السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حينما لا يعرف الإنسان شيئا عن أثر البيئة عليه, وما تصنع به, وكيف تحيله من شخص لآخر, يكون حينها في مهب الريح, كما يقال, متعذرا بالحجة الأزلية المرفوضة, التي ذكرها القرآن الكريم على لسان من قالها: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ), كذلك يكون عندها الإنسان قد تنازل طواعية عن كنز من الكنوز العظيمة الذي إذا ما تعامل معه وفق منهج الإسلام أفلح ونجا, ولذلك نجد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم الذي علم ما للبيئة والمجتمع من أثر على استقامة الإنسان أو ضلاله, يحكي لنا قصة ذلك الذي قتل تسعة وتسعين نفساً, مائة إلا واحداً، قتلهم ظلماً وعدواناً، فذهب وأراد أن يتوب فقيل له: هذا فلان فدل على عابد جاهل، فذهب إليه وقال: قتلت مائة إلا واحداً هل لي من توبة ؟ فاستعظم ذلك!! مائة نفس إلا واحدةً! فقال العابد: لا أجد لك توبة. فقال: إذاً ما فائدة الحياة، فأكمل به المائة. ثم دل على عالم فذهب إليه, وقال: قد قتلت مائة نفس، فهل لي من توبة؟ قال العالم: ومن الذي يمنعك من التوبة. ثم قال له: اذهب إلى أرض كذا فإنها أرض خير, ودع قريتك هذه فإنها أرض سوء، ثم قبضه الله في الطريق، فاختصمت فيه الملائكة وشملته رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعد ذلك.
وبتأمل يسير نجد أن ذلك العابد الجاهل إنما ذُم لجهله لا لعبادته, بل العبادة يُشكر عليها, لكن جهله بأثر البيئة على الإنسان, ثم خوضه في الفتوى التي بناها على جهله, حتى كاد أن يهلك ذلك القاتل هو محل الذم.
وبين التوبة إلى الله تعالى وبين قضايا البيئة والمجتمع ارتباط كبير, علينا أن نسبره بمزيد من العمق والدراسة والتحليل, لنخرج بالتوصيات الإيجابية كتلك التي أفتى بها العالم لقاتل المائة.
منقول---