يوم كنا خير أمة أخرجت للناس
لماذا استطاع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يفعل كل ما فعله وأن يكون سببا في هداية مليار ونصف إنسان للإسلام بعد 1400 سنة من وفاته وهو آدمي مثلنا ؟ بينما نحن لا نستطع أن نحافظ على الأرض تحت أقدامنا بحيث تنتقص يوما بعد يوم؟ في الوقت الذي نغرق فيه في السبات كان صلى الله عليه وسلم إذا نامت عيناه لم ينم قلبه.
كان أثقل في الميزان من أمة بكاملها، شغله عزمه، وهم هذا الدين عن التمتع بالدنيا، وركل الدنيا يوم جاءته قريش تعرض عليه الملك والمال والنساء.
كان حسن المعاملة، حسن الخلق مع الجميع، مع الأعراب الأجلاف و مع اليهود والكافرين فضلا عن إخوانه من المؤمنين.
لماذا استطاع تحقيق هو وتلاميذ مدرسة النبوة أعظم حضارة عرفها العالم، إمتدت من الصين إلى الأندلس في مائة عام ؟.
ولماذا لم نستطع حتى المحافظة على ما ورثناه من الآباء والأجداد. لقد ادعينا أننا مؤمنون، ولكننا مع الأسف فقدنا ثقتنا بالله ثم برسوله ! هم يحدثوننا عن جنة عرضها السماوات والأرض، لمن باع نفسه وماله لله، ونحن نبيع أنفسنا للدرهم والدينار.
نحن في عداء مع الحكمة التي امرنا الله سبحانه أن نأخذ بها في الدعوة، وأصبح احدنا يقرأ كتابين أو ثلاثة فيظن أنه أعلم أهل الأرض، وأن الحق معه يدور معه حيث دار، وأن جميع أهل الأرض عليهم أن يأخذوا برأيه.
قصة:
اذكر تجربة لنا مع مجموعات من متطرفي الصوفية وأقطاب المشعوذين في جنوب تشاد، سجنوا بعض دعاتنا 52 يوما في السجن، وحرقوا كل الكتب التي وزعناها باللغات المحلية لأننا وهابيين كما ذكروا، وناصبونا العداء.
عاملناهم بالحسنى، وتقربنا لهم بالمعاملة الطيبة، وكنت اهدي كل شيخ من مشايخهم كيسا من الرز و أعطيه خروفا كلما زرت جنوب تشاد، وكلما زادوا في حربهم لنا زدنا في الإحسان إليهم.
وبعد سنوات أصبحوا هم يرسلون أولادهم لمدارسنا، ويشجعون الناس على الالتحاق بمراكزنا بل و يوزعون كتبنا بأنفسهم !.
أنا قد أجد العذر لهم بعض الشيء فهم قد تربوا طول عمرهم على أسلوب معين في الحياة وفهم للإسلام، فمثلا إذا رغب شخص في إشهار إسلامه كان واجبا أن يعطيهم بقرة أو يعمل لديهم سنة بدون راتب فجئنا نسمح لكل من رغب بالإسلام أن يعلن الشهادتين بدون مقابل، فقطعنا رزقهم. وكانوا يبيعون التمائم ويعيشون من دخلها فكان لابد أن يثأروا لهؤلاء القادمين الجدد الذين يريدون تغيير مفاهيم الناس.
فنحن نعمل على أهداف بعيدة إذ أن أبناء هؤلاء يدرسون في معاهدنا وبالتالي فلن يفعلوا شيئا من الشركيات إذا كبروا، وسيعرفون حقيقة الدعوة ولن يستعجلوا النتائج.
إن الحكمة في الدعوة كلها خير كما قال الله، وهي مصدر عزنا ولكننا احتكمنا إلى الهوى فقادنا ذلك إلى الذل.
فكم من مخالف كسبنا قلبه بالحكمة والمعاملة الحسنة..
يا شباب الإسلام نطالبكم بأن تساهموا في هبوب رياح الإيمان، لتقتلع جذور الشيطان، وتقضي على الشهوات وطرق الملهيات وتزرعوا بذور الإيمان وتكونوا سفراء دين الرحمن... ويكون كل منا وسط أمته، التي أصبحت مجموعة من الأصفار رقما على يسار هذه الأصفار.
إننا أمة قادرة على أن نلتزم بأوامر الرحمن ونرفض مزالق الشيطان.
د. عبدالحمن السميط
ياله من دين