الحمد لله منزل القرآن , بلسان عربي مبين , و الصلاة و التسليم دائما أبدا على من نزل عليه الفرقان فبلغه على أحسن تبليغ و أوضح بيان , و رضي الله عن صحابته و آل بيته الذين لم يتجاوزوا حدوده و لا تقدموا عليه , فرضي الله عنهم و أرضاهم جميع .
أما بعد :
حيا الله القراء , و جزاكم الله النظر إلى وجهه الكريم , و عصمني و إياكم من الشطط و الزلل , و من أن نضل أو نضل إنه ولي ذلك و القادر عليه.
أيها الأحباب , لقد كثر الكلام و الحديث عن الرافضة في مسألة التحريف , أي إعتقادهم في القرآن الذي بين أيدينا محرف و أنه من ضروريات معتقداتهم , و أنه من المسائل المتواترة عندهم بلا شك , و أن الذي لا يعتقد هذا الإعتقاد فإنه على خطأ , و أن الذين نفوا التحريف فإنما نفوه للتقية فقط , و أن الروايات التي جاءت تحدث عن التحريف في القرآن تبلغ مرتبة الثبوت في الإمامة و أنه إذا حكم على هذه الروايات بالضعف أو عدم التواتر فبماذا يثبتون أخبار الإمامة ؟!! إلى غير ذلك من الأقاويل التي جاءت مسطرة في كتب الرافضة بأوضح بيان وبأصح إسناد عندهم .
لكن كما هو الحال لبد لكل أحد إذا ادعى شيئا أ، يأتي بالدليل و أن يكون الدليل واضحا لا يقبل أي توضيح أو تعليق حيث لا تدع مجالا للشك , و إلا فالدعاوى بلا دليل أبناؤها أدعياء و هذا ليس من سيم البحث في فمثل هذه المسائل الخطيرة التي يتوقف عليها الكفر و الإيمان و الجنة و النيران.
أقول : إن الروايات التي جاءت مسطرة في كتب القوم من الرافضة هي روايات عندهم صحيحة المبنى و صريحة المعنى كيف لا و هي مروية على المعصومين الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم و لا من خلفهم , و الذين هم يوحى إليهم كما أوحي للرسل و الأنبياء فمثل هذا أو هؤلاء المعصومين لا يصدر منهم إلا حق كما هو معتقد الرافضة , فالنقرأ هذه الروايات التي سقتها من كتبهم الصحاح فأقول :
روى الكليني في أصول الكافي في كتاب الحجة 1/284 ما نصه :
" عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب و ما جمعه و حفظه كما أنزل الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام و الأئمة من بعده عليهم السلام "
فأنت ترى أخي القارئ أنه لما نقول : أن هذا القرآن الذي بين الدفتين هو القرآن المنزل من عند الله , فإن المعصوم يعترض و يقول : لا ليس الأمر كما تزعمون بل القرآن الذي أنزله الله هو الذي جمعه علي و هو مع الأئمة و ليس معكم !!! .
أيضا , فالقرآن بهذا التوضيح من ذاك المعصوم المزعوم لم يجمعه أحد كما أنزله الله إلا علي , فإنه لا يعترف بجمع أبي بكر و لا بجمع عمر و لا بجمع عثمان بل و لا بجمع الصحابة كلهم كل ما في الأمر أنه لم يجمعه أحد غير محرف و غير ناقص إلا علي !!!
روى الكليني في أصول الكافي في كتاب الحجة 1/284 ما نصه :
" عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن ظاهره و باطنه غير الأوصياء "
إذا ليس لأحد الإستطاعة أن يثبت أن عنده جميع القرآن و هو الذي بين الدفتين , و إلا فهو كذاب , لكن ذلك عند الأوصياء فقط !!!.
أورد الكليني في الكافي 4/456 ما نصه :
" عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه و آله سبعة عشرة ألف آية"
أنت أيها الأخ القارئ تعلم أن عدد آيات القرآن العظيم تعادل تقريبا ثلث ما ذكر , فأي قرآن هذا بهذا الحجم , و أين تتمة قرآننا ؟ لعلها مع الأوصياء!!!.
روى الكليني في الكافي 4/433 ما نصه :
" عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك إنا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها و لا نحسن أن نقرأها
كما بلغنا عنكم فهل نأثم ؟ فقال : اقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم "
أي قراءة كانوا يقرؤونها ؟ ألم ييسر الله جل في علاه القرآن لجميع الناس فقال تعالى: (( و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر )), و أي آيات لا يحسنون قراءتها حتى يجيء من يعلمهم ؟ أليس القرآن يتلوه الصبيان و الغلمان و الكبار ؟ كيف يصعب ما هو ميسر أصلا ؟ لعل الجواب عند المعصوم !!!
روى الكليني في كافيه 4/452 ما نصه :
" عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام و أنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس فقال أبو عبد الله عليه السلام كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم عليه السلام فإذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز و جل على حده و أخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام . و قال : أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه و كتبه و قال لهم هذا كتاب الله عز و جل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه و آله و قد جمعته بين اللوحين , فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع لا حاجة لنا فيه , فقال : أما و الله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا ".
ذكر الطبرسي في شرحه للكافي 2/381 ما نصه :
" عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه و آله هكذا: و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي بسورة من مثله " !!!
و انظر أيها القارئ الكريم أن القرآن الذي بين أيدينا ليس فيه ذكر " علي" لكن هذا الاسم حذفه الصحابة بزعم المعصوم المعدوم !!!
و ذكر القمي 1/48 و فصل الخطاب 204 و في الكافي 2/394 ما نصه :
" عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه و آله هكذا : فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون "!!
اقرأ أيها الأخ الكريم و تعجب في هذا الزعم المكذب و المغير و المحرف لكتاب الله, مع أن سياق الآية ليس في آل محمد في شيء بل هو في شأن موسى و قومه, لكن اليهود و أذنابهم لهم تفنن في تحريف كلام الله.
ذكر النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب 205 ما نصه :
" عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرائيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه و آله هكذا : بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا "
أيها القارئ اللبيب, والله كأن القرآن و كأن الوحي و كأن الله لم يخلق الإنس و الجن إلا من أجل ولاية علي و القول بإمامته !!! هذا ما نرى في جميع كتب الرافضة بل و في قرآنهم المزعوم الذي من اعتقد هذا الإعتقاد الفاسد فهو يكفر بلا شك و لا ريب , لكن الشيطان له حيلة في ضل العباد, و ربما أولياؤهم سبقوا الشياطين هذه المرة !!!.
و قال الطبرسي في كتابه فصل الخطاب 205 ما نصه :
" عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز و جل : و إذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله في علي قاولوا : نؤمن بما أنزل علينا "
أقول أيها المسلم , و أيها الفطن انظر رحمني الله و إياك إلى هذه الأقوال التي ما أنزل الله بها من سلطان , و ما خطر على قلب موحد يعرف ما يتفوه به , و اعلم أن آل محمد صلى الله عليه و آله بريؤون جميعا مما نسب لهم ظلما و عدوانا , و أنهم أكثر من مرة لعنوا الذين يروون عنهم مثل زرارة النصراني الذي ما آمن طرفة عين و غيرهم كثير , فقد لعنه أبو عبد الله رضي الله عنه و غيرهم من آل النبي صلى الله عليه و آله .
هذا الذي قدمته أيها الحبيب عن أولائك الأئمة المعصومين عندهم هو غيض من فيض ولكن لضيق الوقت و حتى لا يتسع الموضوع أكثر فأكثر اقتصر على هذا , و لعلي في المرة القادمة إذا كتب الله لنا البقاء أن أعرض أقوال أهل العلم الموثوق بهم عند الرافضة الإمامية .
و بهذا القدر كفاية للبيب , و لمن أراد الخير لله و من ألقى التعصب للأشخاص و تجرد لمعرفة الحق فإن الله جل في علاه لا يسألنا عن عبد الله و لا عن أمة الله و لا عن زيد و لا بكر و إنما سيسألنا : (( ماذا أجبتم المرسلين ))؟؟
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .