صناع الحياة
المعلم هو مربي الأجيال،ومنتج الأبطال ،أنيطت به أصعب المهام ،وعقدت عليه آمال عظام،فإليه تُسلّم فلذات الأكباد ،وشجى الفؤاد ،وبه تنهض الأمم،وترتقي الشعوب...
فالمدرسون هم(صناع الحياة)
فما من قائد أو عظيم ولامؤثر في مجتمعه(من الجنسين) إلا وللمدرس(أو المدرسة)أثر عليه في إحدى سني حياته..
قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله ((إنهم أمانة الله عندكم، وودائع الأمة بين أيديكم سلمتهم إليكم أطفالا ، لتردوها إليها رجالا،وقدمتهم إليكم هياكل لتنفخوا فيها الروح ، وألفاظاً ولتعمرها بالمعاني،وأوعية لتملئوها بالفضيلة والمعرفة)).أهـ
فلابد أن تدرك ـ أخي المدرس ـ أهمية الدور الذي تقوم به،وضخامة التحديات التي تواجهك فقد لاتجد نظاماً يعينك على التربية،ولا وقتا تستعمله في التوجيه،ولا معيناً يسدد خطاك ويشد من أزرك،فتصارع لوحدك ألوان الفساد وأشكال الإفساد،في ظل تناقض الإعلام،وانشغال الآباء ،وإعراض الطلاب..!
فلا يحسن بنا معاشر المعلمين أن نتنصل عن المسئولية التي أولانا الله إياها،ونهمل الأمانة التي كُلفنا بها ،ونتخاذل عن أداء الرسالة التي نتشرف بحملها ،وألا تحول المعوقات مهما بلغت بيننا وبين الأهداف السامية التي نسعى لتحقيقها،أو أن نسير على المبادئ الراسخة التي اتخذناها
وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال:«إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً» رواه مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ، وقال عنه أحد طلابه معاوية بن الحكم رضي الله عنه :«ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه» متفق عليه
فالطلاب(ذكور وإناث) في حاجة إلى من يحتفي بهم ويحسن استقبالهم ويعاملهم بلطف ويتلمس حاجاتهم ويستغل الأحداث والمواقف في دعوتهم إلى الخير،وتوجيههم إلى ماينفع بكلمة هادفة،وقصة مؤثرة، وجلسة هادئة،وإشارة لطيفة فلقد كان-صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك فعن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال:أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكيء على برد له أحمر,فقلت له يا رسول الله إني جئت أطلب العلم,فقال«مرحبا بطالب العلم , إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها،ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب»أخرجه أحمد والطبري بإسناد جيد واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح وحسنه الألباني..
وعليك أن تبذل الجهد ولا تنتظر النتائج فـ(إن لكل مرحلة عمرية درجة من النضج،يصعب تجاوزها،كما أن لها مشكلات لا يمكن حلها إلا على نحو جزئي،ولذا فإن العجلة هي العدو الأول للتربية) فرب طالب سمع منك كلمة طيبة،أو رأى منك تصرفاً حسناً كان له أكبر الأثر في تغير مجرى حياته بعد تجاوز المرحلة التي درسته فيها،فكان لك أجر صالح أعماله وأنت لاتشعر .. (إنّ الله لايضيع أجر من أحسن عملا)
المشرف العام .
الشيخ حميدان الجهني ..