صفاء الأعمال وتعيسها
كل عمل يصاحبه النية ، فمن كانت نيته سيئة كان عمله سيئاً ، ومن كانت نيته حسنة كان عمله حسناً ، وهذه النوايا لا يعلمها إلا علام الغيوب.
ومن كرم الله وفضله أن صفاء الأعمال تظهر بركاتها في الدنيا ، وتعيس الأعمال يظهر شؤمها على صاحبها من عدم القبول ، ومن نفرة الناس له .
وكل أحد له عمل ونية ، فالنية المحمودة التي يتقبلها الله ويثيب عليها وهي إرادة الله وحده بذلك العمل ، والعمل المحمود هو الصالح .
ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقول في دعائه :
اللهم اجعل عملي كله صالحاً ، واجعله لوجهك خالصاً ، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً .
فهذه كتب العلماء التي بين أيدينا شلالات تتدفق عبر القرون والسنين ، يستقي منها ملايين البشر علماً نافعاً يخدم الإسلام والمسلمين ، وتتضاعف حسنات على أصحابها المخلصين ؛ أمثال بن تيمية ، وأحمد بن حنبل ، وابن حجر ، وأمثالهم ممن أخلصوا أعمالهم لله ، وكان رجاؤهم الله والدار الآخرة .
لكنه الإخلاص أرخى رواقه عليهم ونهج المصطفى السمح مصدر
أما من كانت كتاباتهم لأغراض الدنيا ، من كتب أهل البدع والأهواء ، والروايات الماجنة التي تجر الويلات على مجد أمتنا ، ممن شوهوا سمعة الدين وأهله ، ماذا جنينا من أفعالهم وكتاباتهم.
وماذا جنوا هم؟ حظوظ اتخذوها وقدموها على شرع الله ودينه ، فأذاقهم الله الخزي في الدنيا وفي الآخرة مردهم إلى الله ، فهو بصير بعباده .
(( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ))[ص:28] .
وقد كان إبراهيم التميمي يتضرع إلى الله بقوله : اللهم اعصمني بدينك وسنة نبيك من الاختلاف في الحق ، ومن اتباع الهوى ، ومن سبل الضلالة ، ومن شبهات الأمور ومن الزيغ والخصومات.
ونحن نقول: اللهم نبرأ إليك من كل أقلام مسمومة تحمل أفكاراً منقوصة تُطوع لتعويق مسيرة الإسلام الخالدة .
يقول الشيخ أبو بكر الجزائري :
"إن من أخطر المحن التي أصابت المسلمين ، وهم يقاسون من ويلاتها ويعانون من شدائدها ضعفاً وفساداً وشراً محنة جهل جماهير المسلمين بإسلامهم ".
والتربية الناجحة تعتمد على حقائق ومسلمات لا تقبل جدلاً ، فإذا ساءت البيئة فهيهات أن تنشأ أجيالاً يوثق بأدبها وعفافها وعدالتها .
زين لهم الشيطان أعمالهم ، وحسنها في قلوبهم ، فاطمأنت لها نفوسهم .
يقول الله تعالى: (( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ))[آل عمران:30] .
إن المجتمع المسلم يعي المخاطر ولا يقبل المجازفة بمستقبله ، وما تجره علينا تدهور الأخلاق من مفاسد ومخاز تتجرعها المجتمعات بسبب غفلة الغيوريين.
وكل امرئ مسلم صافي الفكر والعقيدة سيرفض أفكار هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله .
إن الكلمة الحكيمة دين الله أشرف من أن يترك لأفواه العابثين والعابثات ، فينسلخ الدين من الحياء الذي هو جوهر الإيمان وحياته ، فتشيع الفاحشة ، ويصبح التبذل ديدنه.
حتى إذا فاض الطوفان وانفرط العقد صعب علينا لمه ، وفاض علينا نتنه حتى يتأذى منه القاصي والداني 0
الكاتبة : خيرية الحارثي.
ياله من دين
منقول