الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أن الإسلام تدرج في الخمر حتى ختمها الله بالتحريم، ثم قال عز وجل: { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المائدة:90] فقال الصحابة رضوان الله عليهم: انتهيا انتهينا.
ويشمل تحريم الخمر جميع أنواع المسكرات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: { كل مسكر خمر وكل مسكر حرام } رواه مسلم .
وشارب الخمر مستحق للعقوبة الدنيوية, وهي أن يجلد ثمانين جلدة، ويحد شاربها وإن لم يسكر، سواءً أشرب الكثير أم القليل بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم، وإذا تكرر من الشارب الشرب وهو يعاقب ولا يرتدع، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يقتل في الرابعة عند الحاجة إليه إذا لم ينته الناس بدون القتل.
وهذا عين الفقه؛ لأن الصائل على الأموال إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل، فما بالكم بالصائل على أخلاق المجتمع وصلاحه وفلاحه.
وشارب الخمر فاسق، لا يسلم عليه، ولا يعاد إذا مرض، ولا تجاب دعوته، قال البخاري رحمه الله تعالى في الأدب المفرد : باب لا يسلَّم على شارب الخمر وساق إسناده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: [[ لا تسلموا على شراب الخمر ]].
وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه: [[ لا تعودوا شراب الخمر إذا مرضوا ]].
وأما العقوبة الأخروية فقد روى أبو داود و ابن ماجة و الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، ومبتاعها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليها } وقال صلى الله عليه وسلم: { من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة } رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم: { مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن } رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: { كل مسكر حرام، إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال! قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار } رواه مسلم .
فاتقوا الله أيها المسلمون، وصلوا على نبي الرحمة والهدى، فقد أمركم الله في قوله: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب:56] اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، وعن سائر الصحابة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين من المسلمين يا رب العالمين.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .