[إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ] ..!!
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) .
رواه البخاري ( 6212 ) ومسلم ( 2290 ) .
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :
ولقوله : ( قد بدلوا بعدك )، ولو كان الكفر : لقال : " قد كفروا بعدك "
وأقرب ما يحمل عليه : تبديل السنة، وهو واقع على أهل البدع،
ومن قال : إنه النفاق : فذلك غير خارج عن مقصودنا؛ لأن أهل النفاق إنما أخذوا الشريعة تقيةً، لا تعبداً، فوضعوها غير مواضعها، وهو عين الابتداع .
ويجري هذا المجرى كل من اتخذ السنَّة والعمل بها حيلةً وذريعةً إلى نيل حطام الدنيا، لا على التعبد بها لله تعالى؛ لأنه تبديل لها، وإخراج لها عن وضعها الشرعي . " الاعتصام " ( 1 / 96 ) .
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه للحديث :
هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال : . . . والثالث : أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد ، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام . " شرح مسلم " ( 3 / 136 ، 137 ) .
قال الإمام القرطبي رحمه الله :
قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين : فكلُّ مَن ارتد عن دين الله ، أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ، ولم يأذن به الله : فهو من المطرودين عن الحوض ، المبعدين عنه ، وأشدهم طرداً : من خالف جماعة المسلمين ، وفارق سبيلهم ، كالخوارج على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالها ، والمعتزلة على أصناف أهوائها ، فهؤلاء كلهم مبدِّلون ، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور ، والظلم ، وتطميس الحق ، وقتل أهله ، وإذلالهم ، والمعلنون بالكبائر ، المستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ ، والأهواء ، والبدع .
" التذكرة في أحوال الموتى والدار الآخرة " ( ص 352 ) .