<div align="center">ذكاء أم غباء؟</div>
المواقف التي يمر بها الإنسان أثناء تعامله مع الآخرين كثيرة.. أحيانا تكون قاسية ومحرجة، وأحيانا مهينة أو مضحكة.. فحين يجتمع الأصدقاء أو الأهل أو الزملاء في الأماكن العامة أو الشارع قد يصدر عن بعضهم هفوات أو كلام لاذع يؤذي المشاعر. وربما يكون الشخص قد صدر عنه مثل هذا الكلام عن سبق إصرار وتقصد أو خانه التعبير.. ترى كيف تكون ردة الفعل على مثل هذه الهفوات أو الكلام الجارح والمهين؟ وكيف يتعامل معه الناس حين يسمعون جملة تزعجهم وتؤذي مشاعرهم او تجعلهم يشعرون بالحرج أو الإحباط؟ هل يكون الرد من جنس العمل فينتقم الشخص من الآخرين انتقاما لكرامته التي يعتبرها انتهكت حتى لا يقال انه «أهبل» ولا يجيد فنون الكلام الدفاعية.. أم «يطنش» معتبرا ذلك في حد ذاته ردا ذكيا على ما صدر من الآخرين في حقه؟
هل الرد على الآخرين ذكاء أم غباء.. ومتى يكون كذلك ومع من؟
يقول بعض الأشخاص ....!! الرد على الآخرين ضرورة أحيانا لان بعض الناس لا يدركون معنى السكوت والتغاضي عن أخطائهم ويعتبرونها ضعفا في شخصية من أمامهم.. وهؤلاء من الأفضل الرد عليهم بقسوة وإيقافهم عن حد معين لمنعهم من تجاوز حدودهم وإيقافهم عند حد معين من الخطوط الحمر في التعامل فلا يتخطونها..
ويقول البعض......!! الرد على الآخرين يكون غباء عندما لا نستطيع أن نحدد مدى قرب الشخص منا أو مدى حرصه على مصلحتنا.. فلعل كلامه يكون جارحا ولكن لا يهدف إلا إلى الخير خصوصا إذا صدر الكلام الجارح من الوالدين أو الاخوة أو الأصدقاء المقربين.. فقد يشعر هؤلاء بالقهر لمصلحتنا وقد يوبخوننا أحيانا من باب اللوم والخوف والحب وليس بهدف خدش المشاعر والإهانة. ولهذا فإن على الإنسان أن يعي مع من يتحدث وأن تكون درجة استيعابه للآخرين كبيرة حتى يعرف «عدوه من صديقه» ويحدد أسلوب الرد من عدمه.
كيف تكون فنون المبارزة الكلامية ؟
وتعد النساء في رأي الأغلبية هي الأكثر استخداما لأسلوب الرد على الآخرين، فلا يسكتن على كلمة ولو صدرت من دون قصد. وان بعض الفتيات لا يجدن فن الرد فقط بل الردح أيضاً ان تتطلب الموقف ذلك. ومعظم فتيات اليوم يعتبرن الرد على الآخرين والوقوف عند كل كلمة تحمل معنى أو لا تحمل مهارة كلامية تتعلمها الفتيات منذ الطفولة.. ويتباهين بها ويظهرن عضلاتهن في فنون المبارزة الكلامية ويعتبرنها مقدرة فذة وسرعة بديهة وذكاء.. كلما كان الرد قويا وقاسيا أثار فيهن مشاعر السعادة وفرحة الانتصار كأننا في معركة قتالية تستخدم فيها بدلا من الأسلحة والمدافع الكلمات والإهانات كالقنابل المسيلة للدموع وتنتصر في النهاية صاحبة اللسان السليط بعد أن ينهزم من أمامها إما بالانسحاب أو البكاء أو السكوت.
والاجتماع بالفتيات خصوصا إذا كان هناك تفاوت مادي او فكري بينهن لأنه غالبا ما يؤدي إلى مثل هذه المهاترات الكلامية التي تدفع إلى إيقاع الإيذاء النفسي.
إنما للصبر حدود.......!!
يقول بعض الأشخاص إن شخصية المتحدث تلعب دورا في ردة فعل من أمامه. وإذا واجهت كلاما من شخص لا يمت إلى الذوق بصلة فسوف «اطنشه»، هذا الشخص غير قابل للنقاش والحوار، فخير رد عليه «تطنيشه» بينما لو صدر الكلام من شخص يتمتع بذوق وادب خانه التعبير فإنني سأناقشه في ذلك وأعرف منه هدفه مما قاله.. ثم أرد عليه بطريقة لائقة ومهذبة.
مع أن «التطنيش» يأتي على مراحل لمنح فرصة للتراجع، وبعدها يكون الرد هو الحل الأمثل في إشارة إلى إنها «تطنش» مرة واثنتين وتجاوب في الثالثة.. التي تكون عادة ثابتة.
ويقول البعض من الغباء اعتبار «التطنيش» الحل الأمثل، إذا كان الكلام الموجة يخدش المشاعر أو يسيء إلى الأدب وفي مثل هذه الحالة فإنه لا بد من وضع حدود للتعامل حتى لا يتخطاها الآخرون..
والبعض يقول كثيرا ما يصدر الكلام المؤذي أو الذي يحمل التوبيخ أو التعالي من الناس. فلا بد من «التطنيش» أحيانا وعدم أخذ كل كلمة على محمل الجد بل نتجاوز بها الخلافات والمشاكل خصوصا انه تصدر في بعض الاحيان كلمات من أصدقاء وأقارب لا تحمل وراءها قصدا سيئا.. وحين نقف لبعضنا على كل كلمة ونحملها معاني فوق ما تحتمل ستتوتر العلاقات أو تنتهي مع الاخرين.. ولكن حينما «نطنش» ونتجاوز عملا بمقولة «التمس لأخيك سبعين عذرا» لن تنشب المشاكل أو القطيعة مع مقربين إلينا.. وما دام الكلام غير جارح أو مؤذ إلى درجة الإهانة أو التعرض للكرامة فإن بالإمكان تجاوزه.
تطنيش للزوجة
قد يرى البعض أن الحديث المزعج إذا كان صادرا من إنسان مستهتر لكنه يرفض«التطنيش» لو صدر من الزوجة لأنه يعتبرها مسألة كرامة..
وأن الكلمة من الزوجة بعشرة منه.. فلا سيصمت على كلمة يمكن أن تهينه أو تزعجه من شريكة حياته؟ ويوم يطنش الزوج الزوجة قل «عليه السلام» لأن الحكم أصبح تحت إمرتها.. فأي «تطنيش» مع الزوجة يضيع الزوج إلى الأبد..
وتقول بعض الزوجات: لابد أن «اطنش» حتى لا «تنفقع» المراره.. فالمرأة عليها أن تطنش كثيرا لأنها إن لم تفعل ذلك ستتعب كثيرا فلا بد من الزوجة أن تطنش في البيت مع أولادها وفي عملها وفي الشارع وفي تعاملها مع الاخرين.. وقد ترى بأن في التطنيش «تشتري عقلها وراحتها».
أفضل رد هو عدم الرد:
قد يعتبر البعض أن عدم الرد ردا في حد ذاته ومن الأفضل تجاهل ذلك الشخص الذي يكون معتادا على تقديم الانتقادات للاخرين بهدف الانتقاص من شأنهم من جانب ولضعف شخصيته. من جانب آخر تجاهل مثل هؤلاء «يقهرهم» أكثر من الرد عليهم.
وقد يضن البعض أيضاً إن عدم الرد «تكبيرا» للعقل واحتراما للذات. وقد نتساءل ماذا يفيد الرد على الاخرين؟ فقد نخسرهم أو ندخل في مشكلة معهم.. ولهذا فعدم الرد افضل لتجنب المشاكل.. أما متى يكون الرد ضروريا هو عندما يتجاوز المطروح من الكلام حدود الادب..
«تطنيش» المسؤول في العمل:
قد يضن البعض أحيانا مفيد وفيه ذكاء خصوصا في العمل مع المسؤول الذي يحمل الرد عليه «التفنيش».. وتتساءل: أيهما أفضل التطنيش أم التفنيش؟
التطنيش بين الأصدقاء
قد يكون التطنيش مفيدا حين يختلف اثنان في الراي حول قضية معينة، حتى لا يحتدم النقاش وتثور ثائرة أحدهم فإنه في مثل هذه الحالة يكون أسلم. وأن التطنيش لا يكون نافعا فقط مع الناس الغرباء، وإنما حتى بين الأصدقاء عندما يتناقشون في أمور لكل منهم رأيه الخاص فيها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛؛؛