بسم الله الرحمن الرحيم
لاشك أنّ العنوان غريب على أذهان الكثيرين لكنها الحقيقة التي لابد من معرفتها.
وحتى نصل إلى هذه الحقيقة لابد لنا من تعلم بعض القواعد في فهم حركة التشيع السياسية التي من عرفها يمكن له فهم ما جرى وتوقع ما سيجرى .
القاعدة الأولى: الشيعة ليسوا كتلة واحدة بل هم كتل متباينة على مستويات متعددة وهذا تطبيق قوله تعالى ( تحسبهم جميعا وقلبوهم شتى )
فهم إخبارية وأصولية في المذهب
ومحافظين وإصلاحيين في السياسة
وعرب وفرس وترك في القومية
وفى الحكم ولاية الفقيه أو شورى الفقهاء أو ضدهما !
وفى التغير ثورية ماركسية أو ديمقراطية ليبرالية
ويمكن إيجاد فوارق أخرى بالتأمل والبحث ، والمهم هو إيضاح تفرقهم وعدم التعامل معهم على انهم كتلة موحدة .
القاعدة الثانية: هذه الاختلافات قد تتقاطع أو تتوازى أحيانا ، فقد يكون الشخص أصولي ، فارسي ، يؤمن بشورى الفقهاء ، ديمقراطي معادٍ للشيوعية مثل الشيرازي
وآخر اصولى فارسي يؤمن بولاية الفقهاء ثوري متعاون مع الشيوعيين مثل الخميني
فهما أصوليان فارسيان لكن منهج الحكم والتغير متعارضان وقد يكون السبب التنافس الشخصي أو البيئة المختلفة ( الشيرازي / العراق ، الشيوعية قوية وحاكمة ------ الخميني / إيران ، الرأسمالية قوية وحاكمة )
لكن العداء قوى بين الشخصين والمنهجين وحادثة وفاة الشيرازي واعتداء الايرانين على جثمانه مثال على ذلك .
القاعدة الثالثة: هناك صراع قوى وحقيقي بين هذه الأجنحة المختلفة كما سبق في مثال وفاة الشيرازي وهذا تطبيق قوله تعالى ( بأسهم بينهم شديد ) وهذا أمر مشاهد ومعلوم قديما وحديثا لكن غير مستفاد منه في حركة أهل السنة في جهاد الروافض.
القاعدة الرابعة: البداية اليهودية للتشيع أمر معروف والتشابه بين التشيع واليهودية في الأفكار والأعمال قد الفت فيه الكتب ( منها بذل المجهود فى إثبات تشابهه الرافضة لليهود لعبد الله الجميلى ) لكن هذه اليهودية ليست شرطا في كل شيعي فقد يكون الشيعي ولو كان مرجع كبير مغفل كبير !
وقد يكون مدرك إبعاد المشروع اليهودي / الشيعي وهؤلاء غالبا من ليس لهم
اصل واضح ( كما يقول الموسوي عن الخميني في الثورة البائسة ص 148) او من يأتى بتطوير في المذهب كالخميني أيضا !!
القاعدة الخامسة: من طبيعة الأمة اليهودية أنها تنجب دوما مذاهب وأفكار جديدة تلائم الوضع المعاصر ومن هذه المذاهب الجديدة الشيوعية ونسبتها لليهودية ليس موضع جدال ، ويبقى البحث عن العلاقة التي سوف تكون بين الأبناء وفهمها حتى لا نقع ضحية الجهل والسطحية .
والعلاقة المفترضة بين التشيع والشيوعية لا تعنى الإلحاد – وان كان التشيع في الحقيقة مذهب ملحد لا يؤمن بالرب بل ببشر يقومون بدور الرب – بل المقصود هو التعاون لتحقيق الأهداف اليهودية من خلال أشكال متعددة فاليهودية ترى أنهم أبناء الرب والكل خدم لهم ولهم حكم العالم والتصرف به .
والتشيع هو مناصرة آل البيت – زعموا – حتى يحكموا العالم ويظهروا عندها القرآن الحقيقي أو الوحي الغائب وعندها سيحكمون بشريعة داود ويقتلون العرب وقريش !!!
والشيوعية هي أن يحكم الشعب ! نفسه من خلال الحزب والحزب تحكمه اللجنة المركزية واللجنة كلها أو اغلبها يهود لأنه لا فوارق دينية بين الشعب !
وهكذا تتحقق الأهداف ولا يهم من الذي وصل إليها أو لا ً .
ولا يعنى هذا ان كل شيعي يفهم هذه العلاقة ويعمل من خلالها بل هناك الكثير من الشيعة يحارب الشيوعية لعدم الفهم للاصول اليهودية للتشيع ، وهذا يقع عند السنة ان يحارب بعضهم امور هى اسباب تمكينهم مثل فقه الواقع او التنظيم والعمل الجماعى وغير ذلك فهذا هو الشذوذ الذى يؤكد القاعدة .
بعد عرض هذه القواعد افصل فى مقصد البحث وهو الثورية الماركسية عند الخمينى وكيف انها كانت السبب فى قتل زعيمين بارزين فى الشيعة هما محمد الصدر وموسى الصدر لانهما يحاربان الشيوعيه ويملكان (تنظيمين) يمكن ان يعيقا الخطة الخمينية (تصدير الثورة).
أولا ً: الادلة على ثورية الخمينى الماركسية الشيوعية
1- الدكتور موسى الموسوى شيعى ايرانى معاصر للخمينى بل على علاقة جيدة معه وكان من المشاركين فى صنع الاحداث كتب كتابه الثورة البائسة ليبين حقيقة هذه الثورة فذكر تعاون الخمينى مع حزب توده الشيوعى ص 31 وانهم الذين احتلوا السفارة الاميركية ص 103 وذكر شيوعية الثورة الخمينية صراحة ص 171 وبين الممارسات الثورية الشيوعية من القتل الدموى وانتهاك الاعراض فى المحاكمات الثورية ص136 وحكم عليه ص174 فقال لا اجد صعوبة فى رمي الخمينى بالشيوعية مع ما عليه من الطيلسان والعمة والرداء )
2- نص الدستور الاسلامى ! للجمهورية الايرانية على اصول شيوعية منها
التأ ميم فى المادة 108 فى الطبعة الاولى والان اصبحت مادة 44 وتنص على تأميم الصناعات الكبرى والصناعات الام والتجارة الخارجية والمناجم الكبيرة والعمل المصرفى والتأمين والطاقة والسدود ......
كانت المادة 117 تنص على ثورية الدولة ثم رفعت منه وكان خامنئى قد صرح لمجلة الوطن العربى عدد 109 بمناسبة مرور عام ونصف على الثورة عن اهداف الثورة فقال ( اول اهداف حزبنا هو بث التوعية الاسلامية السياسية والتربية الثورية بين صفوف الشعب الايرانى )
3- التعاون المطلق مع الشيوعيون بكل الوانهم قبل الثورة واثنائها وبعدها
وهذا ذكره كل من تعرض للثورة الايرانية فسامى ذبيان فى كتابه ايران والخمينى ص 17 عدد اسماء التنظيمات اليسارية التى دعمت الخمينى
ةيقول ص 9 عن المفاهيم التى تحملها الثورة انها( يسارية ماركسية الى يسارية عروبية الى دينية تقدمية ) وانظر وجاء دور المجوس ص285 مع التحفظ على توجيه المؤلف للموضوع و الحقائق التى تخالف ما ذهب اليه.
ثم لما اصبح وجود الشيوعيون فى الصورة مزعج جرى ابعادهم مع استمرار المخطط ولذلك لم يعترض الروس على الابعاد ولم ينقطع التعاون بينهم .
4- الباحث الفرنسى اوليفه روا فى كتابه تجربة الاسلام السياسى يقول عن التشيع المعاصر وتحولاته انه ( يتحول فى القرن العشرين الى اداة للإستيلاء على السلطة وعندئذ إنبثقت على هوامش المذهب تركيبة توفيقية بين السلفية التقليدية والايديولوجية المتمركسة )
5- التعاون والتنسيق مع الروس واتباعهم لهذه الثورة قائم من قبل ان تقوم الثورة نفسها فقد تولت ليبيا وكوريا الدعم المالى والتقنى لتهيئة الكوادر على ارض لبنان وبلغ الدعم 100مليون ! ( ايران مستودع البارود ،ادور سابليهص17 وجاء دور المجوس ص274
وبعد قيام الثورة قدم الروس الدعم الاقتصادى لها بتوقيع برتوكول لتنشيط الاقتصاد شمل قطاع الطاقة والكهرباء والسدود والاسلحة والخبراء الفنيين فى عام 82 ( مجلة الحوادث عدد 1321 ) وهذا فى الوقت الذى كان العالم الاسلامى يقاطع روسيا على غزوه لافغانستان كان الشيوعيون يدعمون الشيعة فى ايران !!!
ودعم الروس الايرانيين بالاسلحة فى حربهم مع العراق واجريت محادثات لعقد معاهدة دفاع مشترك عام 87 ( الراى الاردنية 21/11/87 )
وهذا الدعم الروسى لايران لايزال قائم على اعلى المستويات وهو المفاعلات النووية !
6- ان الدول الصديقة لايران والتى تدعم ايران هى الصين كوريا روسيا وكلها شيوعية.
7- اما الخمينى وصدام فقد كا نت العلاقة بينهما جيدة فى الوقت الذى كانت علاقة شيعة العراق به سيئة حيث ان قدوم الخمينى للعراق كان عام 65 وغادرها عام 78 بينما الشيعة العراقين( الصدر) قد تصادموا مع البعث بعد استيلائهم على السلطة عام 63 وهذا يذكره الموسوى فى الثورة البائسة ومن الغريب ان الخمينى مع بقائه فى العراق 13 عاما كان ضعيف الصلة بالصدر !!!مقال الفكر الجديد ص16
هذه ادلة كافية لمعرفة التوجه اليسارى للثورة الايرانية وهذا التوجه يراد به تبنى النظرية اليسارية فى العمل السياسى وهى ( نظرية العنف الثورى )
وذلك ان الشيعة تؤمن مثل اليهود بالانتظار حتى جاء هرتزل الصهيونى بالعمل من اجل صهيون وكارل ماركس الشيوعى بنبذ الاديان ودمج اليهود مع الاخرين حتى يتمكنوا من السيطرة عليهم والخمينى عند الشيعة بعدم انتظار المهدى الذى قد يتاخر الاف السنيين واخترع ولاية الفقيه لمزيد من التوسع انظر حقيقة المقاومة ص23
ثانيا :قصة قتل الخمينى لمحمد الصدر
كنت قد سمعت هذه القصة من استاذى محمود عبد الرؤف القاسم لكن لم اهتم بها حتى وجد ت الشيعة يذكرونها وينادون بدراستها واستخلاص الدروس منها
وسوف اعتمد على دراسة مطولة عن محمد الصدر بعنوان ( الامام الشهيد محمد باقر الصدر مراجعة لما كتب عنه باللغة الانجليزية بقلم د . عبد الرحيم حسن ) نشرت فى مجلة الفكر الجديد القريبة من حزب الدعوة العراقى عدد 6 وحصلت عليها من الانترنت .
وهنا ملاحظة وهى تعدد الكتابات الغربية عن الصدرخصوصا والشيعة عموما وعدمها عند اهل السنة
وهذا فرع من الاستهزاء بالعلوم الانسانية .
من المشهور موقف الصدر المعادى للشيوعية ولذلك كتب اقتصادنا ورد على الماركسية وإصطدم بالبعث والصدر قد اسس حزب الدعوة الشيعى وكان يتبنى العمل السياسى وهنا مسألة هامة جدا ذكرها الباحث الفرنسى اوليفه روا فى كتابه تجربة الاسلام السياسى ص178 ( ان الشاه قد دعم الصدرين محمد وموسى فى العراق ولبنان ) لمحاربتهما للشيوعية التى تحارب الشاه.
وهذه الامور تشكل خطر على الخمينى وفكره بعكس بقية المراجع الذين ليس لهم تنظيم اوعداء مع الشيوعية ولما عارضوا ولاية الفقيه تمكن الخمينى من محاصرتهم اوسجنهم دون ان يدافع عنهم احد .
وهذا التميز للصدر عن المراجع الاخرين كان سبب قتله بحيلة ذكية وهى دعوة الخمينى علنا للصدر فى الاذاعة الايرانية القسم العربى بالبقاء فى النجف وقلب نظام الحكم ؟؟!!ومن يعرف طبيعة الاشياء يعرف ان هذه الرسالة لاتصدر إلا من حاقد يريد الإضرار بمن وجهة له الرسالة .
وعلق د . عبد الرحيم كاتب المقال على هذه الرسالة ص 15 ( ما فعله القسم العربى فى اذاعة الجمهورية الاسلامية خلال تلك الشهور العصيبة يستحق ان يصبح موضعا لدراسة مستقلة و تفصيلية خالية من المجاملة بغية الاستفادة من الاخطاء وعدم تكرارها فى تجربة مماثلة ) ولاحظ اللغة الدبلوماسية فى الاتهام للخمينى ! وكان ص 13 ذكر النتيجة التى وصل اليها صاحب مقال دور محمد الصدر فى النشاط السياسى الشيعى من عام 58/80 بقوله: (إنّ الضربة القاضية جاءت من إيران وقد أذاع الامام الراحل السيد الخمينى من ايران رسالة .. توصى الصدر بالبقاء فى الحوزة)
وهذه الرسالة ايضا تعرض لها جودت القزوينى فى مقاله ( اشكالية الفقهاء والدولة وبدايات الحركة الاسلامية فى العراق ) والذى نشر فى مجلة الفكر الجديد عدد 2 فقال ( فوجىء الصدر باذاعة طهران القسم العربى وهى تذيع برقية بعثها اية الله الخمينى تستحثه بعدم مغادرة النجف والتصدى لحفظ الكيان العلمى لهذه المدينة .....)
وعلق على البرقية بقوله ( يستلفت النظر امران :1/ ... يلقبه بلقب لايتناسب مع مقامه العلمى ...2/ اسقط الخمينى من حسابه ردود الفعل الرسمية العراقية .....) ويقول ايضا ( ان الصدر لم يكن عازما على مغادرة العراق وكان متألما من العناصر التى سعت الى الخمينى لحثه على كتابة هذه البرقية ) ويعزوهذا الكلام لعامر الحلو فى كتابه تاريخ الحركة الاسلامية فى العراق ص 123
وكانت نتيجة البرقية ان قامت المظاهرات تأيداً للصدر ثم القت السلطات العراقية القبض عليه ووضعته فى الاقامة الجبرية حتى زال الحماس له قتلته فى 8/4/80
وهكذا استطاع الخمينى ان يزيح احد العقبات من امامه دون ان تتلطخ يديه بدمه .!!
ثالثا : إختطاف الصدر !
موسى الصدر هو حفيد عبد الحسين شرف الدين العاملى وهو ايرانى الجنسية لكنه عربي اصلا من لبنان وعاد الى لبنان بناء على طلب من جده ليخلفه فى الطائفة ودعم الشاه هذا التوجه بالمال والجاه !
وموسى ليس من المتدينين اصلا فهو خريج كلية الحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة طهران وبعدها درس فى الحوزة سنتين منها على الخمينى
وعند مجيئه الى لبنان منح الجنسية اللبنانية فورا .( وجاء دور المجوس 409/ وحقيقة المقاومة 25)
موقف موسى من الشيوعية كان موقفا عدائيا معلنا وذلك مجلة الحوادث فى عددها 8/2/2002 جعلت الموضوع الرئيسى لها ( موسى الصدرالامام الساحر الذى افقد اليسار اللبنانى قاعدته شعبيته ) ولهذا ارسله الشاه للبنان لمقاومة الشيوعية بين الشيعة التى ذكرنا فى النقطة الاولى انها كانت تتخذ من لبنان مركز تدريب لكوادر الخمينى بدعم ليبى التى ستخطف موسى من طريق الخمينى .
و سبق كلام الباحث الفرنسى عن دعم الشاه للصدرين بهدف ايجاد تيار شيعى معارض للشيوعية والذى يمثله الخمينى الذى ازاح الثلاثة من طريقه (موسى ، الشاه ، محمد) حسب الترتيب !
وكان موسى يحارب الشيوعية من خلال تدريس كتب محمد باقر اقتصادنا وفلسفتنا فى الحسينيات والتجمعات الشيعية (حقيقة المقاومة 62) وتقول مجلة الحوادث فى العدد المشار اليه عن طبيعة نشاط موسى انه كان يعمل ب( تخطيط مسبق على استعادة الجيل الجديد من الشيعة من حظيرة الاحزاب اليسارية )
والمهم ان موسى صنع للشيعة فى لبنان كيان مستقل ووضعهم على واجهة الاحداث بعد ان كانوا على هامش الاحداث وتبلور لهم تجمع لكنه فى حركته السياسية لن يتقاطع مع اليسارين ( الخمينى وسوريا وليبيا ) ولذلك كان لابد من ازاحته من الطريق وخاصة ان قطف الثمرة الايرانية قد اوشك ولهذا حين زار موسى ليبيا فى 25/8/78 لم يعد ؟؟
وعندها لم يسكت الخمينى على هذا فوجه برقية لليبيا !!! ولكن لم يعد موسى للان بعد 24 عام . والغريب ان العلاقات لم تقطع واى حادثة اعتداء شيعية على مصالح ليبيا لم تقع ! مع ان القوم لايعجزون عن ذلك لو كان هذا على غير مرادهم.( وجاء دور المجوس 424)
ويبين عبد المنعم شفيق فى حقيقة المقاومة ص74 اسباب خطف الصدر
بان موسى الصدر كان له مشروع كبير هو الوصول الى امانة الطائفة فى العالم ( مقابلة علي الجمال لمجلة الشراع 6/9/99 ) كما كان محمد باقر يسعى لحكومة شيعية عالمية (مجلة الفكر الجديد عدد6 مقال عبد الرحيم السابق ص8) وهذا يشكل منافسة خطيرة على الخمينى .
وبهذا يتضح لنا جانب مستور من تاريخ الخمينى والايام كفيلة باظها رمزيد من الوثائق والحقائق ويبقى علينا ان نعرف قواعد الحركة السياسية الشيعية ونتابع تطبيقاتها ونتوقع حركاتها القادمة لنضع العوائق امامها
والله ولي التوفيق