السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}
حامد بن عبد الله العلي
كانت الأمهرة عند جوجام شمال إقليم شوا وجنوب نيجرى، حتى نهاية القرن
التاسع عشر الميلادي، مجرد أراض محصورة محاطة بممالك عربية وإسلامية،
وقد شكّلت الحبشة على تلك الأراض المحصورة مملكة نصرانية صغيرة.
وما كان الاحتلال الأورربي ـ بريطانيا وفرنسا ـ الآخذ في التوسع في العالمين
العربي والإسلامي إذ ذاك، والذي كان يرى المعركة مع الإسلام واحدة من القسطنطينة
إلى القرن الإفريقي إلى الهنـد، ليخيب ظنّ ملك الحبشة النصراني "منليك"
الذي اشتكى لهاتين الدولتين، طالباً دعمهما للتخلص من الإمارات العربية والإسلامية حوله.
فأرسلت فرنسا وبريطانيا العتاد، والسلاح، والإمداد الضخم، للملك الصليبي الأثيوبي،
وأمدّتاه بالخبرات، وكل ما يحتاجه ليتوسع على حساب استقلال الإمارات الإسلامية
الصومالية في الشرق، فيؤسس الإمبراطورية الأثيوبية الصليبية، ويتقـدم حتى يضمّ إقليم
"أوجادين" إلى أثيوبيا لتتضخم إمبراطوريته، ولتبقى حيث يحتاجها الغرب الصليبي
في حربه الدائمة ضد الإسلام والمسلمين.
وبعد إستقلال الصومال 1960م، قرر الصوماليون دعـم إسترجاع أوغادين،
حتى تأسست في ذلك العام: "جبهة تحرير الصومال الغربي" ونشبت الحرب
بين أثيوبيا والصومال عام 1964 حول هذا الإقليم، غير أن أثيوبيا بدعم غربي
استطاعت السيطرة حتى منتصف السبيعنات فقُضي على الجبهة.
واليوم يعيد التاريخ نفسه، وتتحرك أثيوبيا بتحريض ودعم غربييْن،
لوأد المشروع الإسلامي المدعوم بقوّة من الشعب الصومالي المسيطر بعد
أن طرد أمراء الحرب الفاسدين الذين زرعتهم أمريكا، وبسط الأمن إلى ربوع
الصومـال، وأعاد الأمـل لشعبـه، تتحرك أثيوبيا ومن راءها الغرب ضد الصومال،
إمعانا في العداوة للإسلام، والعدوان على المسلمين، والحيلولة دون عودة الحضارة
الإسلامية إلى قوّتها، وظهور رسالتها، واجتماع كلمتها، كما فعل في كلّ بقعة يشع
فيها نور العودة الإسلامية في الأمـة.
كما أنّ لأثيوبيا مخاوفها الذاتية من استقرار الوضع في الصومال
لصالح نظام يبث الروح الإسلامية في الشعب الصومالي الباسل،
فيتحرك لاسترجاع حقوقه المغتصبة التي استولت عليها أثيوبيا وعلى رأسها إقليم أوغادين.
وها هي أثيوبيا تعلن حرباً ظالمة داخل العمق الصومالي،
منتهكة حرمات المسلمين بالقصف والقتل، ليس لها هدف سوى التخريب،
والتدمير، وإعادة الصومال إلى ما كان عليه من الفوضى والشقاء.
ولايخفى أنّ هذه الحرب هي بين الكفر والإسلام، وهي عدوان واضح
باحتلال دولة كافرة هي أثيوبيا بحكمها الصليبي، لأرض إسلام، هي أرض الصومال الإسلامية،
ويقوم للدفاع عنها دولة إسلاميّة حاكمة بالشرع، وجيشٌ من المجاهدين
القائمين بنصر الدين وإعلاء كلمة الله تعالى، وقد استنفر إمامُهم أمّة الإسلام لنصره،
فوجـب بإجماع العلماء، نصرهـم على كلّ قادر، أولاً ممن يليه من مسلمي أثيوبيا،
وهـم أول من يجب عليهم، ولما في تحركهـم من داخل أثيوبيا ضد نظامها الصليبي
الجائر، من نكاية عظيمة في العـدو، ثـمّ أهل اليمن، والسودان، ومسلمي أفريقيا،
فجزيرة العرب، ومصـر.. إلخ.
قال الحق سبحانه:
{وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]
{مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} [التوبة: 38]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إذا استفرتم فإنفروا» متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
قال النووي: "قال أصحابنا: الجهاد اليوم فرض كفاية إلا أن ينزل
الكفار ببلد المسلمين فيتعين عليهم الجهاد، فإن لم يكون في أهل ذلك البلد
كفاية، وجب على من يليهم تتميم الكفاية "
8شرح صحيح مسلم 8/63ـ64
قال ابن قدامة: "إذا جاء العدو صار الجهاد عليهم فرض عين،
فوجب على الجميع، فلم يجز لأحد التخلف عنه "المغني 9/174
وقال ابن تيمية: "إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه
على الأقرب فالأقرب، إذ بلاد المسلمين كلها بمنزلة البلدة الواحدة"
الاختيارات العلمية المطبوعة مع مجموع الفتاوى4/609
والله تعالى أعلم وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
وجزى الله الشيخ حامد العلي خير الجزاء ونفع به وبعلمه