سرلانكا .. السادس و العشرون من ديسمبر ؛ صباح فتان و ساحر في إجازة الأحد ، كانت السماء ترتدي فستانا رائعاً من السحاب الأبيض ، و كانت النسمات القادمة من قلب المحيط تحمل إلى رئيِّ السياح اتساع البحر ، و تلقي قي الأفئدة جمال ثلاثة أرباع الطبيعة مختزلة في نسمة بحرية!
حري الذكر ، أنه و في العشر سنوات الأخيرة ، أصبحت آسيا أمثل مكان لقضاء إجازة الكريسماس ، و عندما يتعرى الغربيون تماماً هنا ، فربما لأنهم لم يكونوا قادرين على تبديل ملابسهم خلال الأسبوعين المنصرمين قبل المجيء بسبب البرد في كل بلاد الشمال ، أعني أوروبا و أمربكا الشمالية!
كل هؤلاء السياح الغربيين ، قصدوا المكان الهاديء لأنه جميل و نظيف ، و لأن أسعار الكحول هنا دونما ضرائب عالية أرخص من أي مكان آخر على سطح العالم ، و النساء أيضاً!
هذه الشاليهات الفاخرة المنتشرة على السواحل الآسيوية ، و التي تقلد الجنة في النعيم و البذخ تكذب عليك عندما تحجب عن عينيك كل مظاهر الفقر خلفها ، فقر الساكنين الأصليين الجائعين ، فبينما لا يتنوع مصدر غذاء هؤلاء الكادحين عن السمك أو السمك! ؛ ترسل الشاليهات في الأرجاء رائحة شواء لحوم العجول و الخنازير الطرية!
ليمكث هؤلاء السياح في متعة المشاهد البهية ، ليلاحظوا كل هذا السحر ، لكن أحداً على الأكثر لم يلاحظ أن السماء كانت خالية من أي قوافل النوارس المهاجرة .. عدا سائح عجوز ذي بطن كبير و خدين متهدلين انتبه أن هذا الصباح مختلف .. و لم يكن هذا الكهل إلا المستشار الألماني الأشهر ، و موحد الألمانيتين المحبوب .. هيلموت كول بشحمه و لحمه!
ترى؛ هل ثمة حس سياسي أنقذ المستشار الألماني من الدفن في الوحل السيريلانكي مع خمسة و ثلاثين ألفا من البشر؟
Inside Tsunami
تسونامي كلمتان يابانيتان ، تسو تعني ميناء ، و نامي تعني مفرد الأمواج ، لكنها تطلق معا على أمواج المواني الهائلة التي تحطم القوارب الخشبية عندما تضربها في المرافيء الخرسانية.
إن أمواج تسونامي تختلف عن الأمواج الاعتيادية التي تولد بحركة الرياح ، فهذه الأمواج تسونامي تستمد طاقتها من الزلازل العنيفة في قاع المحيط ، و تسافر لتقطع الكوكب الأرضي في مثالية عجيبة. فعندما ضربت أمواج التسونامي قبل مائة و عشرين سنة جزيرة كاركاتوا اليابانية وخلفت آلاف القتلى متعفنين ، فإنها هاجرت مرتدة حتى وصلت الساحل الأوسترالي على بعد أربعة آلاف كيل متر!
إذن ، فإن أمواج تسونامي مختلفة كثيراً ، فمتوسط الطول الموجي للأمواج المولدة بالريح 150 متراً ، بينما أمواج تسونامي يتجاوز طول الواحدة منها مائة كيل متر في المتوسط ، و عندما تتلاشى الأمواج الرياحية في متوسط عشر ثوان لكل موجة ، فإن موجة تسونامي تتلاشى في متوسط ساعة واحدة!
هنا عرضان يحاكيان هجرة أمواج التسونامي عبر الأرض.
1.
http://ioc.unesco.org/itsu/template...s/animation.gif
2.
http://www.geophys.washington.edu/t...ovies/globe.mov
(
2.3 ميجابايت للتشغيل عبر Quick Time)
قمة إي فرست في جنوب سرلانكا!!
في عمق المحيط الهادي ، لو انطلقت فجأة داخل فقاعة هوائية إلى الأعلى بسرعة 100 كيلمتر في الساعة ، فإنك ستحتاج إلى عشر دقائق كي يلامس رأسك سطح الماء! هذا فقط في المتوسط ، و إلا فإن أعلى نقطة بحرية في عمق المحيط سجلت على مسافة 26 كيلمتر!
لك أن تتخيل نقطة انطلاقك هذه بأن تضع جبال الهملايا كلها في قعر هذا المحيط ، لتكتشف أن إي فرست ستحتاج إلى ثلاثة كيل مترات إضافية كي يبرز فقط ، كنتوء صغير سيحاول صياد أن يدفعه بمجدافه بعيداً عن قاربه!
إنها عظمة خالق هذه الطبيعة!
تسونامي.. زفير الأرض
نقف نحن و البحار سواء بسواء على يابسة محمولة بطبقة صخرية صلبة تحتها اسمها الصفائح ، و تحت هذه الصفائح طبقة صخرية أخرى لكنها منصهرة و ذات حركة مجنونة تولد مجالا مغناطيسيا قويا يزن المناخ و ظروف الحياة في تكاملات مباشرة و غير مباشرة ضمن أروع نظام يقود إلى الجنون!
و الصفائح الصخرية ليست كتلة واحدة ، بل هي مجموعات منفصلات عن بعضها البعض ، تفصلها صدوع عميقة جداً تنفث الأرض من خلالها زفيرها!
و نظرا للزلازل – التي قد نشعر بها – و لحركة الطبقة الصخرية المنصهرة المستمرة أيضاً ، فإن طاقة هائلة تعادل قنبلة هيروشبما ملايين المرات قد تبرز صدعا جديدا إذا انقسمت إحدى الصفائح! و هذه الطاقة أيضا قد تخفي صدعا آخر قديما بين صفحيتين إذا اصطدمتا فجأة ببعضهما ضمن قوة هائلة جداً ، فتلتحمان و تعلو إحداهما الأخرى على ميزان الأقل كثافة من بينهما!
و هذا الذي حصل قبل أسبوعين في الكارثة الآسيوية! حيث أن زلزالا قوته 8.9 على مقياس ريختر حدث في قاع المحيط على عمق 13 كيل متر في نقطة تلاقي الصفيحة البورمية مع الصفيحة الهندية إلى الشمال الغربي من جزيرة سومطرة الأندونيسية ، ونتيجة لذلك ارتفعت القشرة التحت بحرية عشرة أمتار فقط دفعت أمواجاً في قلب المحيط يبلغ ارتفاع الواحدة منها 4 كيلات مترية إلى السطح بسرعة 800 كيل متر في الساعة!
هذه الأمواج تسونامي عندما تصل إلى الشواطيء فإن سرعتها تقل إلى متوسط 40 كيل متر في الساعة ، ثم تتوغل في الساحل إلى قلب اليابسة دون هوادة لتحطم المباني ة تقتلع الاشجار و ترمي السيارات إلى عشرين مترا إلى الأمام ، تخيل فقط سماء تمطر سيارات!
و لا تتوقف حتى تسحبها حركة الجذب الداخلية من المحيط ، فتفر إلى البحر من جديد تاركة الساحل و الشاطيء عاريين في جزر طويل لن يكترث إلى أشلاء اللحم تحت الطين ، و لا إلى الأطفال المتيبسين على الجدران المهدمة!
محاكاة لتسونامي ألاسكا ، الزلزال قوته 8.5 ، الصورتان توضحان المد الموجي بعد ساعتين ، و بعد اربع ساعات!