الإيمان بالملائكة
هو التصديقُ الجازمُ بأَنَّ لله ملائكةً مَوْجُودِينَ مَخلوقِينَ مِن نُور ، وأنهم كَما وصَفَهم الله عبادٌ مُكْرمُونَ يُسبحونَ الليلَ والنهارَ لا يَفْتُرون وأنهم لا يَعْصُون الله ما أَمرهم وَيَفعلون مَا يُؤَمَرون ، وأنَّهم قَائِمِونُ بِوَظائِفهم التِي أَمَرَهَمُ الله بالقيام بها .
ويِجبُ الإِيمانُ على التفصيَلِ بمن وَرَدَ تَعْيينهُ باسمهِ المخصوصِ كَجبرِيل ومكيائيل وإسرافيل ورضوان ومَالك ، فَجبريلُ هو الموكلُ بأَداءِ الوَحْي وهو الروحُ الأمين ، ومِيْكَائِيلُ المُوكلُ بالقَطْرِ ، وإسرافيلُ الموكلُ بالصورِ ، ومَلَكُ الموتِ الموكلُ بِقَبْضِ الأَرْوَاحِ .
ومنهم الموكلُ بأعمالِ العِباد ، وهُمْ الكرَامُ الكَاتُبِون ، ومنهم الموكلُ بِحفْظِ العَبْدَ مِن بينَ يديهِ ومن خَلْفهِ وهُمُ المعَقّبَاتُ ، ومنهم الموكلُ بالجنةِ ونَعيْمِهَا وهُمْ رِضوانُ ومَن مَعَهُ .
ومنهم الموكلُ بالنَّارِ وعَذابها وهُمْ ماَلِكُ ومَن مَعَه ، ومنهم الموكلُ بِفتنةِ القبر وَهم مُنْكَرٌ ونكِير ، ومنهم حملةُ العرشِ .
ومنهم الموكلُ بالنُّطَف في الأرحامِ وكتابة ما يراد بها ، ومنهم ملائكةٌ يَدخُلُون البيَتَ المعمورَ يَدخُلُه كُلَّ يومٍ سَبْعُونَ ألفًا ثم لا يَعُودُون ، ومنهم ملائكةٌ سَيَّاحُونَ يَتّبعُون مَجالِسَ الذِكرِ وغير ذلك .
ويَجِبُ الإِيمانُ بِمن لم يَردْ تعْيِينهُ باسمهِ المخصوصِ أو تَعْيِينُ نوعِهِ المخصوصِ إجمالاً والله أعلم بعَدَدِهَم ، قال تعالى : { كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ } الآية ، وقال تعالى : { لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ } الآية .
فجعل الإيمانَ هو الإيمانُ بهِذِه الجملةِ ، وسَمَّى مَن آمنَ بهذه الجملةِ مُؤْمِنين كما جَعَلَ الكافرين مَن كَفَر بهِذِه الجُملةِ بقوله : { وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ } الآية .
وفي حديث جبريل : « أن تُؤْمِنَ باللهِ وملائكتهِ وكُتُبِه » الحديث فهذه الأصول اتَّفقَتْ عليها الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا الرسلُ وَأتباع الرسل .