الاختلاط أم الأقصى يا دعاة الليبرالية
لقد جاءت حادثةُ اِقتحام الأقصى من قِبَلِ قطعانِ اليهود لتمثِّلَ منعطفاً هاماً ومصيريّاً لدى من يُسمّون أنفسهم بالليبراليين السعوديين حيثُ جاءَ التوقيتُ في مرحلةٍ حرِجةٍ وحسّاسة فيما يدورُ ويتعلّق بقضايا المرأةِ من أمور الاِختلاطِ وما يجري من محاولةِ ذبحهِ؛ تارةً على أيديهم، وتارةً على أيدي الفقهاءِ الليبراليين الجدد.
وما يتعلّقُ أيضاً بدعاوى التحريرِ والاِنفلات والتي أخذت أبعاداً خطيرة في الداخل والخارج، خصوصاً مع الممارسات المتفلِّته والمعهودة دوماً على التيار الليبرالي في السعودية وغيرها من الدول.
ذلك التيار الذي لا يطل برأسه بقوة إلا في حال الأزماتِ التي تنزلُ بالأمة، فهو يرى في مواجعِ الأمة ومآسيها واستقواءِ العدوِّ المتربِّص الذي يُهيْمن على تفكير وتوجّهات الليبرالي فرصةً سانحة لتحقيق مشروع العمر الذي سارَ عليهِ الليبراليون برهةً من الزمن.
لقد وجدَ هذا التيّار فرصتهُ، وحصلَ على بُغيته ، وأخذَ دعاتهُ على عاتقهم أن يطرقوا موضوعَ الاِختلاطِ بكلِّ ما أوتوا من وسائلَ وإمكانيات ، مُشغلينَ بذلك علماءَ هذا البلدِ ودعاتهِ عن متابعةِ ما هوَ أهمُّ وأخطر مما يتعلّق بقضايا الأمةِ الكبرى ومقدّساتها.
ففي الوقتِ الذي يُدنِّس فيهِ الصهاينةُ ساحاتِ المسجدِ الأقصى يقومُ هؤلاء بالتعبئةِ والتنظيم لاِستكتاب مجموعةٍ من أهلِ العلم من داخلِ البلادِ وخارجها يستكتبونهم لِشرعنةِ الاختلاطِ وتسفيهِ الممانعينَ له تسويغاً للهجومِ على العلماءِ والمحتسبينَ من أهلِ هذهِ البلاد الذينَ مانعوا وتصدّوا لهكذا مؤامرةٍ يرادُ منها إشاعةِ الفاحشةِ بينَ الذينَ آمنوا.
ويهدفونَ أيضاً من ذلك إلى الوقيعةِ بينَ ولاةِ الأمرِ منَ العلماءِ والأمراءِ ، بالتشويشَ على بياناتهم وفتاواهمُ التي تبيِّنُ الحقّ للناسِ وتصدعُ به كما فعلوا من قبلُ في قضيةِ المسعى الجديد.
إنّ هموم هذا التيّارِ الليبرالي تنحصرُ في عدةِ مشاريعٍ أُنثوية ، يُرادُ منها أن يكونَ المجتمعُ شهوانياً بهيمياً كما هوَ الحاصلُ في بعضِ بلادِ الغرب وإلاّ ففتِّش عن مشاريعهم وكتاباتهم في هذهِ المرحلِةِ الحرِجة ، أوِ ادخل إلى مواقعهم ومنتدياتهم ، لترى هل كتبَ أحدٌ منهم عن اِقتحامِ الأقصى؟! أو هل كتبَ دعيٌ منهم مندِّداً بما يجري من خذلانٍ وصمتٍ تجاهَ ما يجري لِثالثِ مقدّساتِ المسلمين؟!.
إنني أحلفُ بالله غيرَ حانث أن ذلكَ لن يكون حتى يلِجَ الجملُ في سمِّ الخِياط؛ لأننا رأينا حالَهم وقتَ مجزرةِ غزةَ الأخيرة، فقد كانت فضيحتهم مدوِّية من خلال تعاونهم وتعاطفهم الكامل مع العدوِّ الصهيوني وما يقوم بهِ في غزة { الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .
بل إنّ منظِّري ومروّجي وأبواق الليبرالية لم يكتفوا بتأييد العدوان والترويج له، ولم يكتفوا بمحاولة خذلانِ المقاومةِ وكسرها من خلال الكذِبِ والتزوير والتلفيق الإعلامي، بل ومهاجمةِ قادتها ورموزها، لكنهم لم يخجلوا أبداً من تأييد قوى التخلّف والانحطاط والعمالة من جماعةِ محمود عباس وزمرتهِ الفاسدة في الضفةِ الغربية على كلّ ما تتصفُ بهِ من عمالةٍ وتبعيةٍ للعدوِّ الإسرائيلي.
إنّ الأفظعَ من ذلك : هوَ أنّ هؤلاءِ المتلبرلين يدّعونَ الخوفَ على قضايا الأمةِ ومصالحها ، وهم أبعدُ ما يكونونَ عن خدمتها والحِفاظِ عليها ، بل هم أسوءُ سوءٍ مُنيَت بهِ الأمةُ في تاريخها المعاصر .. إن الأزمةَ التي تُرى قد أحرجتِ الليبراليينَ ولا شك.
وفضحت مخطّطاتهمِ الزاعمةِ حفظَ مصالحِ الأمة، وبان الزيف ، وظهر السلوك الطفولي الذي اعتاد عليه الليبراليون : ( إذا لم تكن معي فأنت متشدد ، ومتطرف ، وغير واقعي ، وإقصائي لا تتعايش مع الآخر ) .
لقد أوضحت هذهِ الظروف الفشل الذريع، والإفلاس الشنيع الذي يمرّ به التيّار الليبرالي في الشارع العربي ويمكرونَ ويمكرُ الله ، واللهُ خيرُ الماكرين والعاقبةُ – بإذن الله – للمتقين، وسيعلمُ الذين ظلموا أيّ مُنقلبٍ ينقلِبون.
الكاتب : عبدالرحمن محمد السيد
ياله من دين