بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
طالب الحلقة والأمل المنشود !!
تزخر حلقات تحفيظ القرآن الكريم بآلاف الشباب الذين اختاروا لأفضل أوقاتهم الجلوس مع كتاب الله وتدارسه وحفظه ، وهذا ينبئ بنشأة أجيال تصطف مع من سبق في خدمة دينهم وأمتهم ، حتى أنهم سيكونون الواجهة لمن بعدهم في تولي المهمة في تربية وتعليم الأجيال على كتاب الله تعالى ..
إنني من خلال هذه الأسطر سأوجه حديثي لكل طالب يعيش في أجواء القرآن مع كتاب الله عز وجل من خلال حلق تحفيظ القرآن الكريم ، وأتمنى أن تكون بلسما للنفوس ، ومفتاحا للرقي ، وتوديعا لملامح الفتور والتفريط !!
ما هي غايتك ؟!
منظرك يبهج العين ويؤثر في النفس حينما تمسك مصحفك وتصطف مع حلقتك ، ولو كانت الأعين تنطق لنطقت أعين من يراك بـ ( هنيئا لك ) ، وأود من خلال هذا المحور أن أحثك على أن تركز على الهدف الأعظم مع أهدافك الأخرى الرائدة !!
ليست الغاية أخي أن تحضر حلقة التحفيظ مساء كل يوم فحسب ، أو تسمع أو تراجع ما كلفت فيه من قبل مشرف حلقتك فقط ، بل الغاية أن تجعل حلقة التحفيظ منطلقا لنجاحك في حياتك ونجاتك بعد مماتك ، لكي لا يكون حضورك مجرد تحصيل حاصل ، أو قضاء وقت ، أو من أجل شيخ الحلقة أو الرفقة التي معك ، لأنك ستكون مطالبا يوم القيامة بــ ( لم قرأت القرآن ؟! ) ومطالبا في حياتك بنتائج وحصيلة الساعات الطوال التي قضيتها بين أروقة المسجد !!
إنك مطالبا أيها الغالي أن تعمل غسيلا نقيا لمرادك وأهدافك ، وتبني آمالك وتطلعاتك ، وتصبر وتتصبر في ذلك لكي يكون للعيش في الحلقة مذاقا آخر!
حضورك للحلقة عادة أم عبادة ؟!
يعجبني حرصك وحضورك للحلقة ، وتأكدت بذلك لأن الرسالة وصلت إليك بخصوص أنك فردا من هذا الكيان العظيم الذي يعيش مع كتاب الله ، وحينما أريد أن أطرق باب قصدك ونيتك فإن هذا يعتبر من باب تذكيرك بتجديد النية التي قد تفعل أفاعيلها ، فإما أن تبلغ بك إلى الآفاق وإما أن تقودك إلى أسفل دركة من دركات أهواء الدنيا وحظوظها !
كم هي أمنيتي أن تجدد نيتك في ذهابك ومجيئك ، وتلاوتك وحفظك ، وأنشطتك ومشاركاتك ، فالنية طريق الصواب لقبول العمل وبركته ، وانتبه من الوسوسة والاستسلام لدواعي الشيطان ومداخله بحيث يوسوس لك بأنك مرائي أو تحب السمعة لأن هذا يفسد عليك إقدامك ومبادراتك ، ولكن اجعل نيتك مع أي عمل لله وفي الله ، وأسأل الله دائما أن يرزقك النية الصالحة!
أخلاقك هي سيرتك !
أنعم الله عليك بالعيش مع إخوتك في حلقة من حلقات الذكر ، وأنت تتنعم الآن بوجود سور من كتاب الله تحفظها وتتقنها قلت أو كثرت ، ولا زلت الآن في المسير ، والذي يتعلق بكتاب الله فإن وجوده في الحلقة يستمر حتى نزول المنية ، ومع هذا كله لن تفلح وتسعد وتؤثر حتى تستقيم أخلاقك !
أحيانا يوجد شاب متميز في الحلقة ، ولكنه سيء الخلق مع والديه وإخوته !!
أحينا يوجد شاب في الحلقة حاله مع زملاءه وشيخه يدل على فتوة كيانه وسلامة شخصيته، لكنه إذا اجتمع برفقة المدرسة أو الجامعة تجد ملامحا تناقض شخصيته !!
يا أخي أنت في الأصل مميز بسبب وجودك دائما مع كتابا الله ، وستزداد تميزا وقبولا إذا عودت نفسك على الخصال الحميدة والحسنة ، فقدوتك الذي دائما تتبع سيرته صلى الله عليه وسلم كان مبتسما صادقا سمحا يحب العفو ، لسانه طيب ، وقلبه طاهر ، وسيرته حسنه ، ولك أن تتأمل في تعامله مع خطأ الذي بال في المسجد ، وكذلك مع الذي أوتي به إلى الرسول وهو شارب للخمر ، ولك أن تطالع سيرته وسماحته مع أهل بيته ، ومع أقاربه وذويه ، ومع المخالفين الذين آذوه !!
أيها الغالي :
القرآن لا بد أن يكون له أثر حسنا على سلوكك وباطنك ، ومع هذه الأهمية ينبغي أن لا تستعجل نتائج هذا السلوك من خلال حضورك وجلوسك في حلقتك ومع زملاءك ،ولكن ينبغي أن تسارع وتبادر للتأدب بآدابه والتحلي بأخلاقه حتى تتلذذ بذلك سواء طال الزمن أم قصر !!
انطلق ولا تلتفت !
الشاب يملك مخزون كبير من الطاقات والمواهب ، سواء أكتشف ذلك أم لم يكتشف ، وحينما تكون فردا من أفراد الحلقة فاجعل في ذهنك بأن تكون شابا فتيا نشيطا متوازنا ، لأنك بمجرد الحضور والتسميع فقط تبقى أنت أنت ولو استمريت عقدا من الزمن !! لكن إذا امتلكت أدوات النشاط وقمت بتفعيل ذلك في نفسك ومع زملاءك ، فتأكد بأن ترتقي وتنطلق ، وتعيش أجواء المتعة والسعادة وعمل الخير !!
بعض الشاب حفظهم الله يلومون مشرف الحلقة على عدم اهتمامه بأدوات النشاط الفعالة بعد طلوعهم من الحلقة ، فيبدأون بالتجريح والنقد الذي لا باب له ، وهذا غير صحيح ، فمشرف الحلقة وأنت وجهان لعملة واحدة ، فإذا ما اقترحت عليه وأسهمت معه في فاعلية نشاط الحلقة فإن اليد الواحدة لا تصفق ! وأرجو أن لا يكون حالك ( وظللت مكتوف اليدين تقول حاربني الزمن ) !
وعندما أحثك على النشاط فإنه لا يعني أن تمارس عمل على حساب عمل آخر فالتوازن مطلوب ، وحينما تتوازن في عطاءك ستكتشف بأنك تجيد نشاط معينا ، ومن هنا تبدأ عجلة حياتك في التخصص والإبداع فيما تجيد لخدمة دينك وأمتك !
وتأكد بأنك عندما تمارس أي نشاط في بداية حياتك تكتشف نفسك وطاقاتك وقدراتك ، وإن شئت أن تتأكد فأسال عن كيفية بداية من أبدع في فن الخطابة أو المقالة أو الحوار ، أو الأدب ، أو الشعر ، أو طلب العلم ، أو الحاسوب والبرمجة ، أو الرسم ، أو المونتاج ، أو المسرح ، أو التأليف ، أو الإدارة ، أو التعامل ، أو غير ذلك من الكثير والكثير الذي يصعب حصره !
أعاصير الشهوات !
أحسب بأنك حريصا دوما على ما يرضي الله تعالى ، ولكن قد يكون هناك فتنا قد تمر عليك فتضعف أمامها ثم تذنب ، وهذا يدعوني لكي أدعوك إلى الاهتمام بتربية نفسك على أعمال القلوب التي تكون حصنا منيعا بإذن الله أمام كل شهوة ، كالرقابة والخوف والمحبة ، وتعظيم الله ومعرفة أسماءه وصفاته ، وحينما أقول بتربية نفسك ( أي تعويد النفس على الخوف من الله تعالى ، يزيد ذلك مع كل تذكر لعقابه ، ومع كل مرغب في عطائه ، ومع تحقيق وسائل الخوف من الجليل سبحانه ) ، وهذا على سبيل المثال حفظك الله ، وينبغي أن يكون لك تنسيق مع مشرف حلقتك في متابعة المناسب قراءته وسماعه في هذا الباب ، لأن بعض الشباب يكتفي بسماع الأشرطة التي تتحدث عن الموت والتوبة فقط ، وهذا جيد ولا غبار عليه ، ولكن ذلك لا يكفي ، وقد يقول قائل الرسول صلى الله عليه وسلم قال (كفى بالموت واعظا ) أقول لك نعم يكون واعظا لمن كان له قلب يتعظ ، والقلب الذي يتعظ هو الذي يجل الله ويعظمه ويخافه ويستحي منه ولا ينازع قلبه أحدا في محبته !
أخي وحبيبي في الله !
الأعاصير لا تحرك الجبال ، لكنها تلعب بالرمال .
اكتشف نفسك !
أتمنى في ساعات من ساعات يومك أن تكتب عن نفسك !
أكتب مهاراتك !
أكتب تطلعاتك وأمنياتك !
أكتب أخطاءك التي تخادع نفسك بمزاولتها ، ثم أعلن قرارات لا رجعة فيها بتجاوزها بوسائل وطرق مدروسة من قبل من تستأنس برأيه !
بعضنا يحتقر نفسه وهو عظيم في ذاته وهذا داع للتقاعس!
بعضنا يترك العمل من باب عدم الرياء أو العجب بالنفس أو عدم الظهور وهذه هي الحالقة لمواهب أهل الطاقات !
أخي سددك الله!
دع الفراغ وابدأ في العمل !
لا تجعل للوساوس باب في تقاعسك وعدم إقدامك !
ينبغي أن لا تنثني لصحبتك الطيبة التي قــد تدعو بألسنتها وبأفعالها للتقاعس وفوضوية الأوقات!
وكل أمنياتي أن تحظى بحياة كريمة سعيدة!
كل أمنياتي أن تذوق طعم الإيمان !
كل أمنياتي أن تذوق طعم النجاح !
كل أمنياتي أن تذوق الأنس والراحة في جنات النعيم !
أستودعك الله