تربية الأولاد
للأبناء: (وبالوالدين إحساناً)
الشيخ ناصر بن سليمان العمر
www.almoslim.net
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: مقدمة وتشتمل على عظم حق الوالدين .
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
أيها الأخوة فلقاء هذه الليلة هو اللقاء الأخير بإذن الله في ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان في عام 1423هـ من هجرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وسيكون هذا اللقاء ختاماً للموضوع الذي بدأناه في تربية الأولاد وفي آخره كلمات فيما يتعلق أيضاً في آخر رمضان أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من وفق للصيام والقيام وتقبل منه، موضوع اليوم أيها الأخوة رسالة إلى الابناء والبنات بعد أن خصصت عدة حلقات للآباء والأمهات وللأزواج والزوجات مع بعض الإشارات للأولاد، اليوم الحديث لأبنائي وأبناؤكم وبناتي وبناتكم نسأل الله أن يبارك فيهم ويصلحهم أجمعين وأبناء وبنات المسلمين. والموضوع أيضاً كما كنت أقول دائماً موضوعات مهمة وطويلة ولكنها تقتصر على كلمات في مثل هذه المناسبات فأقول لهؤلاء الابناء، وعندما أتحدث عن الابناء فأعني البنين والبنات بدون أن أكرر هذه اللفظة في بقية حديثي.
وأخرت الحديث بما يجب عليكم أنتم تجاه والديكم من باب أن تدركوا أهمية هذا الأمر وعظم شأنه يكفي أن نتذكر قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (الإسراء: من الآية23) فقرن الله جل وعلا حق الوالدين بحقه جل وعلا وهذا ولاشك دليل على عظم حق الأبوين وهذه الآية بالمناسبة أيها الأخوة هي المنهج، وأنصح كل ابن وكل بنت أن تجعل هذه الآية نصب عينيها وفي وسط قلبها وفي وسط قلبه (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء:23، 24)، منهج كامل في هذه الآية القصيرة وهي ولاشك كلام الباري جل وعلا ومن جوامع الكلم فأقول أن حق الأبوين عظيم جداً والدليل على ذلك في الوجه المقابل أن العقوق حمانا الله وإياكم من ذلك قرنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالشرك فقال : ألا أنبئكم أو ألا أخبركم بأكبر الكبائر قالوا : بلى يارسول الله قال : الإشراك بالله أو الشرك بالله وعقوق الوالدين وقول شهادة الزور فمازال الرسول يكررها حتى قلنا ليته سكت أي إشفاقاً عليه، إذن الطاعة قارنها بحقه جل وعلا والعقوق قارنه بالشرك والعياذ بالله.
ثانياً: العقوق، وأسبابه .
انظروا إلى الطرفين بينما نجد هنا الآن من بعض الابناء وإن كانت والحمدلله حالات نادرة لكنها موجودة في موضوع عقوق الوالدين ومن مابدأ في مجتمعنا في السنوات الأخيرة وكان من أغرب الأشياء وكنا لانسمع به إلا- أقول - ربما نسمع به خبراً لاواقعاً خلال سنتني فقط أو ثلاث مااطلعت عليه وماذكر في الصحف من قتل بعض الأولاد لوالديهم والعياذ بالله وصلت إلى حالة القتل وهذه مشكلة معناه تدل على أنه هناك مشكلات باتت تفرز هذه القضايا وفي مؤثرات ووسائل إعلام هذه مشكلة فمعناه أن وسائل الإعلام أصبحت تؤثر الآن، المخدرات حمانا الله وإياكم، والأصدقاء أصدقاء السوء، حتى أصبحت قلة هيبة الأبوين في نفوس بعض الشباب وبعض الابناء من العصاة ردهم الله إلى الحق رداً جميلاً.
ثالثاً: حقوق الآباء على أبنائهم .
من هنا نحاول أن نعرف ماهي حقوق الوالدين؟ انظروا بيان حقوق الوالدين، وبالمناسبة صحيح أن الحديث موجه للشباب بصفة أولى وأخص، لكنه يعم كبار السن أيضاً ولا يقتصر على الشباب فقط، بل للأحياء وللأموات أي بر آباء الأحياء والأموات وسأخصص هذا وأوضح هذا بإذن الله فأقول أيها الأخوة انظروا بيان حقوق الوالدين أن الله جل وعلا ذكر (( ووصينا الإنسان بوالديه في عدة مواضع )) بالقرآن يقول الله جل وعلا: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) (العنكبوت: من الآية8) كما في سورة العنكبوت يعني وهما كافران يجب برهما (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ) (لقمان: من الآية14) في سورة لقمان.
وفي سورة الأحقاف (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) (الأحقاف: من الآية15) انظروا كيف الوصايا من الباري جل وعلا في حقوق الوالدين فكما قلت في سورة لقمان وفي سورة العنكبوت حق لوكانا كافرين يجب برهما لكن لايطاعان في معصية الله إذا كان يجب بر الكافر فكيف آباؤنا مسلمون صالحون والحمدلله ونجد عقوقاً.
رابعاً: التقصير جهلاً في حقوق الوالدين .
هناك بعض التقصير لا أقول عقوقاً، لكن أقول بعض التقصير من بعض الشباب الطيبين الأخيار هداهم الله وأصلحهم بحجة أن والده ليس بحاجة إليه وهذا كلام غلط ومنطق خطأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما جاءه رجل يريد الغزو ويبتغي الأجر كما في الحديث الصحيح وأقرأ عليكم نص الحديث لأهميته ويقوله النبي : عن عبدالله بن عمر بن العاص - رضي الله عنه - أقبل رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله أعظم شيء الهجرة والجهاد لماذا : أبتغي الأجر من الله ماذا قال له النبي هل مد له يده يبايعه على الهجرة والجهاد انظروا ماذا قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل من والديك أحد حي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يعلم عنهم قال : نعم ، بل كلاهما، ماذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل قال هما بحاجة إليك هل عندهم عدد من أخوانك حتى أبايعك على الجهاد أولا أبايعك. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : فتبتغي الأجر من الله عز وجل قال: نعم. فقال له: المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أرجع إلى والديك فأحسن صحبتهما). فالمنطق الذي يقع فيه بعض الشباب والطيبين عندما تقول له هل أنت قائم بحقوق والديك قال الحمدلله عندي أخوان ومايقصرون بحق الوالد ياأخي والدك قد يكون ليس بحاجة إليك لكنك أنت بحاجة إلى والدك أنت بحاجة إلى الأجر الذي تكسبه من والدك.
خامساً: صور من البر .
1- أذكر أن فتاة كانت أمها كبيرة فخطبت فاشترطت على من يتزوجها أن تبقى في خدمة والدتها حتى تموت فوافق الزوج وبقيت مع والدتها تخدمها خدمة منقطعة النظير، بعد سنوات توفيت والدتها - رحمها الله - فجلست البنت تبكي، ماأفقهها هذه البنت ما أفقهها هذه البنت فجلست تبكي وقالت : أغلق عني باب من أبواب الجنة لأنه كانت تعتبر وجود أمها هي بحاجة لها أنها تخدم أمها، ليس أمها بحاجة لها هي بحاجة إلى أمها، لذلك لما ماتت أمها ما فرحت وقالت الحمدلله وهذا لاشك خير أن أمها ماتت وهي راضية فرزقت بشابين فأصبحوا من خيار الصالحين والحمدلله.
2- يحدثني قبل أيام رجل كنت في مكة فجاءني فقال : إن بنتاً لها جد، أبوها موجود وأعمامها موجودون وعماتها موجودات يعني بنت ابن جدها لأبيها موجود، يقول فانقطعت للخدمة انقطاعاً عجيباً، وهذه الفتاة متخرجة من الجامعة، وأنبه الأخوات المتخرجات الدارسات لايتكبرن في هذا الموضوع أو أن معها جامعة أو غيره، فانقطعت لجدها، يقول قبل وفاة جدها نادى أبناءه وكان له أبناء وبنات، وكان عنده ضياع يعني أموال وخيرات عظيمة، قال : كلٌّ منكم سيأخذ نصيبه من ميراثي والثلث لهذه البنت يعني البنت ورثت أضعاف من أبيها وأعمامها مع أن أباها لم يكن عاقاً ولا أعمامها لكن برهم عادي، أما البنت هذه انقطعت لجدها، وتأتي المفاجأة عندما توفي الجد بكت البنت وتأثرت فبعدما انتهى بعدة أيام، ناداها والدها وأعمامها وقالوا : إن أبانا أوصى لكِ بثلث المال، قالت والله لاآخذ منه ريالاً واحداً، أنا ماخدمته لأجل الدنيا، خدمته لأجل رضا الله والجنة، فرفضت أن تأخذ ريالاً، قالت اصرفوا فيما ترون لجدي ليس لي ولكن براً به، ثم تزوجت حيث كانت رافضة للزواج نهائياً حتى توفي جدها، فكيف يكون الأب والأم فيه نماذج رائعة من الابناء والبنات نحتاج لهذه الأمثال لتبين حقوق.
سادساً: فضل الوالدين لا يمكن أن يرد .
فهنا على سبيل الإختصار أشير إلى بعض الحقوق أعطي قاعدة أعطانا إياها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم - : (لايجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)، يعني مهما فعلت مع والدك مستحيل أن تبره لايجزي مايمكن، بل قال العلماء حتى هذا الحديث أنه لايمكن يجزيه، لأنه معروف أن من ملك ذا رحم عتق عليه فأن أصلاً لو ملك والده سيعتق بدون عتقه فمعناه لايمكن يجزي والده أبداً وما أحسن القصة التي سمعت أن امرأة كانت تحمل والدها في الحج على كتفيها وتطوف به في البيت وتتنقل به في المشاعر، امرأة وكان والدها لايستطيع أن يمشي فكانت تحمله على كتفيها فمر عليها رجل وقال هنيئاً لك قالت : بماذا قال : (لقد أدركت بره قالت : والله ماأدركت بره قال : كيف ياأمة الله، الآن تحملينه على كتفيك وتطوفين به وتسعين وتتنقلين به في المشاعر قالت : لقد كان يحملني وهو يتمنى حياتي وكبر سني وأنا أحمله ولاأنكر وأقول أيام وينتقل وتقول : فرق بين حمله لي وحملي له، فلايمكن أن ندرك بره فلايمكن أن يجزي ولد والده مايمكن مهما فعلت.
بعض الابناء الله يهديه يقول ماقصرت مع أبوي، أي والله سمعناها، أنا عزيت شخص حتى هو توفي - رحمه الله - توفي والده وأذكر أنه بينه وبين والده مشكلة، ثم قبل سنة من وفاة الأب صلح حاله ومات الوالد وهو راضٍ عن ابنه، قلت له هنيئاً لك بوفاة والدك وهو عنك راضٍ، قال أنا مقصر في حقه وغضب غضباً شديداً جداً، سبحان الله، قلت سبحان الله ياأخي الكريم، مع أنه كان بينه وبين والده شيء عجيب، قال أنا ماقصرت في حقه، هو المخطي علي فسكت، الوقت ماكان مناسب أن أتحدث، ثم مامرت سنوات إلا وتوفي الابن - رحم الله الجميع -.
سابعاً: من حقوق الوالدين.. تعظيمهما .
من أهم مايجب على الابناء معرفة قدر ومكانة الأبوين مع تعظيم حقهما وتبجيلهما أمام الناس، يا أخوان يجب أن يبش الواحد أمام أبيه، أنا أعرف بعض الابناء من الأخيار إذا دخل والده البيت أو سمع صوته قام فزع احتراماً لأبيه، وتقديراً لأبيه، بينما بعض الابناء والده يقف على رأسه يوقظه من النوم وهو مستيقظ ويبقى يكلمه وهو على فراشه، كيف يكون هذا، فتعظيم حق الوالدين عظيم جداً أن يشعر الأب وتشعر الأم بتعظيمها ومكانتها.
ثامناً: صورة من العقوق .
جاء شاب ودعا مجموعة من زملائه، فوالده رجل صالح، دخل لما رأى زملاء ابنه دخل معهم وسلم عليهم، وجلس في طرف المجلس قليلاً، ثم استأذن فقال: زملاؤه من هذا؟. قال السائق!! نعم، فقال له بعض زملائه كيف تقول هذا أبوك، كيف تقول هذا، قال أبوي يفشل !! نعم، فيا أخوتي الكرام في حالات مؤسفة أنا لاأتحدث عن هذه الحالات لأنها الحمدلله نادرة وقليلة، أنا أتحدث الآن، ألاحظ بعض الابناء فعلاً مع والده كأنه صديق له يعني حياة عادية، أو مع رجل من الشارع، أو جار الأب له مكانة، له هيبة، له منزلة، له عظمة في القلب، وكذلك الأم فأن يعظم الإنسان أبويه.
يذكرون قصة عجيبة عن شاعر من الشعراء وهي تروى عن جرير وتعرفون جرير كان شاعراً عجيباً جداً، ملأ الدنيا بشعره افتخاراً بأبيه، وتبجيلاً لأبيه، وكان يفاخر مع الفرزدق بأقوى الشعر حتى كان العالم يتمنون أن يرون والد جرير هذا الرجل الذي أعطاه من المكانة والمنزلة وغيرها، في يوم من الأيام جاء رجل فرأى والده لاأريد أن أذكر بقية القصة حتى لانقع في والده رحمه الله فقال : شفت هذا الرجل رجل بسيط في خيمة عنده بعض الأغنام، قال هذا الرجل الذي أفاخر به في الفرزدق وملئت الدنيا في شعره، نعم يستحق هذا لأنه والده بغض النظر عن أي أمر آخر من أمور الدنيا لاقيمة لها، إذن تعظيم حق الأبوين وتبجيل الأبوين واحترام الأبوين بهذا تهون بقية المسائل، تأتي الطاعة، يأتي البر، يأتي الإحترام، أما مجرد - مع كل أسف - أن بعض الابناء يبر بأبيه بمعنى يوصله المستشفى أو يخدمه لكن كأنه يتصدق عليه كأنه يمن عليه، كأن أباه فقير وبحاجة إليه، والله هذا عقوق وليس بر، من أصعب اللحظات التي تمر على الوالدين أن يشعر أن ابنه كأنه يتصدق عليه أو يشعر الأب أنه بحاجة إلى ابنه ولذلك أنبه الأحباب أنبه الشباب أنبه البنات، إياك أن تحوج والدك لك، سابق أنت، ماذا يريد، تحسس ماذا يريد.
تاسعاً: أهمية البر المعنوي .
وأكرر نقطة جعلتها من آخر النقاط فأقدمها الآن، البر هو البر المعنوي لا الحسي، البر الحسي مهم لكن ليس هو البر، البر هو البر المعنوي، أعرف رجل الآن عمره قرابة (90عاماً) - ماشاء الله - رجل من الأخيار أبداً، لي سنوات إذا دخل رمضان يعتكف طول الشهر، أنا من الأشخاص الذين أعرفهم يعتكفون طول الشهر يدخل الحرم في أول يوم ولايخرج إلى آخير يوم إلا للضرورة يخرج لقضاء الحاجة ، يخرج في اليوم مرة واحدة فقط وهو في الحرم، هذا الرجل كلما جلست معه له أولاد بررة أعرف جميع أولاده، وأولاده بحدود 9 أو 7 أو 8 يتنافسون منافسة بالبر شيء عجيب لاأعرف بينهم شيء يتنافسون فيه مثل تنافسهم في بر والدهم وهم من ثلاث زوجات أكبرهم وأصغرهم، أكبرهم فوق الستين وأصغرهم في الثانوي الآن ويتنافسون تنافس أعجوبة.
يا إخوان لكن مع ذلك لفت نظري أنه يثني على واحد ثناء دائماً ويقول من يريد يرضيني يرضي فلان، فسبحان الله وهذا الشخص لا يسكن معهم نفس المدينة، فقلت لابد فيه سر، أبناءه كلهم يتسابقون في خدمته، والجانب المالي كل شيء مخدوم، الحقيقة شيء عجيب وهنيئاً له لأنه من الرجال الأخيار ولا أزكيه على الله فقلت لابد فيه سر ـ فتتبعت الموضوع، لأن بيننا وبينه صلة فإذا هذا الرجل الذي يثني عليه من أقربهم وأقدرهم على بر أبيه معنوياً وليس حسياً، إذن البر هو البر المعنوي أكثر من البر الحسي مع أهمية البر الحسي نحن نقصر في هذا ونتصور أن البر هو البر الحسي ، لا… هذا جزء من البر ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) …. البر المعنوي تسبق والدك إلى مايريد… لاتحوجه إلا مايرضى. كان أحد من الرجال يذكر من قصصه، لايأكل مع والدته، قالوا لماذا لاتأكل مع والدتك قال براً بها، قال ماترغب أن تأكل معها، قال أنها ترغب وتتمنى، قالوا كيف قال أخشى أن آكل معها فتسبق يدي على قطعة لحم تكون عينيها سبقت إليها فأكون عققتها فأجلس عندها وأؤنسها وأتحدث معها حتى تنتهي ثم آكل فأخشى أن تسبق يدي وأنتم تعرفون كلنا نعرف إذا جلس الواحد منا على طعام أحياناً تكون عينه على شيء،يأتي واحد يمد يده ويأخذها، هو ماقصد أن يأخذها من أمامك، فهو لا يدري أن عينه سبقت إليها مايعلم، فهو يقول يخشى أن يحدث هذا، فمن بره بوالدته أن لايأكل معها خوفاً أن تسبق يده ماسبقت إليه عينها، ياالله تفضلوا يا أخوان هذا التعظيم هذه المنافسة هذا البر الحقيقي.
عاشراً: الحقوق الشرعية للآباء .
أيضاً مما يجب في هذا الجانب معرفة الحقوق الشرعية، حتى الأب الكافر له حقوق شرعية فما بالك بغيره، كم أتألم كم أكاد أبكي عندما يأتيني من بعض القضاة أنه يأتيه أب يشتكي ابنه، إنه لايصرف عليه الابن ثري والوالد فقير فيأتون للقاضي ويصدر صك شرعي بأن يخصم من راتب الابن (500ريال) أو ألف ريال فيعطي والده، ما رأيكم حمانا الله وإياكم … نعم، وموجودة قضايا كثيرة، الأب يقول أنا فقير مسكين وابنه يجب عليه أن ينفق ولايعطيه فيذهب إلى المحكمة ويقدم شكوى ويحضر الابن ولايقبل إلا يطلع عليه صك شرعي ويخصم مباشرة من راتبه ولا مايعطيه إلى هذه الحالة وصلت الأمور في معرفة حقوق الوالدين، أزمة جداً.