اذا كان النظام حكومتنا مملكة البحرين ضعيفا وغير قادر على وقف الضغوط الأمريكية فعليه مصارحة الشعب بذلك وهو كفيل بوقف تلك الضغوط.. ونشير الى ان تجمع الوحدة الوطنية جاهز لتنظيم تجمع ثالث للوحدة الوطنية أمام السفارة الأمريكية.
و اقول إذ كانت أمريكا تهدد بسحب الأسطول الخامس وجميع تسهيلاتها للبحرين فلتذهب هذه الجيوش وهذه التسهيلات الى الجحيم.. فنحن شعب مستعد لأن يموت جوعا حفاظا على كرامته وعزته.
ونتحدث عما يطرح من مطالبات خلال جلسات الحوار الوطني، ومنها المطالبة بأن يكون هناك مجلس واحد للسلطة التشريعية.. وأقول ان هذه التجربة لم تستمر سوى سنة ونصف السنة فقط بينما مجلس النواب واصل بنظام الغرفتين وهو مستمر حتى الآن على مدى أكثر من 10 سنوات من دون أي مشاكل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وفي هذا الخصوص نطرح من المقترحات بشأن تطوير السلطة التشريعية، ومنها ما يلي:
إعطاء المجلس النيابي صلاحيات أكبر مما هي عليه الآن يتم الاتفاق عليها.
أن يتوافر في أعضاء مجلس الشورى المعينين الكفاءة والخبرة لتكون آراؤهم ضامنة للرأي الأفضل، وألا يعينوا لمجرد ملء الفراغ أو لدواع طائفية أو لمحسوبية أو ليكونوا تحت الطوع والأمر.
أن نحسن اختيار أعضاء المجلس النيابي بعيدا عن الأسباب العصبية والبيئية والطائفية والقبلية أو المصلحية والانتقائية.
ونقول ايضا إن جلسات الحوار سوف تسفر عن الكثير من التغييرات الإيجابية.. مشيرا الى ان شعب البحرين يخشى أن تباع بلاده في سوق النخاسة الدولية بسبب الضغوط الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.. وقد كانت مواقفها مزرية خلال الأحداث.
يتحدث العالم ويبحث الدارسون في جميع الأمم عن أسباب حدوث التغييرات في الحياة البشرية، هل هي أسباب اقتصادية أم أسباب ثقافية أم أسباب عسكرية أم أسباب دينية أم أسباب تعود الى ظواهر طبيعية كالزلازل والبراكين. ورغم الاتفاق بينهم على أن لكل سبب من هذه الأسباب يد في التغيير، فإن الله تعالى يخبرنا أن السبب المهم هو الإنسان، فهو الذي يتحرك على سطح هذه الأرض وهو الذي يعمل على استغلال ما تحت تصرفه ليبني حياته ويغير من شأنه إلى الأفضل أو إلى الأسوء أو يبقى على حاله من غير تغيير.
عن هذه القاعدة يقول الله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ( 11) الرعد.
- وفي التغيير من الأحسن إلى الأسوء يقول الله تعالى: كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) سورة الأنفال.
والحسن والقبح والخير والأخير والشر والأكثر شراً أمور نسبية تتغير بتغير الزمان والمكان وأحوال الإنسان. ولأنها أمور نسبية فإن الدعوة الى التغيير لا يتم الاتفاق عليها في الوقت الواحد بين الجميع، وقد يظن البعض أن رأيه هو رأي الأغلبية فيسعى للتغيير أو لفرض رأيه، ثم يتبين له أنه ليس رأي الأغلبية، أو أن ما يظنه خيرا ليس للجميع، أو ليس هو أفضل السبل، وحينئذ عليه أن يخضع للواقع ويسير مع الجميع، إلا أن يكون لا يريد الخير أصلا فحينئذ يتعنت ويتخذ كل وسيلة للوصول إلى مآربه ولو كان فيه الضرر الكبير على غيره.
وبالأمس كان النظر في شؤون مجلسي الشورى والنواب وواقعهما في البحرين محل الحوار في اجتماعات الحوار التوافقي الوطني وهو من المفاصل التي لا بد من تناولها في هذا الحوار.
لماذا يصر الكثيرون على بقاء مجلسي النواب والشورى كما ظهر بالأمس؟
لقد مرت البحرين بتجربة أن تكون السلطة التشريعية من مجلس واحد، ولكنها لم تستمر سوى سنة ونصف السنة وذلك من ديسمبر 1973 إلى أغسطس 1975، وقد حل المجلس بسبب عدم إمكانية التفاهم بين المجلس النيابي والحكومة، وعطل العمل بالدستور 25 سنة أوصلتنا إلى كثير من المشاكل الكبيرة، وقد خرجنا من هذه المشاكل بفضل من الله تعالى عندما عرض جلالة الملك في مشروعه الإصلاحي إعادة السلطة التشريعية بمجلسين مجلس للنواب منتخب انتخابا حرا مباشرا، ومجلس للشورى معين من ذوي الخبرة والرأي .
وهذا ما جعلنا نستطيع أن نستمر في بقاء الحياة النيابية مدة عشر سنوات من غير حدوث مشاكل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تستدعي حل المجلس النيابي أو إقالة الحكومة، كما يحدث الآن في الشقيقة الكويت رغم أن النظام الذي وضعته الكويت من الستينيات كان نموذجا يحتذى في ذلك الزمن، ولكن الظروف تغيرت والإنسان قد تغير، وكان ما وصلنا إليه مع المشروع الإصلاحي خيرا كثيرا، بل كان تقدما ولم يكن تأخرا.
نعم تبين لنا من خلال التطبيق وجود معوقات تحول دون أن نصل بهذين المجلسين إلى ما هو أفضل لمصلحة الوطن والمواطن، وهذا لا يستدعي الرجوع إلى ما كان قبل ذلك، بل يتطلب الأمر أن نزيل تلك المعوقات من خلال الأمور التالية:
- إعطاء المجلس النيابي صلاحيات أكثر مما هي عليه الآن يتم الاتفاق عليها.
- ألا يكون عمل المجلس التشريعي معطلا لأعمال المجلس النيابي بالإجراءات والمدد المعطلة.
- أن يتوافر في أعضاء مجلس الشورى المعينين الكفاءة والخبرة اللتان تؤديان الغرض من تعيينهم
لتكون آراؤهم ضامنة للرأي الأفضل من حيث الخبرة والواقع، وألا يعينوا لمجرد ملء الفراغ أو لدواع طائفية أو لمحسوبية أو ليكونوا تحت الطوع والأمر.
- إزالة الأسباب التي أدت إلى عدم اجتماع المجلس الوطني عند الاختلاف بين مجلس النواب ومجلس الشورى، وهناك خلال السنوات الماضية خمسة (5) قوانين وقع خلاف فيها بين المجلسين لكن لم يجتمع المجلسان ولم تصدر هذه القوانين التي استغرقت أوقاتا كثيرة من عمل اللجان الفنية وعمل الحكومة وعمل المجلسين، فضاعت تلك الأوقات من غير فائدة.
وعلينا نحن الشعب بكل أطيافه وتلاوينه مسؤولية كبيرة في عدم أداء مجلس النواب دوره في التقدم إلى الأفضل عندما لم نحسن اختيار بعض أعضاء المجلس النيابي، وكان اختيارنا لأسباب تعود لعصبية دينية أو طائفية أو قبلية أو مصلحية أو انتقائية، ونسينا أننا نبني جميعا لوطن يحتاج إلى كفاءات عالية ورؤية ثاقبة.
- ولابد من التنبه إلى أنه لا يوجد في العالم نموذج مكتمل يمكن استنساخه، فالشعوب تقرر ما يصلح لها على ضوء واقعها الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي وكل ذلك يحدث فيها متغيرات تستدعي التغيير بعد كل فترة زمنية، ويمكن أن تتحقق مع سلامة النية والإخلاص للوطن ولجميع المواطنين.
- واجب علينا ألا ننظر بعين واحدة، لا بعين الرضا وحدها فنغفل عن السلبيات وتودي بنا بعد ذلك إلى المهالك، ولا بعين السخط وحدها فنغفل عن الإيجابيات ونزدري نعمة الله علينا، وقد قال ربنا تبارك وتعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) سورة الضحى، بل ننظربعينين ثاقبتين لكل خير فنتمسك به، ولكل سلبية فنعمل على حلها، وذلك هو الخير كل الخير.
عَنْ الأَحْوَصِ رضي الله عنه قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيلا صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ خُلْقَانًا، فَقَالَ: أَلَكَ مَالٌ؟، قُلْتُ: نَعَم، قَالَ: أَنْعِمْ عَلَى نَفْسِكَ كَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ . وفي رواية: فَلْتُرَ نِعْمَوالحمد لله أنه أنقذنا من المخاطر الكبيرة التي كدنا أن نصل إليها، وأن جلسات الحوار سوف تسفر عن الكثير من التغييرات الإيجابية فيما نعتقد، ( وما بكم من نعمة فمن الله ).
يخشى شعب البحرين هذه الأيام أن تباع البحرين في سوق النخاسة الدولية، بسبب الضغوط الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية خاصة ضد شعب البحرين ومملكته، من أجل أن تتحقق خططها الاستراتيجية التي ظهرت للجميع.
فقد كانت مواقفها مزرية خلال الأحداث الماضية، من جهات متعددة:
- كانت السفارة الأمريكية كما أظهرتها الوثائق الأمريكية على علاقة وثيقة وتدريبية لمن تعاون معها من زمن بعيد وأوصلوا البلاد إلى تهديد للسلم الأهلي وكدنا نصل إلى حرب أهلية كما فعلت أمريكا بالعراق.
- يقال إنه وجدت ضغوط من السفارة الأمريكية لعدم القبض على بعض الذين يقعون تحت طائلة القانون الجنائي على اعتبار أنهم من المحسوبين عليهم.
- وقفت أمريكا موقفا ضد البحرين بعد أن استقرت الأمور وتبينت جميع حقائق الأحداث فضغطت لإدخال النظام في البحرين مع زمرة الانظمة السورية والليبية واليمنية لمحاولة إدخاله في العقوبات الدولية.
- هناك ضغوط على الدولة للإفراج عن جميع الذين أدينوا في جرائم جنائية وجرائم ضد المؤسسات التي عملوا فيها وضد مصلحة الوطن والمواطنين وإعادة المفصولين منهم إلى اعمالهم.
- بدأت الضغوط من السفارة الأمريكية على حرية الإعلام في البحرين وطلبوا من وزارة الإعلام أن تمنع أحد الصحفيين الذين تخصصوا في تحليل السياسة الأمريكية خلال الأحداث الأخيرة وكشف المخطط الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة من الكتابة في هذا الموضوع، وهم الذين يتحدثون في العالم ويملؤونه ضجيجا أنهم مع الديمقراطية وحرية الصحافة، لكنهم يريدون الديمقراطية لهم فقط من دون غيرهم، أو ديمقراطية تخدمهم لا ديمقراطية لا تتفق مع مخططاتهم، ولذلك أعربنا عن استيائنا ووقوفنا مع حرية الإعلام.
الاستجابة لكل هذه الضغوط تجعلنا نبيع وطننا في سوق النخاسة الدولية وهذا ما لا نرتضيه لدولتنا ولا لنظامنا ولا لشعبنا، وكلما استجاب النظام لطلب قدموا طلبا جديدا، حتى إنهم يريدون أن يحققوا مخططهم في السلم بما لم يستطيعوا تحقيقه بالأحداث التي مررنا بها، وذلك شر مستطير على النظام كله وعلى أهل البحرين. فلنراجع أنفسنا، وإذا كان النظام يرى شيئا فليصارح الشعب بما يحدث فإننا نرى تحت الرماد وميض نار ونخشى أن يكون لها ضراما.