بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الفهم الراقي للأضحية
- ما هي احكام الاضحية؟
الاضحية سميت أضحية لأنها تذبح في وقت ضحى يوم العيد، ولمن لم يستطع ذلك فمدتها تستمر الى
آخر أيام التشريق، وهي قربة من العبد الى مولاه تبارك وتعالى ويصل أجرها إليه وإلى من يعول، وهي
واجبة عند أهل العلم في أرجح الأقوال عند من يستطيع ان يضحي، لقول الله سبحانه وتعالى في
القرآن: "فصل لربك وانحر" وهذه الآية فسرها أهل العلم أنها: (صلاة العيد ونحر الأضحية).
وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين الاول عن نفسه واهل بيته والثاني عن امته، وبين صلى
الله عليه وسلم ان الاضحية يغفر لصاحبها عند أول قطرة من دمها، وانها تأتي يوم القيامة بأظلافها
وأشعارها بمعنى أنها تأتي بكامل هيئتها، كما ان النبي صلى الله عليه وسلم قد بين شروط الاضحية
وهي ألا يضحي بالعوراء البين عورها ولا العرجاء البين عرجها ولا المريضة البين مرضها ولا
العجفاء التي لا تنقي، فيجب على المسلم ان يتقرب الى مولاه تبارك وتعالى بأفضل وأحسن ما يملك
وما يستطيع.
ويقسم لحم الاضحية الى ثلاثة أقسام لقوله تعالى: "فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" فيأكل
المضحي ويوزع على أقرانه ويطعم الفقير منها كذلك. وهناك أحكام تختص بالمضحي وهي في قول
النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: (إذا دخل العشر الأوائل واراد أحدكم ان يضحي
فلا يمس شعره ولا بشره)، وحديث: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة واراد احدكم ان يضحي فلا يمسن بشره
ولا شعره ولا أظفاره) وهذا الحكم خاص بالمضحى وليس المضحى عنه، والنهي هنا للتحريم فلا يقص
ولا يزيل شعر جسمه إلا لضرورة وتلك بحسبها، ولا يزيل شيئاً من جلده وكذلك لا يقص أظافره فيشترك
بذلك مع الحاج في الاجر في عدم الاخذ من شعره وجلده وأظفاره، ولكن من فعل هذا فإن أضحيته
مقبولة بإذن الله ولكن ينقص أجره بمعصيته ووقوعه فيما حرمه الله سبحانه وتعالى.
التربية الإيمانية
- ما هي المعاني الايمانية والجوانب التربوية للأضحية والعيش في رحاب الطاعات في هذه الأيام
الطيبة؟
الفرح في العيد ليس بأكل لحم الاضحية ولكن يجب ان يبين المسلم ويغرس في أهله وأبنائه المفهوم
الاسمى لهذا النسك في أنها قربة الى الله سبحانه وتعالى.
كذلك فإن الاضحية تربي العبد وأبناءه على الاستسلام لأمر الله سبحانه وتعالى، وفيها التركيز والتأكيد
في التسليم لأمره سبحانه عندما مرر ابراهيم عليه السلام السكين على رقبة ابنه إسماعيل وكان هذا
الابن الصالح مستسلماً لأمر ربه وأبيه فنجاه الله سبحانه وتعالى من هذا الذبح بكبش فحدث له ما يحب
وصرف عنه ما يكره وضاعف له الأجر وأبقى ذكراه خالدة في الدنيا مع عظيم أجره عند ربه في
الآخرة.
دروس وعبر
- ما هي الدروس التربوية من قصة أبينا إبراهيم عليه السلام؟
ان عشر ذي الحجة فيها العديد من الجوانب التربوية، هذه الايام تذكرنا بأحداث خالدة مليئة بمعاني
التضحية والثبات واليقين والصدق، فإبراهيم عليه السلام وصفه ربه بأنه كان صديقاً نبيا، ان هذا
الرسول الكريم تهتز المشاعر اجلالاً له على مواقفه الرائعة وتتوقف الاقلام عن تسطير سيرته العطرة
العظيمة مع زوجته وابنه الذي رزق به بعد ثلاث وثمانين سنة في مكان موحش، وان قوة يقين زوجته
وتقديم أمر الله عز وجل على كل امر لهو خلق إيماني حري بكل امرأة ان تقتدي بها، لقد ضربت هذه
الاسرة الرائعة اروع الامثلة على التسليم لأمر الله سبحانه وتعالى فخلد ذكراهم الطيبة وبارك فيهم فهم
القدوة وهم الاسوة.
ان المسلمين بحاجة الى معرفة المعاني الايمانية الجوهرية لعباداتهم اضافة الى معرفتهم بالأحكام
الشرعية لها، فكثير من الناس يتوقفون عند الاحكام، فيجب معرفة المقاصد الشرعية واستشعارها، مع
التأكيد ان هناك احكاما تعبدية قائمة على التسليم المطلق كالطواف حول الكعبة فليس فيها احكام
ظاهرة ولكن حكمها مجرد مبني على التسليم المطلق لله سبحانه وتعالى، وهذا التسليم يصل بالعبد
لإظهار الذل بين يديه وهذا أرقى مراتب العبودية لله عز وجل.