بسم الله الرحمن الرحيم
انه حامل هذه الخصلة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم انها داء الامم . فعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ : الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ ، حَالِقَةُ الدِّينِ ، لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ ، إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ". إنه الحاسد ''' كفانا الله شر كل حاسد
لو قدمت له حذاءه، و أحضرت له طعامه، و ناولته شرابه، و ألبسته ثوبه، و هيأت له وضوءه،
و فرشت له بساطه،و كنست له بيته، فإنك عدوه أبدا؛ لأن سبب العداوة لا زال فيك، و هو فضلك أو علمك أو علمك أو أدبك أو مالك أو منصبك، فكيف تطلب الصلح معه و أنت لم تتب من مواهبك؟
و الحاسد ينظر متى تتعثر، يتحرى متى تسقط ، و يتمنى متى تهوى.
أحسن أيامه يوم تمرض،أجمل لياليه يوم تفتقر،و أسعد ساعاته يوم تنكب، و أحب وقت لديه يوم يراك مهموما مغموما حزينا منكسرا، و أتعس لحظة عنده إذا اغتنيت ، و أفظع خبر عنده إذا علوت، و أشد كارثة لديه إذا ارتقيت، ضحكك بكاء له، و عيدك مأتم له، و نجاحك فشل لديه،ينسى كل شيء عندك إلا الهفوات، و يغفل عن كل أمر فيك إلا الزلات، خطاك الصغير عنده اكبر من جبل احد،و ذنبك الحقير لديه أثقل من ثهلان، الذي يمدحك عنده كذاب ، والذي يثني عليك لديه منافق، و الذي يذ ُبُّ عنك في مجلسه ثقيل حقير، يُصدق من يسبك، و يحب من يبغضك،و يقرب من يعاديك ، و يساعد من يكرهك و يجافيك، الأبيض في عينيك سواد عنده،و النهار في نظرك ليل في نظره، لا تجعله حكما بينك و بين الآخرين فيكم عليك قبل سماع الدعوى و حضور البينة،و لا تطلعه على سرك فأكبر همِّه أن يذاع و يشاع، و يحفظ عليك الزلة ليوم الحاجة، و يسجل عليك الغلطة ليوم الفاقة لا حيلة فيه إلا العزلة عنه ، و الفرار منه، والاختفاء عن نظره و البعد عن بيته، و الانزواء عن مكانه.
أنت الذي أمرضه و أسقمه ،أنت الذي أسهره و أضناه ،أنت الذي جلب له همه، و حزنه و تعبه و وصبه،و هو الظالم في صورة المظلوم ، لكن يكفيك ما هو فيه من غصصن و ما يعيشه من آلام ، و ما يعالجه من أحزان ، و ما يذوقه من ويلات:
أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني
فلا أعاتبه صفحا و إهوانا
كذاك قد كنت في أهلي و في و طني
إن النفيس غريب حيثما كانا
محسد الضل مكذوب على اثري
اغتاب سرًّا و يثني فيَّ إعلانا
ماذا يفعل من خاف حاسداً
و حتى لا تحزن فها أنا أخبرك ماذا تفعل إذا كنت تخاف حسد الحاسدين
* أولا: أن تستعيذ بالله من شره ليصرفه عنك.
*ثانيا: عليك أن تحسن إليه حتى يكف أذاه عنك ... و ذلك من باب قول الله-جل و علا- : ﴿ ادْفع بالتي هي أحسن﴾.
*ثالثا: فإن لم ينفع معه الإحسان فابتعد عنه قدر استطاعتك...و ذلك من باب قوله تعالى:﴿ و إن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ﴾.
*رابعا: ألا تخبره بما تفعل ... و ذلك من باب قول النبي صلى الله عليه و سلم:" استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود ".
*خامسا: و إياك أن تنسى أذكار الصباح و المساء و المعوذات ... و أكثر من الدعاء ليحفظك الله من شر كل حاسد و حاقد.'''
''' من كتاب 'لا تحزن وابتسم للحياة '
للشيخ محمود المصري.'''