السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علي بن جابر الفيفي
قال فرعونُ : وما ربّ العالمينربّ
نحنعلى موعد الآن مع أسخف سؤال طرح في تاريخ البشريّة ، إنّه سؤال هزيل، لا يخرج إلا من عقل أكله الغباء!، ليس فيه من المنطقيّة حبّة خردل ، ولا أدنى من ذلك..ويظن أنّه قد أتى بالسؤال المنطقي ، المحوري ، الذي له ما بعده ، ويغالط نفسه المتكبّرة ، ويفضحه موسى في إحدى المقامات : " لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر ، وإنّي لأظنك يا فرعون مثبورا " لقد علمت ! ، إنّك تعلم يا فرعون كل هذا ، تعلم من هو الله .. ولكنّك تدفن هذه المعلومة تحت ركام الكبر والعجرفة ، إنّك تريد أن تستمر أكذوبة ألوهيّتك .. وكأنّك إله يريد أن يتعرّف على إله آخر !.
عندما يتصنّع فرعون المنطقيّة يأتي بالعجائب ! ، " قال فرعون وما ربّ العالمين ؟ " ياله من سؤال يدل على عقل ميئوس منه ! إنّه الإنسان عندما يظن نفسه شيئاً ذا بال ! وينسى حين لم يكن " شيئاً مذكوراً "..
ويسأل هذا الطاغية موسى عليه السلام : ما رب العالمين ؟ وكأنّه لم يسمع به قبل اليوم ؟ وكأنّه يقول بسخافة : على فكرة يا موسى ، وما ربّ العالمين ؟ من هذا الرب الذي تزعم أنّه أرسلك ؟ نحن يا موسى بحاجة إلى أن تعرّفنا على هذا الرب أوّلا ، ثم بعد ذلك ازعم لنا أنّه أرسلك أو لم يرسلك .. أعطنا معلومات عن رب العالمين !!
يا له من مريض! تضخّمت ذاته لديه حتى أصبح يظن نفسه أهلا لأن يسأل : ما رب العالمين ..
وكأنّه لم ير نهر مصر العظيم ( النيل ) وهو يتحرّك ويملأ مصر حياة ، وفيه مئات الشواهد على رب العالمين ..
وكأنّه لم يبصر في حياته الشمس ، وهي تشرق من المشرق وتغرب من المغرب وتضيء العالم وتبث الحياة في الكون .. حتى يسأل : ما رب العالمين ؟
وكأنّه لم ير القمر ليلة البدر ذا النور اللؤلؤي وكيف يحوّل الليالي إلى مشاهد ذات وقع ساحر ، ونور باهر .. حتى يستفسر : ما رب العالمين ..
ألم ينظر ذلك المتكبر من قبل في المرآة ليرى عينيه ، ولسانه وشفتيه .. حتى يسأل : ما رب العالمين ؟
وفي كل شيء له آية تدل على أنّه الواحد ..
هكذا يصنع الطغاة في جميع أنحاء العالم! يسخرون بأولياء الله ، بأسئلتهم التافهة ، يستهزؤون بالنور الذي أعمى أبصراهم ولكنّ " الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون "..
يسأل ذلك التافه : ما رب العالمين ؟
ثم وذات كفر يقول : " يا هامان ، ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب ، أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى ، وإنّي لأظنّه كاذبا " بل أنت الكاذب ، الكاذب في كل شيء ، وفي ظنّك هذا بالذات ، لأنّك تظنّه صادقاً ، بل تجزم بصدقه ، ولكنّك تريد استغفال شعباً بأكمله .. تريد استمرار مسلسل العبوديّة .. وهل هناك في خيالات الطغاة أعظم من خيال أن يعبده المغفّلون .. فلا يشركون به شيئا ؟
وتمضي السنون ، تلو السنين ، ويبقى أسخف سؤال مرّ على وجه التاريخ يرن في ذاكرة العالم ، ويسجّل اسمه في ملف فرعون الطريف السخيف : وما ربّ العالمين ؟
العالمين