الدور الرائد والقيادي للمرأة في ظلال الإسلام
بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا
من يقرأ تاريخ الإسلام والسيرة النبوية المطهرة قراءة علمية واعية بعيدة عن الفهم الخاطئ والمغلوط لبعض المسلمين الحاليين، يجد أن للمرأة في الإسلام الدور الرائد والقيادي السابق لدور الرجل في حماية الدعوة، والإستشاد في سبيل الله، والفدائية، والمشورة، والطبابة، والجهاد والمناقشة وتحصيل العلم وتربية الأجيال وهذا ما سوف نؤيده بالوقائع والحقائق النقلية الصحيحة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وتاريخ الإسلام .
السيدة خديجة أول مؤمنة في الإسلام:
فعندما رجع إلهيا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غار حراء، عندما نزل عليه الوحي لأول مرة، دخل على السيدة خديجة رضي الله عنها فقال: (زملوني ـ زملوني) أي : لفوني لفوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة وأخبرها الخبر(لقد خشيت على نفسي)، فقالت خديجة رضي الله عنها : كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل وتكسب المعدوم، وتُقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان رجلاً عالماً، فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر ما رأى: فقال له ورقة هذا الناموس (أي جبريل) الذي نزل على موسى (جزء من حديث رواه البخاري ومسلم).
وفي رواية عند أحمد يقول صلى الله عليه وسلم ( عن خديجة) آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس).
الدور الرائد والقيادي لخديجة:
وهذا دور رائد وقيادي للسيدة خديجة، فلم تترك رسول الله في تلك الشدة، ولم يحضر رسول الله (الرجل) رأي خديجة (المرأة )، ولم يعص خطتها وذهبت معها إلى ابن عمتها العالم وتولت هي دور الريادة في الحديث والقيادة ولم ينكر عليها المصطفى ذلك، ولم يخجل من ضعفه في أول الوحي وقوتها في مواجهة الموقف وهذا مثل لحاملي الشهادات من الرجال في أيامنا ولمن يحقرون المرأة ودور المرأة .
(2)السيدة سمية بنت خيَّاط أول شهيدة في الإسلام:
فقد جابهت المشركين بقوة المرأة المؤمنة وأخذت بالعزيمة وماتت من التعذيب وكان الكفار يضربونها بالعمود الحديدي في بطنها وفرجها وكانت بموقفها الريادي والقيادي والصمودي تغيظ أعداء الله، وكانت في عز التعذيب عزيزة وهي العبدة، وكان المشركون أذلاء أمامها وهم كما يزعمون الأشياء.
أي دور هذا الدور البطولي ؟ وأي تكريم للمرأة في الإسلام أن تصبح هي أول شهيدة في الإسلام، أفيقوا يا عبيد الرجولة، وتنبهوا ما معقدي الأنوثة من نحن الرجال يصنع كما صنعت السيدة سمية رضي الله عنها.
3) : السيدة أسماء ذات النطاقين أول فدائية في الإسلام :
فقد قامت السيدة أسماء بدور جهاز التموين لجيش الهجرة وكانت تقوم بدور المخابرات فتأتي بأخبار القوم، فقد روي مسلم أنه عندما صلب الحجاج ولدها عبد الله بن الزبير (وعندما طلبها الحجاج لتشفع في انزال ابنها أبت فأتي إليها ) فدخل عليها فقال : كيف رأيتني صنعت بعد والله قالت : رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسدت عليك آخرتك بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين.
أنا والله ذات النطاقين (النطاق ما يشد به الوسط (أي الحزام )، أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذاباً ومُبيراً (كثير القتل ) فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا أخالك إلا إياه قال : فقام عنها ولم يراجعه .
هذه الشجاعة أسماء المرأة في مواجهة ظلم الرجل (الحجاج)، ومعاونة المصلحين والأنبياء (رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في الهجرة ).
(4) : أم سلمة أنقذت المسلمين من الهلاك :
ففي يوم الحديبية عصى الناس أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكاد المسلمون أن يهلكوا فأنقذهم الله برجاحة عقل أم سلمة ومشورتها المباركة، فقد روى البخاري : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية .. فلما فرغ من قضية الكتاب (أي كتاب الصلح مع قريش) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه (قوموا فانحروا ثم احلقوا قال : فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما ل يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحبب (أي تحب) ذلك ؟ أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك (البدنة أي الناقة )، وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضها وهنا أخوة الإسلام أنقذت أم سلمة المسلمين من معصيتهم لنبيهم ولم يحقر رسول الله مشورتها كما يعمل رجال اليوم ولكن أخذها بمشورتها فهل يتعلم رجال اليوم من ذلك ؟ .
(5): أم عطية تدافع عن الرجال:
فقد روى البخاري أن زوج أم عطية غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة فكانت (أمي عطية) معه في ست غزوات وروى مسلم عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى .
ويوم أحد عندما فرَّ الرجال صمدت أم عطية وكانت تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدافعت عن رجال المسلمين ونبيهم صلى الله عليه وسلم .
(6) ـ أول مستشفى ميداني ـ حربي أنشأته أمرأة مسلمة :
يذكر التاريخ الإسلامي أن السيدة رفيدة أنشأت أول مستشفى حربي ميداني متنقل في الإسلام، حيث ضربت خيمة ميدانية واتخذت منها مركزاً لاستقبال المصابين ومداواة الجرحى وتطبيب الرجال.
وهكذا لو عددنا مآثر النساء في الإسلام لوجدناها فوق الحصر خاصة في المجال الريادي والقيادي فأين نساؤنا من نساء الإسلام الأول.