الدعوة بين
المجاهيل وعلماء الجهمية
لفضيلة الشيخ : أبو أحمد عبد الرحمن المصري - حفظه الله -
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : هناك فرق بين من يمارس الدعوة لبيان الحق ومحو الباطل وبين من يدعو لبيان الباطل ومحو الحق، وذلك من خلال التباس الحق بالباطل، كلاهما في الطريق يبتلي الله أحدهما بالآخر ليميز الله الخبيث من الطيب، كلاهما يتحدث عن الإسلام ولكن هناك فرق بين من يتحدث عن الإسلام بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبين من يستحدث قضايا محدثة مبتدعة ليعطي بها شرعية للواقع المعاصر الذي خلا من تحكيم الإسلام في حياة المسلمين بل خلا من اعتبارالإسلام ديناً يلائم الواقع الذي نعيش فيه، ومن هنا كان النزاع والخصومة بين الفريقين فظهرت قضايا جديدة كالعذر بالجهل والتأويل إلى غير ذلك من الموانع التي يضعونها في غير مواضعها ويستخدمونها بإطلاق حتى احتمى خلفها من يحاربون دين الله ليلاً ونهاراً فصارت قلاعاً لهم يهدمون بها دين الله، وبها أعطوا الشرعية للنظام العلماني فصاروا يمتحنون الأخوة على أساس هذه القضايا، كما كان الجهمية يمتحنون العلماء في فتنة خلق القرآن فعذبوا من عذبوا وقتلوا من قتلوا، وعلى أساس هذه القضايا المستحدثة صار علمائهم كما كان علماء الجهمية يفتون بالإبلاغ عن الأخوة المعارضين وكتب كشوف بأسمائهم إلى جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تحمي الدين العلماني (أمن الدولة) ومن هنا استطاعوا أن يقضوا على كثير من الأخوة والإضرار بالدعوة، وفي المقابل سمح لهم بالانتشار حتى غزوا كل ميدان حتى الفضائيات، ولم يقتصر دورهم في تصفية الدعوة، بل تعدتها إلى تصفية أنصار الجهاد، ومن هنا أصبحت لهم اليد الطولى في الدعوة في طول البلاد وعرضها تحت حماية النظام وأمنه ورضاه عنهم، وبانتقال الدعوة إلى جهاز النت وجدناهم يستجدون قضايا جديدة مثل قضية المجاهيل وعدم قبول الفتوى أو العلم منهم، وأنهم العلماء، هم وشيوخهم الذين يجب قبول فتاويهم لأنهم ظاهرون معروفون فسلسلة السند لعلمائهم موجودة غير مقطوعة، ولا ممنوعة من الدعوة، أما المجاهيل هؤلاء فحري ألا يؤخذ منهم شيء هذا من ناحية العلم والمعرفة، ولا يوجد لهم سند من الشيوخ حتى يعتد بهم، فهم مقطوعون ضلوا الطريق .
وهم يستخدمون هذه القضية لصرف الناس عنهم وتشويههم حتى لا يؤخذ منهم شيء، الجانب الآخر هو دفع الأخوة لبيان أشخاصهم ومن ينتسبون له من العلماء حتى يتم كشفهم والإيقاع بهم للتخلص منهم .
وإني لأعجب لأخوة يناقشونهم في أمثال هذه القضايا التي ما جنينا من ورائها إلا ضياع الوقت وضياع الأخوة وضياع الدعوة فقد عشنا فيها زمناً طويلاً ما كسبنا منها شيئاً بل أخرجتنا بعيداً عن الواقع، فإنه يجب أن يستفاد الأخوة من أخطائهم، وألا يكرروها حتى لا نضيع الجهد والوقت في جدال لا جدوى منه، أنفعل كما فعل البعض من قبل كانوا يتناظرون إلى الصباح والصليبيون يحتلون أرض الإسلام لا شأن لهم بقضايا الأمة.. أنفعل فعل هؤلاء وأرض الإسلام تغتصب، وهم يتناقشون في أحكام الحيض والنفاس والكلب المعلم، فإن وقت المسلم ثمين فلا يضيعه فيما هو زائد عن الحاجة ولو كان في علم شرعي ( فقد بين الإمام الشاطبي أن تخريج الحديث من طرق كثيرة لا على قصد تواتره بل على أن يعد أخذاً له عن شيوخ كثيرة من باب التكاثر المنهي عنه لأن تخريجه من طرق يسيرة كاف في المقصود منه فصار الزائد على ذلك فضلا ) فما بالكم بالجدل المنهي عنه، فما بالكم بالابتعاد عن البيان الشرعي بالانشغال بهذه المناقشات .
والعجيب أن المسائل التي قام النقاش عليها هي من قطعيات ومحكمات الدين، ومن المعلوم بالدين بالضرورة كمسائل الحكم بشرع غير شرع الله ومسائل الولاء، وإذا كانت هذه المسائل الكبار نجدهم يجتهدون في إبطال دلالتها ووجودها الواقعي، فكيف يوثق بهم، بل كيف يعتبر هؤلاء من العلماء أو من طلبة العلم، وكيف يكون النقاش، وقد عانينا منه زمناً طويلاً وهل من جدوى مناقشة تلك الرؤوس وهي تسعى أولاً إلى إهدار اعتبار المناقش على أنه مجهول وثانياً إلى إبطال الحقائق الشرعية القطعية .
هذا ما أحببت ذكره في ضوء النقاش العقيم القائم الآن غيرة على الحق وأهله من خداع أهل الباطل .
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وكتبه
أبو أحمد عبد الرحمن المصري
ولا تنسونا من خالص دعائكم
إخوانكم في
:: شبكة التـحـدي الإسلامـية ::
(نحو إعلام إسلامي هادف)