لصوص النصوص من طلاب العلم وكتاب الإنتر نت
الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وبعد :
فقد أعضل الداء وعزّ الدواء على أناس امتلأت قلوبهم بنكت سوداء فأصبحت كالكوز مجَخِيا لا يعرف معروفا
ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه .
فأصبح الشوط بطين والمنهل معين في أن يعرف الحق عند هذا أو ذاك لما امتلأت قلوبهم على أهل السنة
فيدافع المرء منهم عمن طعن في الدين وحارب الموحدين فتؤلف الكتب وتصدر النشرات وتوزع المقالات
وسيوفهم يشهرونها على رقاب من يدافع عن تراب المسلمين ودين رب العالمين وأنفق ماله التي هي بالملايين
وترك الأهل والإخوان والأوطان والصلاة بجانب بيت الله الحرام ليبقى في الثغور يأكل كسرة خبز يابسة أو يبحث
عن شربة ماء دافئة أو ملاذا يلجأ إليه عند حر الشمس الحامية أو شدة البرد القارسة . ولكن في سبيل الله وقد لاقى من هم خير منه أعظم مما لاقى وأوذوا من قبله بأكثر مما لاقى فالمتخاذلين والأذناب في كل زمان ومكان فعند الله الموعد .
فإلى الديان يوم الدين نمضي 000وعند الله تلتقي الخصوم
فإن الطعن في الصالحين وخذلان والمجاهدين وتسميتهم أنهم من الخوارج المارقين عند هؤلاء أمر هين لين في قاموس المتخاذلين ، خاصة إن كانوا من الصنف الذي سنتحدث عنهم من اللصوص للنصوص من كلام العلماء الربانيين وطلاب العلم وأهله ، والمؤمن لا يكذب ولا يسرق ،ومن كذب أو سرق لا يوثق في علمه أو نقله فكيف بمن اجتمعت فيهم السرقة والكذب .
إلا أن الكذب والسرقة في موضوعنا هذا نوع آخر غير ما يعلمه عوام الناس إنها سرقة كلام العلماء والكذب على المسلمين بالكذب بالتدليس على أنها من بنات أفكارهم ومن نتائج دراساتهم وبحوثهم .
والمسألة في تلك السرقات ليس منحصرة في ألفاظ أو بعض العبارات فهذا مما لا يسلم منه إنسان وإنما هي عند البعض نصوص كثيرة وبتر ونقاط وفواصل واستفهامات وإيهام أن الكلام انتهى ثم التتمة من الكاتب أو المؤلف على أن الذي سيكتب من كلامه ثم الاعتداء على التحقيقات .
كما قال الألباني رحمه الله :أن بعضهم يسرق العزو من كتبه فيجدها لقمة سائغة ويظهر هذا عندما يكون العزو خطأ فينقله السارق فيفتضح أمره ) . انتهى
بل والبعض يأتي بالنص فيبتره وينسبه إلى العالم مستغلا النص المبتور مستشهدا به على قوله
بل ووجدت سرقات عجيبة أيضا لأحدهم عندما كنت أبحث في احدى المسائل وأجمع الكلام حولها فأجد تدليسا عجيبا في قص كلام المسألة وتوزيعها على عدة صفحات من كتابه على أن هذا من عنده والله المستعان .
نقل عن طرفة بن العبد قوله :
( ولا أغير على الأشعار أسرقها 0000غنيي بها وشر الناس من سرق )
وقال الجزيري في مقاماته :
(( واستراق الشعر عند الشعراء أفظع من سرقة البيضاء وغيرتهم على بنات الأفكار كغيرتهم على البنات الأبكار ))
وإليكم الآن كلام بعض العلماء في هؤلاء اللصوص
1 _ قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين 3 / 332:وهو يتكلم على الطرق الخفية التي يتوصل بها إلى الحرام :
( وكحيل اللصوص والسراق على أخذ أموال الناس وهم أنواع لا تحصى
فمنهم ، السراق بأيديهم ، ومنهم السراق بأقلامهم ، ومنهم السراق بأماناتهم ، ومنهم 000)
فانظر حفظك الله كيف سمى الذي يسرق كلام أهل العلم بقلمه أنه لص وحرامي وأن اكتساب ماله حرام .
2 ـ قال الشيخ محمود شاكر رحمه الله في كتابه المتنبي ص / 113
وهذا الاسلوب في تجاهل الألفاظ ثم الالتفاف حولها بألفاظ أخرى وإخراجها مخرج الأمر غير المتعمد وإخفاء المحرك وراء نقاب مموه = هو من الأساليب الناجحة أيضا ( في علم السطو ) والذي يقتدر عليه يبلغ مبلغا عظيما في باب ( السطو الخفي ) فاحفظه فإنه نافع جدا .
وإذا خلط بمسحوق ( حب الثرثة ) طيب نفس القارئ وأطفأ حرارة الفهم وسهل عمل الغفلة !!
هذه فائدة طيبة منقولة عن ابن البيطار العشاب الطبيب وانتهت النكتة اللطيفة
3 _ قال المحدث محمد جمال الدين القاسمي في قواعد التحديث ص / 38
( لا خفاء أن من المدارك المهمة في باب التصنيف ، عزو الفوائد والمسائل والنكت إلى أربابها تبرؤا من انتحال ما ليس له ، وترفعا د
عن أن يكون كلابس ثوبي زور .
قال رحمه الله : لهذا نرى جميع مسائل هذا الكتاب معزوة إلى أصحابها بحروفها وهذه قاعدتنا فيما جمعناه ونجمعه )
ثم قال رحمه الله :
وقد اتفق أني رأيت في (( المزهر )) للسيوطي هذا الملحظ حيث قال في ترجمة " ذكر من سئل عن شيء فلم يعرفه
فسأل من هو أعلم منه " ما نصه :
(( ومن بركة العلم وشكره ، عزوه إلى قائله ؛ قال الحافظ أبو طاهر السلفي : سمعت أبا الحسن الصيرفي يقول :
سمعت أبا عبد الله الصوري يقول : قال لي عبد الغني بن سعيد : " لما وصل كتابي إلى عبد الله الحاكم ، أجابني بالشكر عليه ، وذكر أنه أملاه على الناس ، وضمن كتابه إلي الاعتراف بالفائدة وأنه لا يذكرها إلا عني )) . وأن أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثهم ، قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري ، قال : سمعت أبا عبيد يقول : (( من شكر العلم أن تستفيد الشيء ، فإذا ذكر لك قلت : خفي علي كذا وكذا ولم يكن لي به علم ، حتى أفادني فلان فيه كذا وكذا ، فهذا شكر العلم )) قال السيوطي : (( ولهذا لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفا إلا معزوا إلى قائله من العلماء مبينا كتابه الذي ذكر فيه )) . انتهى .
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
وسرقة الكتب إحدى الثمرات المرة لهذه الحضارة الجديدة التي يسرت الوسائل ، ومهدت السبل ، لأهل الخير ولأهل الشر ، فمن لم يكن له دين يعصمه ، وخوف من الله يسدده ، أحكم السرقة حتى لا تكاد تنكشف ، وحتى أنك لو وضعت أمامك النسخة الأصلية من الكتاب والنسخة المسروقة ، لم تستطع أن تفرق بينهما ، فالورق هو الورق ، والحرف والحبر والتجليد ـ كل ذلك سواء في النسختين .
ذلك لتعلموا أنه لا حضارة ولا العلم ولا الأخلاق ، بالتي تغني عن الدين ، لأنها كلها للناس ، فإن لم ير صاحبها الناس ، اعرض عنها وتناساها، واتبع شهوته ومصلحته .
أما صاحب الدين فيعلم أنه إن خلا بنفسه ، وغلق عليه الأبواب ، وأسدل الستائر ، واستخفى من الناس ، فإنه لا يستخفي من الله ، وهو معه يسمعه ويراه ، وإن أنكر شهدت عليه يده التي اقترف بها الذنب ، ورجله التي مشى بها إليه ، وجلده الذي لا يستطيع أن يخلعه ، ويخرج منه ، كما يخرج من ثوبه ، ليلبس ثوبا غيره فلا يعرفه من يبصره
رحم الله علماء الأمة المخلصين ما أنصفهم .