اذا سالت اي انسان قائلا : ايهما تحب الحرية ام العبودية سيقول لك فورا احب الحرية و اكره العبودية و لكن الكثيرين قد لا يعرفون المعنى الحقيقي للحرية و العبودية حيث يقع الواحد منهم اسيرا لعادة او لامر من الامور فتصبح قيدا عليه و تؤثر في سلوكه بل و حركاته و سكناته فيصبح عبدا لها .
هناك امثلة كثيرةلايضاح هذا المعنى و لكننا سنختار ابسط الامور و اهونها قياسا الى غيرها لعلها تساعد في بيان المعنى .
فاذا كان هناك انسان مثلا يحب اكل الشوكولاته فياكلها باعتدال من غير اسراف و ذلك اجتنابا لكثير من الاضرار مثل الحرص على صحة الفم و الاسنان. و الاعتدال في تناول السكريات و البعد عما فيها من مواد منبهة و ايضا كي لا تؤثر على تناول الواجبات بكمياتها و نوعياتها المناسبة و في مواعيدها المناسبة و غير ذلك.
اما اذا ترك العنان لنفسه و كان ذلك في استطاعته و اكل الشوكولاته كلما اشتهاها فان الكميات التي يتناولها سوف تزداد بالتدريج لان قدرته على ظبط النفس سوف تقل شيئا فشيئا و كذلك بحكم اعتياده عليها و ايضا بسبب المادة المنبهة التي تحتويها مثلها في ذلك مثل القهوة و الشاي و الكاكاو و كذلك المشروبات التي تحتوي على مادة الكولا فبعد ان كان يستمتع اذا اكل قطعة شوكولاته كل يوم او يومين او حتى بضعة ايام فانه بعد الاسراف في تناولها يصبح اكلها هو الشيئ الطبيعي الذي اعتاده و ليس فيه المتعة السابقة .اما التوقف عن اكلها فهو المرهق بالنسبة له و بذلك يصبح عبدا لهذه العادة تتحكم حتى في سلوكه.
فاذا اضطر للتوقف عنها او الاقلال منها بسبب المرض او لعدم القدرة على توفير ثمنها او لاي سبب اخر فانه يشعر بالضيق و ان شيئا مهما ينقصه و قد يسعى للحصول عليها باي وسيلة . اذا فانها تتحكم في سلوكه اليست هذه سوى العبودية بعينها؟
لذا فان ظبط النفس ليس قيدا بل انه منتهى الحرية حيث يشعر الانسان دائما انه ليس عبدا لعادة تتحكم فيه او يشعر بالضيق و الضجر اذا تعرض للحرمان منها .
ليس معنى ذلك ان نحرم انفسنا من الطيبات و لكن نتناولها باعتدال و لا نسمح لانفسنا بان يكون الواحد منا عبدا لعادة او لسلوك او لطعام بل يدرب نفسه دائما على مقاومة رغباته الجامحة و مغالبة هواه فان ذلك ايضا يحميه من الوقوع في الخطا او عدم فعل الحرام فيشعر دائما بالراحة و الطمانينة.
و تدريب النفس على مخالفة الهوى يعين الانسان على طاعة الله و يعينه على التدرج في الطاعات لذا فقد قال الله تعالى في سورة النازعات :" و اما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي الماوى ".
فالذي يخاف الوقوف امام ربه يوم القيامة للحساب فلم يقدم على معصية و نهى نفسه عن هواها و ردها الى طاعة الله ضبط نفسه و صبر على ذلك فان مصيره الجنة في الاخرة و يكون في الدنيا مطمئن النفس.
__________________