غزة – فضائية الأقصى - وكالات
أمام متجره يجلس الجزار "محمد الحلو" بوجهٍ واجم، ينظر للمارة في الذهاب والإياب وكأنه يستجديهم بالشراء أو حتى إلقاء نظرة.
بعلامات الضيق والتذمر بدأ "الحلو" "فقدت جميع زبائني.. الناس تخاف السؤال عن سعر اللحوم فما بالكم بشرائها!! المارة يكتفون بالنظر إليها عن بعد".
وبمرارة أضاف: "في الماضي كنا نبيع أكثر من عجلين في اليوم الواحد، أما الآن فلا نكمل بيع نصف عجل".
أبو ماهر أب لثمانية أطفال قال "بت أخشى على أطفالي من الإصابة بأمراض سوء التغذية وفقر الدم.. الحليب غير موجود والألبان والأجبان مفقودة.. أما المعلبات فهي رديئة.. واللحوم فهي غالية الثمن ولا أشتريها سوى مرة كل شهر.. والآن لا مفر من الوجبات الشعبية".
ويعود سبب غلاء اللحوم في قطاع غزة إلى عدم سماح (إسرائيل) بإدخال العجول إلى القطاع المحاصر، وارتفاع أسعار الأعلاف المخصصة للماشية، بالإضافة إلى ممارسات الاحتلال من تجريف وتخريب كافة مزارع المواشي الموجودة في قطاع غزة وهو ما أدى إلى ندرة الثروة الحيوانية.
أريد لبنا
"وسن" صاحبة الأعوام الثلاثة لم يستوعب عقلها الصغير أنها لن تتناول اللبن طالما بقيت المعابر مغلقة.. بنبرات حزينة قالت والدتها "لا أدري ماذا أفعل معها؟؟ ترفض تناول أي شيء غير اللبن.. بحثنا عنه في كل متجر والإجابة واحدة للأسف غير موجود".
وحال الطفل "أنس أحمد" لم يختلف عن "وسن" فهو الآخر يعشق اللبن ويعتبره طعامه المفضل وعندما جلب والده اللبن بعد عناء شديد بدا وكأنه وجد كنزا ثمينا أخذ يرقص طربا ويغني للبن ويداعبه.
ويشكو المواطنون القاطنون في قطاع غزة من شح المواد الغذائية الأساسية وإن وُجدت فأسعارها خيالية في ظل تشديد الحصار على القطاع وإغلاق المعابر منذ واحد وعشرين يوما.
معدتي تشتكي
"زيت.. زعتر.. زيتون.. معلبات.. سلطة.. تلك هي وجبتي الرئيسية فمنذ أسبوعين في الصباح وقبل ذهابي للمدرسة أتناول الزعتر والزيت وعندما أعود للبيت لا أجد سوى السلطة أو المعلبات"، بتلك العبارات الحانقة يبدأ حمزة "15 عاما" بصراخه الذي يملأ أرجاء البيت فور قدومه من المدرسة ودخوله المطبخ.
بامتعاض وحسرة روت أم عمار حكايتها الأسبوعية مع الطبخ: "كل ثلاثة أيام أعد وجبة واحدة، فغاز الطهي على وشك النفاد من بيتي.. وباقي الأسبوع أكتفي بالمعلبات والنواشف والسلطات".
"ريم" لم تفلح في إقناع والدتها بتجهيز وجبتها المفضلة الفطائر والبيتزا بحجة نفاد غاز الطهي وبأسف شديد قالت: "لم أعد أحتمل أكثر، كل يوم فول أو حمص.. أريد فطائر جبنة أو لحمة.. أشعر أن أمعائي قد اهترأت وأصابها الصدأ
وباتت العديد من الأسر الغزاوية تعتمد في وجباتها على المأكولات الشعبية الجاهزة كـ"الفول والحمص والفلافل"، بينما تعتمد أسر أخرى على الزعتر والزيت والزيتون، أما الأكل الصحي المتوازن فأصبح في خانة "المستحيل".
وكانت عدة مؤسسات صحية وحقوقية قد حذرت من تفاقم سوء الأوضاع الغذائية في أوساط أهالي قطاع غزة الذين يعيشون ظروفًا صعبة خلفها الحصار الخانق، وقالت المنظمات إن معدلات الفقر والبطالة تزداد يوما بعد يوم.
للجامعات نصيب
وللجامعات في القطاع نصيب من المعاناة في ظل تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة بسبب توقف مطاعمها عن تقديم الوجبات لثلاثين ألف طالب وطالبة، نتيجة لعدم توفر كميات الغاز اللازمة لتشغيلها.
مؤمن الطالب في الجامعة الإسلامية بغزة وقف متأففا في طابور طويل ينتظر دوره للحصول على وجبة الإفطار من مطعم قريب من الجامعة وبتذمر يملأ وجهه قال :"مطعم الجامعة أُغلق منذ أسبوعين لنفاد الغاز.. كل يوم أخرج من الجامعة أبحث عن أي شيء آكله فمحاضرتي طويلة وكل يومي أقضيه بالجامعة"، أما صديقه رامي فالتقط منه طرف الحديث قائلا: "لا بد لنا أن نقف بهذا الطابور ونتأخر عن محاضراتنا.. ومن الآن فصاعدا سأحضر طعامي معي من المنزل كما كنت سابقا في المدرسة".
ويُعاني القطاع من حصارٍ مشدد فرضته (إسرائيل) منذ عامين ويزيد، وازدادت وطأته خلال الأسابيع القليلة الماضية.
نسأل الله أن يعينهم ويثبتهم ويأكلهم من خيراته وحسبي الله ونعم الوكيل