة ونمى العزيمة وقوي الذاكرة وأشحن القلب بحب المعالي لا التواني وإياك وأهل الأماني .
إني رأيت وقوف الماء يفسده *** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما اقترفت *** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة *** لملها الناس من عجم وعرب
فيا خاملين تحركوا ويا خامدين أستيقضوا ويا هامدين أنتشروا فمجالات الهمة كثيرة فلا نكثف الجهد ولنجد في الطلب ولنحرص على الأدب ومصاحبة أهل اللب والإرب دون العجاف فإنهم بقرات عجاف .
كتبه
فضيلة الشيخ:إبراهيم بن مبارك بوبشيت
إمام وخطيب جامع علي بن أبي طالب رضي الله عنه