بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني أيها الأحبة في الله أن أشارك معكم في هذا الصرح الدعوي المبارك وهي أول مشاركة لي في هذا المنتدى أسأل الله أن ينفع بها وأن ينفع بكم
==============================================
رسالة إلى منافق
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية
*أيها المنافق .
*يا من يخدع الله سبحانه وهو خادعه.
*يا من في قلبه مرض فزاده الله مرضًا.
* يا من يُظهر ما لا يُبطن ، ويُبدي مالا يُخفي
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وبعد
فإن النفاق داء عضال ومرض خطر يهدد المجتمعات ، ويزعزع كيانها متى ما تفشى فيها وانتشر بين أفرادها ، وهو أنواع عديدة منها: نفاق العقيدة ، ونفاق العبادة ، ونفاق المعاملة ـ نسأل الله السلامة ـ . ولما كان هذا الوباء له خطره العظيم . وعواقبه الأليمة ، كان عليّ أن أوجه هذه الرسالة إلى من كان في قلبه مرض من النفاق طمعاً في بيان الحق وإبطال الباطل ، لعل الله أن ينفع بها فأقول مستعيناً بالله وحده :
• يا من طبع الله على قلبه فهو لا يفقه ولا يعي ، إياك ولمز المُطّوّعين من المؤمنين الصالحين ، وأحذر من الخوض في أعراضهم والتعرض لهم بلسانك الذي لا هم له إلا النيل نهم في المجالس ، وتشويه صورهم والاستهزاء بهم ؛ فإن من علامات النفاق النيل من الصالحين ، وتتبعهم بالسخرية في كل مكان . قال تعالى : { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } ( سورة البقرة : 14). والحذر الحذر من ممارسة هذا الفعل الشنيع بحجة المزاح والتسلية ، فقد ورد التحذير من ذلك في قوله تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } ( سورة التوبة : 65).
• يا من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ، ويحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، أما تخاف عقوبة الله سبحانه وتخشى عذابه؟! يا من يرى المنكرات فلا ينكرها ولا يُتَمَعَّرُ وَجههُ غضبا لحرمات الله سبحانه تذكر قوله جل وعلا: { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ } ( سورة التوبة : من الآية 67 ) . فإياك وهذا السلوك المشين والفعل القبيح الذي هو دليل على النفاق ، وعلامة على حب الفاحشة والحرص على إشاعتها بين أبناء المجتمع - والعياذ بالله -.
• يا من لا يريد بعمله وجه الله سبحانه ولا الدار الآخرة ، إياك والتخلف عن صلاة الجماعة والتأخر عن أدائها في المساجد فقد ورد في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله : " ولقد رأيتنا وما يتخلَّفُ عنها ( أي صلاة الجماعة ) إلا منافق ، معلوم النفاق " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1488 ، ص 264 ) . لأن التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد مع جماعة المسلمين من غير عذر شرعي ذنب عظيم يدل على مرض في القلب ، ومؤشر على مخالفة الجماعة وعدم الامتثال لأوامر الشرع العظيم وهدي النبوة الكريم.
• يا من جعل الله جل جلاله أهون الناظرين إليه حين يستخفي من الناس ويخلو بمحارم الله ليبارز العزيز الجبار بالذنب ، ويحاربه بالمعصية ، تذكر قوله سبحانه : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } ( سورة النساء : الآية 108) . فأحذر من غضب الجبار سبحانه وانج بنفسك من النار ، ولا تنس قول الشاعر :
وإذا خلوت بريـــبة في ظلـــمة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يرانـي
• يا من يقوم إلى الصلاة وغيرها من العبادات ببرود وخمول وكسل ، فلا يتدبرها ولا يعيها ولا يبتغي بها وجه الله سبحانه ، اعلم أنك تقوم إليها مراءاة وسمعة ونفاقا ، لا طاعة وامتثالا . قال تعالى : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ } ( سورة النساء : من الآية 142) . فإياك والكسل أو التراخي عن أداء العبادات والتباطؤ في عمل الطاعات لأن ذلك كله من علامات النفاق ودلائله لاسيما متى كان وقت تلك العبادات وقتاَ للراحة ولذت النوم . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أثقل الصلاة على المنافقين ...." متفق عليه . فاحذر من هذه الصفة الذميمة والسلوك السيئ ، وعليك بالمسارعة إلى الطاعات والحرص على إتيانها بهمةٍ عاليةٍ ، ونشاطٍ مستمرٍ ، وحيويةٍ دائمةٍ دون كسلٍ أو مللٍ أو تباطؤ .
• يا من إذا قيل له لا تفسد في الأرض قال : إنما أنا من المصلحين ، لا تكذب في الحديث فإنه من أعظم علامات النفاق العملي ، ومركز دائرته التي لا يقوم إلا عليها ، ولذلك قال الله تعالى : { وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } ( سورة المنافقون : من الآية 1 ) . وثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذَّر منه بقوله : " آيةُ المنافق ثلاثٌ : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتُمن خان " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 211 ، ص 47 ) . فالكذب علامة واضحة تشهد على صاحبها بالنفاق لما فيه من قلبٍ للحقائق ، ومخالفةٍ للواقع ؛ ولأنه ينبئُ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبه. ولذلك قيل : " أس النفاق الذي بُني عليه الكذب " ، وقال الشاعر في وصف ذلك :
لي حيلةٌ في من ينمُ ، وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلقُ ما يقولُ ؛ فحيلتي فيه قليلة
فالحذر الحذر من الكذب جداً كان أو هزلاً ، والحذر من التساهل في شأنه فهو طريقٌ إلى الهلاك ، وسبيلٌ إلى الوقوع في حبائل الشيطان ، والبعد عن الإيمان .
تابع