الزَّمَانُ العَجِيْب
لا تَسْلْنِي عَنْ سِرِّ هَذَا الشُّحُوْبِ
أَنَا قَلْبٌ حَوَى جَمِيْعَ القُلُوْبِ
أَتَلَظَّى بِنَارِ غَيْرِي وَيَجْرِي
فَوْقَ خَدَّيَّ دَمْعُ نَاءٍ غَرِيْبِ
وَعَلَى رَاحَتِي تَنَامُ اللَّيَالِي
هَانِئَاتٍ وَالسُّهْدُ فِيْهَا نَصِيْبِي
وَفُؤَادِي يَرَى الغُرُوْبَ شُرُوْقاً
وَيَرَى فِي الشُّرُوْقِ مَعْنَى الغُرُوْبِ
وَأَمَانِيْهِ ذَابِلاتٌ تَهَاوَتْ
بَيْنَ جَنْبَيْهِ فِي خَرِيْفٍ جَدِيْبِ
وَأَغَانِيْهِ غَاضَ فِيْهَا مَعِيْنُ الـ
ـرُّوْحِ عَاثَتْ بِهَا رِيَاحُ النُّضُوْبِ
لا تَسْلْنِي فَأَحْرُفِي رَغْمَ حُزْنِي
تَتَسَامَى عَنْ كَاشِحٍ وَرَقِيْبِ
كُلَّمَا صُغْتُ مِنْ شُعُوْرِي لُحُوْناً
وَأَدَتْهَا يَدُ الزَّمَانِ العَجِيْبِ
وَأَصَابَتْ سِهَامُهُ حِيْنَ طَاشَتْ
مُهْجَةَ الـحِسِّ فِي حَنَايَا الأَدِيْبِ
إِيْهِ يَا أَيُّهَا الزَّمَانُ أَجِبْنِي
كَيْفَ صَارَ الكَذُوْبُ غَيْرَ كَذُوْبِ؟
كَمْ قَرَأْتُ الوُجُوْهَ أَبْحَثُ فِيْهَا
عَنْ بَقَايَا مِنَ الصَّفَاءِ السَّلِيْبِ
فَإِذَا بِي أَرَى مَلامِحَ شَوْهَا
لَوَّنَتْهَا أَنَامِلُ التَّغْرِيْبِ
تُسْتَشَفُّ القُلُوْبُ مِنْهَا وَقَدْ تَا
هَتْ حَيَارَى فِي حَالِكَاتِ الدُّرُوْبِ
إِيْهِ يَا أَيُّهَا الزَّمَانُ كَأَنِّي
لا أَرَى فِيْكَ غَيْرَ وَجْهٍ كَئِيْبِ
ضِقْتُ ذَرْعاً بِمَا أَرَاهُ وَقَلْبِي
فِيْهِ مِمَّا يَحُسُّهُ كَاللَّهِيْبِ
فَمَتَى يَا زَمَانُ يُوْرِقُ فِيْنَا
أَمَلٌ مَايَزَالُ رَهْنَ الغُيُوْبِ؟
وَمَتَى تَرْتَوِي مُنَانَا وَتَنْمُو
نَادِيَاتُ الغُصُوْنِ بَعْدَ الشُّحُوْبِ؟
وَمَتَى يَصْدُقُ الشُّعُوْرُ وَيَهْمِي
غَيْثُهُ مُطْفِئاً أُوَارَ القُلُوْبِ؟
إِيْهِ يَا أَيُّهَا الزَّمَانُ رَأَيْنَا
مَا رَأَيْـنَـا مِنَ العَجِـيْبِ الـمُرِيْبِ
كُلُّ مَا فِيْكَ لَيْسَ يَخْفَى وَلَكِنْ
ضَلَّ مِنْهَاجَهُ يَرَاعُ الأَرِيْبِ
منقول