محروم والله...!!
مَن مضت عليه السنون وعنده المال والعافية
والوقت ومع هذا لا يزور بيت الله الحرام،
أكتب هذا المقال بعد صلاة الفجر في أطهر البلاد وأشرفها، وخير البقاع وأجلها، المسجد الحرام، الطائفون حول البيت يدعون ربهم، الجالسون في رحاب البيت بين قارئ للقرآن ومسبح ومستغفر، وذاكر لربه جل وعلا، الكل ينتظر شروق الشمس بعد دقائق من الآن، الجو بديع والهدوء جميل ومنظر السماء وهيبة البيت العتيق وطواف الموحدين حوله يشعرك بسعادة قلما تجد لها نظيراً وراحة تملأ الصدر وتزيل الهموم، حتى إنني والله أقول من كل قلبي (لو أن أهل الجنة يعيشون مثل لحظاتنا هذه فوالله إنها لحياة طيبة سعيدة).
لم يعكر صفو هذه العمرة التي أردت أن أخلو بها مع أهلي وأبنائي إلا كثرة المحبين المصافحين والمقبلين، ولا ألومهم فالقلوب تتجاذب والأرواح تتآلف، ولعل دعاء من أحدهم تفتح له أبواب السماء فيقبله الله فأكون من السعداء، حاولت في بعض الفترات أن أذهب الى بعض زوايا الحرم الخالية ولكن لا فائدة!! ففي كل ركن وزاوية ساجدون راكعون مسبحونَ! بل حتى أعضاء الهيئة المنتشرون في الحرم لهم نصيب كبير من الجلوس واللقاء، عرب وغير عرب للكل نصيب في اللقاء والسلام والجلوس.
لاحظت في سفرتي هذه أن برامج (ليالي فبراير) كانت حاضرة، فالكثيرون يشكرون ويمتدحون ويثنون ويدعون لنا بالخير، ولعل هذه الفضائيات فعلت ما لم نستطع فعله في سنين طويلة.
كنت جالساً مع ابني الصغير (حسين) ذي الأعوام الأربعة في صحن الحرم بين صلاتي المغرب والعشاء أقص عليه بعض القصص وأحببه في بعض الفضائل، ثم ذكرت له الجنة التي أعدها الله لمن يحبهم من عباده، وأن فيها كل ما يشتهيه الإنسان، فسألني (حسين) سؤالاً عن هذه الجنة وقال: (يعني في الجنة ماكو (سوس) في أسناننا؟!!) قلت له وأنا أضحك (نعم)، ثم سألني سؤالاً آخر وقال: (هل في الجنة حلاو وكاكاو؟!) قلت له: كل شيء تحبه وتشتهيه موجود في الجنة التي خلقها الله لعباده المؤمنين، أظن ابني (حسين) يتخيل الجنة ليست كما نتخيلها معاشر الرجال أو معاشر النساء، ومهما يكن فإن الجنة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
(السعودية) تقوم بعمل جبار في خدمة زوار البيت الحرام، وما المشاريع الكبرى والتوسعات الهائلة حول الحرم وبفترات زمن قياسية، وخدمة التنظيف والصيانة وتطهير المسجد الحرام، وتوفير جميع الخدمات التي يحتاجها الطائفون والمصلون إلا دليل على حفظ الله لبيته الحرام بأن جعله بأيدٍ أمينة تعرف لهذا المكان قدره وحقه، فجزاهم الله خيراً على ما يبذلون في خدمة الحرمين الشريفين، ونصيحة لمن فكر بالراحة والاستجمام أن يشد الرحال للبيت العتيق ويمتع ناظريه بمشاهدة أول بيت وضع للناس، و(العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر).
***
الشيخ (محمد حسين يعقوب) من أشهر علماء ودعاة (مصر)، وحديثه في طب القلوب والأرواح لا يمل سامعه، والشيخ بدأ طلب العلم منذ الصغر فحفظ القرآن في كتاتيب قريته في جمهورية مصر، وبدأ بحفظ السنّة وتعلمها حتى حصل على إجازة في الكتب الستة، وله اطلاع واسع في كتب الرقائق والسلوك، ككتب (ابن الجوزي) و(ابن القيم) وغيرهما رحمهم الله، وهذا ظاهر في كلامه وحديثه، وله مصنفات كثيرة نافعة.
أما الدكتور (محمد راتب النابلسي)، فهو علم من أعلام الدعوة المعاصرة، نور حديثه أشرق في (الشام) وانتشر في العالم كله، يكاد حديثه يأخذ بلب سامعه ويسحره (وإن من البيان لسحراً)، له باع طويل في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة، حتى عين رئيساً لهيئة الإعجاز القرآني، له الكثير من البرامج التلفزيونية، والمؤلفات والدروس والمحاضرات في مساجد سورية ومؤسساتها.
الليلة نحن على موعد مع الشيخين الفاضلين في صالة التزلج في تمام الساعة 30:7 مساء ضمن برامج «ليالي فبراير»، وسأتشرف أن أكون ثالث الشيخين في أمسية ايمانية بعنوان (ريح قلبك.. بطاعة ربك)، فحيهلا بجمهورنا الكريم ولقاؤنا بكم سيطيب.
وغداً (الأربعاء) سنكون على موعد مع الشيخ (محمد حسين يعقوب) في مسجد الشايع بالزهراء بين صلاتي المغرب والعشاء ضمن مشروع (رياض الجنة)، ولنا معكم بإذن الله لقاء ونجتمع على الحب والطاعة جمعنا الله بكم في جنات النعيم.
فضيلة الشيخ
نبيل بن علي العوضي حفظه الله ورعاه