قال أبو الدرداء رضي الله عنه: اغسلوا أربعاً بأربع: وجوهكم بماء أعينكم، وألسنتكم بذكر خالقكم، وقلوبكم بخشية ربكم، وذنوبكم بالتوبة إلى مولاكم.
قال تعالى}: وتوبوا إلى الله جميعاً أَيُّهَ المؤمنون لعلكم تفلحون {إنه أمر من الله تبارك وتعالى إلى المؤمنين جميعاً بالتوبة إليه، فالتوبة فرض على كل مسلم، قال تعالى}: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً{ فإما أن يكون المرء تائباً إلى الله وإما أن يكون ظالماً لنفسه، قال تعالى}: ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون{.
وقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على وجوب التوبة، قال القرطبي رحمه الله تعالى: واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين.
وقد آن الأوان للتوبة في عصر بَعُدَ فيه الكثير عن دين الله فاستصغروا الذنوب ولم يبالوا بما اقترفوه من ذنوب وآثام فلم يشعروا بالذنب ولا بتأنيب الضمير فعمّت المعاصي فانتشر الفساد.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدّها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات. فإن كان هذا حالهم في ذلك الزمان، فما بالنا نحن في زماننا هذا؟.
روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إياكم ومُحَقِّراتِ الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه.
فلا ينبغي أن ينظر المرء إلى صغر المعصية بل ينظر إلى عظمة من عصى، قال تعالى }: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم.{ ليسلك جميع المذنبون طريق التوبة لينجوا بأنفسهم من عذاب الله.
وليحذر المرء من المجاهرة بالذنوب، قال صلى الله عليه وسلم : كل أمتي معافى إلا المجاهرين، ذلك أن المجاهرة بالذنوب تعين على إشاعة الفاحشة بين الناس، قال تعالى: }إن الذين يحبون أن تَشِيعَ الفاحشةُ في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة{
وليحذر من القنوط من رحمة الله، قال تعالى: }ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون{ [الحجر:56]
ولأن التوبة أمر عظيم كان لا بد لها من شروط استنبطها العلماء من الآيات والأحاديث الصحيحة وأهمها:
1. الإقلاع من الذنوب [وتركها] فوراً
2. الندم على اقتراف الذنب، والندم من أهم عوامل وشروط التوبة، قال صلى الله عليه وسلم : الندم توبة.
3. العزم على عدم العودة لفعله مرة أخرى
4. إرجاع الحقوق المترتبة أو المأخوذة نتيجة لهذا الذنب أو طلب المسامحة والتنازل من أصحاب الحقوق.
ويجب أن تكون التوبة خالصة لوجه الله تعالى لا لغرض آخر أو لعدم القدرة على فعل الذنب، قال صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه.
كما يجب أن يستشعر المرء قبح الذنب وضرره، وقد ساق ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابيه الداء والدواء والفوائد أضراراً كثيرة للذنوب منها:
وينبغي على من بادر إلى التوبة أن يفارق موضع المعصية، وأن يفارق من أعانه على المعصية وينبذهم ويفارقهم ويحذر منهم، ويختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه وليتذكر أن عقاب الله قد يأتيه في أي وقت، قال تعالى: }وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون{
ويجب على من رغب في التوبة وخشي أن لا يغفر الله له أن يتأمل قوله تعالى }قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم {
وأن يتفكر في الفوائد التي سيجنيها من التوبة:
فالتوبة تمحو الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم : التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والتوبة تبدل السيئات إلى حسنات، قال تعالى}: إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتِهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً.{
والتوبة سبب في الفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى}: وأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين {وقال أيضاً }: إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً. {
ومن مكفِّرات الذنوب المحافظة على الصلوات الخمس والجمعة وصيام رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتُنِبَت الكبائر
.
المصدر مجله منبر الداعيات