ما هي نومة القيلولة ، و هل صحيح أنها مستحبة ؟
جواب : يتصور البعض خطأً بأن القيلولة هي نومة من اختراع الكُسالى الذين يميلون إلى قضاء أوقاتهم بالنوم و يفضلون الخلود إلى الراحة بدلاً من العمل و النشاط و الحيوية .
و هذا التصور الخاطئ إنما هو ناتج عن عدم معرفتهم بالقيلولة و نابع عن جهلهم بها ، فهم يتصورون أن نومة القيلولة إنما هي النومة المستغرقة لفترة الصباح حتى الظهر ، و لأن من شأن هذه الفترة أن تكون مهداً لأعلى مرتبة من مراتب النشاط و الحيوية في حياة الإنسان و حيويته ، ذلك لأن المتوقع هو أن يصل النشاط الطبيعي للإنسان إلى ذروته في هذه الفترة .
لكن هذا التصور و الاستنتاج خاطئ ، ذلك لأن القَيْلُولة هي نَوْمةُ قصيرة في نِصْف النهار ، أو استراحة و استرخاء لبعض الوقت في نصفَ النهار و إِن لم يكن معها نَوْمٌ ، و الهدف منها طرد الكسل و استعادة النشاط و الحيوية لمتابعة العمل .
القيلولة و علماء اللغة :
قال في لسان العرب : " القَيْلُولة : نَوْمةُ نِصْف النهار، و هي القائلةُ ، قال يَقِيل ُ، و قد قال القوم قَيْلاً و قائلةً و قَيْلولةً و مَقالاً و مَقِيلاً " .
و قال أيضا : " و المَقِيل و القَيْلولة : الاستراحة نصفَ النهار و إِن لم يكن معها نَوْمٌ ، يقال : قال يَقِيل قَيْلولة ، فهو قائِل " .
و قال العلامة الطريحي في مجمع البحرين : " و قال قيلا و قائلة و قيلولة : نام " .
القيلولة في منظار الشرع :
نومة القيلولة مستحبة شرعاً لما فيها من الأثر الإيجابي في حياة الإنسان المادي و المعنوي على حد سواء .
فقد رُوي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : " تَعَاوَنُوا بِأَكْلِ السَّحُورِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَ بِالنَّوْمِ عِنْدَ الْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ .
و أما نومة القيلولة المكروهة و المنهي عنها شرعاً و التي تورث الفقر فهي نومة وقت صلاة الفجر ، قال الشَّيْخُ الطُّرَيْحِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَ فِي الْحَدِيثِ : " وَ الْقَيْلُولَةُ تُورِثُ الْفَقْرَ " وَ فُسِّرَتْ بِالنَّوْمِ وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ[2] .
القيلولة في القرآن الكريم :
جاء ذكر القيلولة في القرآن الكريم في موضعين هما :
. قول الله تعالى : أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ، وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا أي موضع قائلة ، قال الأزهري القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر و إن لم يكن مع ذلك نوم و الدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها و قال ابن عباس و ابن مسعود لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار
. قول الله عزَّ و جلَّ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قائلون ، قال في تفسير القمي : " أَوْ هُمْ قائِلُونَ يعني وقت القيلولة نصف النهار " .
القيلولة تزيد من انتاجية العمال :
و الجدير بالذكر ان العلماء توصلوا إلى معلومات تسترعي الانتباه بالنسبة إلى نومة القيلولة ، فقد أفادت دراسة صادرة عن "معهد علم النفس الأندلسي" في جنوب أسبانيا آن القيلولة تزيد من إنتاجية العمال وتساهم في إزالة التوتر .
ذلك لأن القيلولة تؤدي آلي الراحة الدماغية والارتخاء العضلي والعصبي بما يساعد على زيادة إنتاجية العمال حسب هذه الدراسة التي نشرت تحت إشراف الباحث سيزار ايسكالانتي .
وتقول الدراسة "آن القيلولة تعزز الذاكرة والتركيز وتفسح المجال أمام دورات جديدة من النشاط الدماغي في نمط اكثر ارتياحا ، كما تشدد على عدم الإطالة في القيلولة لان الراحة المفرطة قد تؤثر على نمط النوم العادي" .
أشار سيزار ايسكالانتي الى آن الدول الغربية بدأت تدرج القيلولة في أنظمتها اليومية وأوصي بقيلولة تتراوح بين 10 و40 دقيقة ، ورأى آن قيلولة أطول من ذلك قد تؤدي آلي "شعور بعدم الراحة والمزاج السيئ وصعوبة في الاستيقاظ " .
هذا و لقد طلبت كبرى المؤسسات الأمريكية واليابانية من العاملين بها ضرورة اللجوء إلى فترة القيلولة لمدة تتراوح من 5 إلى 30 دقيقة يوميا لمالها من فوائد عديدة للجسم خاصة بالنسبة للأشخاص المعروفين بالنشاط الزائد والذين يعانون من ضغط عصبي في أعمالهم
فقد كشف فريق من الباحثين الأمريكيين أن فترة القيلولة القصيرة تعمل على خفض نسبة الهرمون المسئول عن الضغط .
والجدير بالذكر أن بعض المؤسسات وفرت لعملائها المكان الذي يستريح فيه فترة القيلولة