السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د- خالد سعد النجار
رمز صغير على عدد كبير من المنتجات الغذائية المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية، والمتواجدة في كافة الأسواق العالمية... إنها «فخر الصناعة الأمريكية» الممهورة بدائرة صغيرة، بالكاد ترى فيها حرف (U) أو (K) هي عبارة عن علامات تصنيفية للبضائع. لكن الكثيرين يجهلون معاني هذه الإشارات، فمنهم من يظن أنها «ماركة مسجلة» أو رمز للشركة المنتجة أو غير ذلك !!
«كوشر» كلمة عبرية الأصل معناها الحرفي يشير إلى كل ما هو صالح وشرعي، وهي تستخدم لتدل بشكل عام على كل ما هو متعلق بأصناف الطعام الذي يأكله اليهود، المحللة دينيا والمعدة وفقا لتعاليم الشريعة اليهودية.
ونتيجة لتمسك جزء كبير من اليهود بمثل هذه القوانين والتشريعات ظهرت شريعة «الكوشر» الغذائية اليهودية، والتي ظل يتمسك بها اليهود منذ حوالي ثلاثة آلاف عام، وهي شريعة تتسم بقدر كبير من التعقيد والاتساع وتهدف في مجملها إلى إرشاد اليهود إلى أنواع الطعام التي يحل لهم تناولها دينياً من تلك المحرمة.
قوانين صارمة
ففيما يتعلق باللحوم – مثلا - المسموح به الثدييات التي تجتر طعامها وما هو مشقوق الحافر منها، ويحرم أكل لحم الخنزير والأرنب والحصان.
ومن الطيور المباحة: الدجاج والبط والإوز.كما اتفق على تحريم أكل البوم وأبي قردان.
أما الأسماك فقد وضع معيارين لتحديد نوعيات السمك التي تتفق مع شرائع وتعاليم «الكوشر» (أولها): يجب أن يكون لدى السمك زعانف وحراشيف. وعلى ذلك فإنه محرم تناول المحار والسرطان والكابوريا، (وثانيها): يحظر على اليهود تناول قط السمك أو ثعبان السمك أو الجمبري أو الإخطبوط.
ولا تعد اللحوم الممتزجة بمنتجات الألبان من «الكوشر» على الإطلاق، إذ يحرم بتاتا القيام بطبخ اللحم والحليب معاً بأي شكل من الأشكال، أو تناول الأطعمة التي تشتمل عليهما، أو الحصول منهما معاً على أي منتج غذائي.
وكوسيلة لاتقاء الوقوع في هذا الأمر المحظور، يمنع حاخامات اليهود تناول اللحم مع أي منتج من منتجات الألبان في وجبة واحدة أو إعدادهما في نفس الإناء، كما أنه يتعين على الشخص الذي تناول لحماً أن ينتظر لمدة ست ساعات بعد أكله حتى يمكنه تناول أي من منتجات الألبان.
ومن الشروط الأساسية التي يجب الالتزام بها لجعل الطعام موافقاً لشريعة «الكوشر» أن يتم طهوه في أوان مخصصة لهذا الغرض فقط «أواني الكوشر»، فأواني الطعام التي تستخدم في طهي المنتجات التي تخالف شريعة «الكوشر» لا يمكن استخدامها في طهي أطعمة «الكوشر»، ولجعل هذه الأواني صالحة لإعداد طعام «الكوشر» ينبغي أولاً أن يتم إجراء عملية تنظيف شاقة لها، تشتمل على تنظيفها بالماء شديد السخونة أو تعريضها لحرارة شديدة.
من التقاليد المنزلية إلى المجالات الصناعية
مع بداية القرن العشرين بدأت في أمريكا بعض المصانع الصغيرة المملوكة لبعض اليهود في إنتاج مواد غذائية تخضع لقوانين «الكوشر» بعد أن بدأت أعداد أفراد الجالية اليهودية في أمريكا في التزايد والنمو بشكل ملحوظ، إلا أن العلامة الفارقة في تاريخ تطور «الكوشر» تمثلت في بدء أكبر الشركات الأمريكية لتعليب وإنتاج الأطعمة المخللة، وهي شركة «هينز»، بتقديم وتسويق نوع محدد من منتجاتها يخضع لقوانين «الكوشر» الصارمة، وفي محاولة منها لتسهيل عملية التعرف على هذا النوع المعين من المنتجات على اليهود، قامت الشركة بوضع علامة معينة عليها تبين أنها «كوشرية» قلباً وقالباً.
غير أن أفراد «اتحاد اليهود الأرثوذكس» في أمريكا اقترحوا على الشركة وضع العلامة «OU» على مثل هذه المنتجات بدلاً من العلامة التي كانت تضعها الشركة بنفسها بحكم أن هذا الاتحاد أعطى لنفسه حق المراقبة والتأكد من مراعاة قوانين «الكوشر».
ومع ولادة هذه العلامة على يد «اتحاد اليهود الأرثوذكس» ولدت أيضاً ممارسة فرض ضريبة معينة، يتعين على الشركات دفعها حتى تحظى بمباركة وموافقة الحاخامات، وهي ضريبة تدر عشرات البلايين من الدولارات في جيوب اليهود، وهي في تزايد يوماً بعد يوم.