إن الحمد لله ، نحمده ونستغفره ، ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
فإن الدعوة فن يجيده الدعاة الصادقون ، كفن البناء للبناة المهرة ، وفن الصناعة للصناعة الحذاق ، وكان لزاما على الدعاة أن يحملوا هموم الدعوة ، ويجيدوا إيصالها للناس ، لأنهم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم .
ولابد للدعاة أن يدرسوا الدعوة ، لوازمها ، ونتائجها ، وأساليبها ، وما يجد في الدعوة ، وكان لزاما عليهم أن يتقوا الله في الميثاق الذي حملوه من معلم الخير صلى الله عليه وسلم النبي صلي الله عليه وسلم فإنهم ورثة الأنبياء والرسل ، وهم أهل الأمانة الملقاة على عواتقهم
فإذا علم ذلك فإن أي خطأ يرتكبه الداعية فإن ذلك سيؤثر في الأمة ، وسيكون الدعاة هم المسئولون بالدرجة الأولى عما يحدث من خطأ أو يرتكب من فشل ؛ بسبب أنهم هم رواد السفينة التي إذا قادوها إلى بر الأمان نجت بإذن الله .
لذا فإن على الدعاة آدابا لابد أن يتحلوا بها حتى يكونوا رسل هداية ، ومشاعل حق وخير ، يؤدون الرسالة كما أرادها الله .
1ـ الإخلاص في الدعوة :
إن الإخلاص في العمل هو أساس النجاح فيه ، لذا فإن على الدعاة الإخلاص في دعوتهم ، وأن يقصدوا ربهم في عملهم ، وألا يتطلعوا إلى مكاسب دنيوية زائلة إلى حطام فان ، ولسان الواحد منهم يقول : ( مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)(الفرقان: 57) . (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ)(سـبأ: 47).فلا يطلب الداعي منصبا ، ولا مكانا ، ولا منزلة ، ولا شهرة ، بل يريد بعمله وجه الواحد الأحد . (( خذ كل دنياكم ، واتركوا فؤادي حرا طليقا غريبا ، فإني أعظمكم ثروة ، وإن خلتموني وحيدا سليبا )) .
2ـ تحديد الهدف :
يجب أن يكون هدف الداعية واضحا أمامه ، وهو إقامة الدين وهيمنة الصلاح ، وإنهاء أو تقليص الفساد في العالم ( أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(هود: 88) .
3ـ التحلي بصفات المجاهدين :
الداعية كالمجاهد في سبيل الله ، فكما أن ذاك على ثغر من الثغور ، فهذا على ثغر من الثغور ، وكما أن المجاهد يقاتل في سبيل أعداء الله ، فهذا يقاتل أعداء الله من الذين يريدون تسيير الشهوات والشبهات ، ، وإغواء الجيل ، وانحطاط الأمة ، وإيقاعها في حماة الرذيلة . ( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)(النساء: 27) .
فيجب على الداعية التحلي بما يتحلى به المجاهد ، وأن يصابر الأعداء فيضرب الرقاب . ( حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا )(محمد: 4) .
4ـ طلب العلم النافع :
يلزم الداعية أن يطلب العلم النافع الموروث عن معلم الخير صلى الله عليه وسلم ، ليدعو على بصيرة ؛ فإن الله قال في محكم تنزيله : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).
قال مجاهد (( البصيرة : أي العلم )) ، وقال غيره : (( البصيرة : أي الحكمة )) .. وقال آخر : (( البصيرة : التوحيد )) .
والحقيقة أن المعاني الثلاثة متداخلة ، ولابد للداعي أن يكون موحد للواحد الأحد ، لا يخاف إلا من الله ، ولا يرجو إلا الله ، ولا يرهب إلا الله ، ولا يكون أحد أشد حبا له من الله ـ عز وجل .
ولابد أن يكون ذا علم نافع ، وهو علم قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدعو الناس على بصيرة ، فيحفظ كتاب الله أو ما تيسير من كتاب الله ـ عز وجل ـ ويعنى بالأحاديث عناية فائقة فيخرجها ، ويصح المصحح منها ، ويضعف الضعيف حتى يثق الناس بعلمه النبي صلي الله عليه وسلم ويعلم الناس أن يحترم أفكارهم ، وأن يحترم حضورهم ، فيجب أن الجمهور بأن يحضر لهم علما نافعا ، جديد بناء ، مرسوما على منهج أهل السنة والجماعة .
كذلك علي الداعية أن يكون حريصاً علي أوقاته في حله وترحاله، في إقامته وسفره، في مجالسه، فيناقش المسائل النبي صلي الله عليه وسلم ويبحث مع طلبة العلم، ويحترم الكبير، ويستفيد من ذوي العلم، ومن ذوي التجربة والعقل.
إذا فعل ذلك سدد الله سهامه، ونفع بكلامه، وأقام حجته، وأقام برهانه.
وهذا وصلى اللله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعيين .
نرجوا من الاخوه الدعاء الي بالعلم النافع وحفظ كتاب الله والاكثار من الطاعه
:14: :14: :14: :14: :14: