أقوال أهل العلم المعاصرين في نازلة العراق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
قال تعالى: ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً))، ومن منطلق هذه الآية كان حتماً على الأمة الرجوع إلى أهل العلم الكبار في المسائل الكبار، ولا يحق لكلِّ أحد ولو كان طالب علم أن يتكلم في المسائل المصيرية والنوازل المدلهمة التي تواجهها هذه الأمة، وإلا أصبح الأمر فوضى، والأمة فرقاً وأحزاباً كما هو مشاهد الآن ولا يخفى على أحد.
ولقد خاض في الكلام حول "نازلة العراق" والحكم عليها الكثير من أنصاف المتعلِّمين فضلاً عن عوامهم، واختلف نقلة الأخبار الذين ذهبوا من العراق إلى بلاد الحرمين وبلاد الشام لطلب الفتوى من أهل العلم الأكابر والمشايخ الأفاضل بين مثبتٍ ونافٍ، حتى اضطرب الحال في العراق واختلف الشباب وافترقوا في أحوج ما يحتاجونه للإجتماع والوحدة وخاصة بعد أن اجتمع عليهم العدو الكافر المحتل والمبتدع الحاقد، بل وظنَّ الكثير من الشباب المنتسب للدعوة بأهل العلم الظن السوء؛ لهذا وغير ذلك من الأسباب رأيتُ لزاماً أن أجمع كلام هؤلاء العلماء الأكابر والمشايخ الأفاضل في مقالٍ ليسهل تناوله ونشره؛ والله ومن وراء القصد.
1- أفتى كبار العلماء في هذا العصر بعدم القتال في العراق، ونقل ذلك عنهم الشيخ عثمان الخميس في موقعه على الإنترنيت المسمى بـ(المنهج) وبتوقيعه، وإليك نصَّ رسالته:
((بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، والصلاة والسلام على آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فكم آلمنا وأحزننا ما يبلغنا من أمور جرت على إخواننا في العراق، نسأل الله جل وعلا أن يجعله تكفيراً للذنوب ورفعاً للدرجات، ونظراً لما يمر به بلدكم من ظروف عصيبة؛ فقد حرصنا على أن تكون أموركم وأعمالكم تدور في فلك الشريعة السمحاء، ومبنية على فتاوى أهل العلم المشهود لهم بالفضل والمكانة.
وكم آلمني وأحزنني حين وجِّهت لي مجموعة من الأسئلة - والتي قد تكون مصيرية - ومنْ أنا حتى توجه لي مثل هذه الأسئلة؟!
ولذا أقول: أحزنني حيث وضع الأمر وأسند إلى غير أهله فالله المستعان، ولذلك وبحسب ما تعلَّمنا من مشايخنا وعلمائنا الذين وجَّهونا إلى وجوب ردِّ الأمر إلى أهله؛ اقتداء بقول الله تبارك وتعالى: " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ".
لذلك كله قمنا بأخذ الأسئلة والتوجه بها إلى العلماء من أمثال سماحة المفتي: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وسماحة الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان، وسماحة الشيخ: عبد الله المطلق، وسماحة الشيخ: محمد بن حسن آل الشيخ، وفضيلة الشيخ: عبد العزيز السدحان، فتطابقت إجاباتهم على:
- وجوب التعاون بين جميع المنتسبين لأهل السنة.
- وعلى الدفاع عن النفس والعرض والمال إذا تمَّ التعرض لهم.
- وعلى كفِّ اليد ما لم تكن هناك راية، وما لم تعد العدة.
- وعلى لزوم الدعوة إلى الله ونشر العقيدة الصحيحة بين الناس.
- وعلى عدم إثارة أي طرف عليهم.
- وعلى أن ينظِّموا صفوفهم وأن تتحد كلمتهم.
- وعلى أن يكونوا حذرين ممنْ حولهم.
- ولا مانع أن يجعلوا لهم أميراً.
والله أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين)).
2- سئل العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى فيما يجري في الساحة العراقية من عمليات ضرب المحتل، فإليك نص السؤال والجواب:
سؤال: أصبح العراق بلداً محتلاً بشهادة القاصي والداني بل بشهادة المحتل نفسه كما لا يخفى؛ فهل أصبح الجهاد (جهاد السيف والسنان) الآن في هذا الوقت فرض عين؟ علماً أنه لا يوجد أمير تجتمع عليه كلمة المقاتلين الآن لتعدد الأحزاب والمناهج السنية كالإخوان بصنوفهم والسلفية ـ كما يدعيها كثير ـ وهم فرق منهم جهادية وتكفيرية ومرجئة و....، ولا توجد راية، والعدة التي يمتلكونها هي بقايا سلاح النظام البائد، ولا يستطاع أن يواجه بها العدو، بل الأمر مكيدة ومصيدة وتفجير هنا وهناك وعمليات، قد تكون داخل المدن والشوارع الآهلة بالسكان مما ينتج عنها أحياناً فتح نار عشوائي من قبل المحتلين ويسقط عدد من العراقيين الأبرياء نتيجة هذه العملية أو ذاك الانفجار، وقد حدث هذا فعلاً في مناطق من بغداد وغيرها، كما أنَّ هذه العمليات قد تكون خارج المدن في الأرياف، كما حدث في منطقة (بلد والضلوعية) فقامت قوات الاحتلال بتفتيش المنطقة وانتهاك حرمات البيوت وأسر عدد كبير من أهالي المنطقة، بسبب عملية عسكرية أوقعت ضرراً بالمحتل.
جواب الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى:
"إلى الإخوة السائلين من العراق وفقهم الله؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فهذه إجابات على أسئلتكم:
أولاً: أ- قلتم في السؤال الأول أصبح العراق بلداً محتلاً بشهادة القاصي والداني وبشهادة المحتل نفسه إلخ.
فأقول: إنَّ العراق أصبح بلداً محتلاً منذ قامت الثورة الشيوعية فيه وحكمها، ثم خلفهم البعثيون.
والحركات التي تقاوم الاحتلال الجديد لا شك أنها تكفر الشيوعيين والبعثيين فما هو السر في عدم جهادهم للاحتلال الأول؟ فإنْ قالوا السبب هو العجز؛ قلنا: أنتم الآن أشد عجزاً.
وإن قالوا: إنَّ المحتل الأول عربي مواطن؛ قلنا: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه بدءوا بجهاد العرب المواطنين الأقربين.
ب- وقلتم:" هل الجهاد فرض عين"؟
وأقول: نعم هو فرض عين على أهل العراق؛ ولكن فرض العين قد يسقط عن العاجز؛ فالحج ركن من أركان الإسلام ولا يجب في العمر إلا مرة على المستطيع، وصلاة الجمعة تسقط عن المسافر وهي فرض عين والصلاة الرباعية الظهر والعصر والعشاء تسقط من كل منها ركعتان عن المسافر من أجل المشقة فضلاً عن العاجز عنها، والعاجز عن القيام والقعود في الصلاة يسقطان عنه للعجز وهما من فروض الأعيان.
وأهل العراق في نهاية العجز فلا قِبَلَ لهم بجهاد أمريكا وأحلافها ومؤيديها من الشرق والغرب؛ فأين السلاح الجوي والبري والبحري الذي أمر الله بإعداده؟ بقوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
فهذه المقاومة الهزيلة التي تقوم بها الحركات عندكم لا تزيد العدو إلا طمعاً فيكم وفي بلادكم؛ لاسيما وليس لهذا الجهاد راية إسلامية، وسلاحها من بقايا سلاح النظام البائد كما ذكرتم.
ولا سيما وهو يؤدي إلى إهلاك الأبرياء وانتهاك حرماتهم وأعراضهم واعتقال الكثير منهم، الأمر الذي لا يعدوا أن يكون تحريشاً يعقبه هروب المحرشين، وترك أهل المدن والقرى لتسلط المحتل عليهم بالقتل والإذلال والاعتقال، هذا من الناحية المادية.
أما الناحية المعنوية: فأهل العراق الأغلبية الساحقة فيه من الفئات المنحرفة والفئات الملحدة، وهم بقلوبهم ومشاعرهم مع المحتل الجديد ـ إن لم نقل: ويساعدونهم ـ مما يزيد الأمر شدة وصعوبة على الحركات الهزيلة التي تريد المقاومة من غير مراعاة لسنن الله الكونية والشرعية المشروطة في الجهاد من: الإيمان الصحيح والعقيدة الصحيحة والأعمال الصالحة، ومن إعداد القوة التي ترهب العدو، فمؤهِلات النصر والظفر مفقودة لدى هؤلاء.
وعليه: فعلى المسلمين في العراق وغيرها من بلاد الإسلام أن يعودوا إلى الله وإلى التمسك بكتاب ربهم وسنة نبيهم وما كان عليه الصحابة والخلفاء الراشدون من عقائد صحيحة وأعمال صالحة، وعليهم التخلص من العقائد الفاسدة من القول بالحلول ووحدة الوجود والرفض وتعطيل صفات الله عز وجل ومن ضلال الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والمرجئة في أبواب الدين كلها.
وبذلك يصبحون حزب الله وبهذا وذاك يستحقون النصر والظفر على الأعداء قال تعالى: "إن تنصروا الله ينصركم"، وقال تعالى: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" النور/55، فما وعدهم الله بالاستخلاف في الأرض إلا بإيمانهم الصادق بكل أصول الإيمان ومقتضياته، وإلا بقيامهم بالعمل الصالح المطلوب منهم والمستمد من شرعه.
وقال تعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون".
ولن نكون جند الله الغالبين إلا بالتزامنا واتباعنا الصادق لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من عقائد صحيحة ومنهج قويم وعمل صالح، وبدون ذلك فلن تستحق الأمة إلا الذل والهوان وتسليط الأعداء، الأمر الذي وقع وهو واقع.
والحركات العاطفية العشوائية والشعارات المزيفة لن ترفع هذا الواقع الأسود الأليم بل لا تزيده إلا رسوخاً، فالأمة تحتاج إلى عقلاء صادقين يسعون جادين مخلصين في رفع هذا الواقع الأسود بما أرشدنا إليه الناصح الصادق الأمين ألا وهو العودة إلى دين الله الحق بوضع منهج واحد للأمة؛ ألا وهو ما كان عليه رسول الله وأصحابه عقيدة وعبادة وسياسة وأخلاقاً وتطهير هذا المنهج والاعتقاد من كل الشوائب التي ساقت الأمة إلى هذا الواقع الأسود المر.
والأمة تحتاج إلى الوعي الكامل الصحيح الذي يحفظ عليها دينها وعقولها من الأباطيل والترهات والشعارات المزيفة، وخداع أهلها وتلاعبهم بعقول وعواطف هذه الأمة التي هي الضحية لهذه الترهات والشعارات". [السؤال الأول من مقال "من العراق المحتل إلى مشايخ العصر" نقله الشيخ أبو عبد الله المدني المشرف على شبكة سحاب السلفية/ الإنترنت].
3- وسُئل الشيخ علي الحلبي حفظه الله تعالى عبر الهاتف عن نازلة العراق؛ فاجاب بقوله:
:أحوال العراق وما يجري فيها إنَّما يضبطها اجتماع ثلاثة أصناف من الناس))
الصنف الأول: العالم بالفقه الشرعي.
الصنف الثاني: العارف بالسياسة والتدبير.
والصنف الثالث: العارف بالعسكرية والقوة.
فهؤلاء إذا رأوا رأياً في أحوال العراق فرأيهم نافذ بشرط أن يكون ثمة اتفاق بينهم لا اختلاف؛ يعني: اثنان [متفقان] وواحد [مخالف] لا ما أرى ذلك إلزام؛ وإنَّما لا بدَّ من الثلاثة معاً؛ ثم أنا أُعقِّب على هذا التأصيل العلمي فأقول:
كلُّ مَنْ فهم مني أو نقل عني خلاف ذلك: فهو إما مخطىء أو أنا مخطىء.
سمعتَ أم أعيد؟
بلغها مَنْ ورائك؟)) [شريط: جلسة مع جماعة وادي السير؛ في بيت الشيخ علي الحلبي بعد صلاة العشاء بتاريخ 7 - محرَّم - 1425].
3- ردَّ الشيخ مشهور بن حسن حفظه الله تعالى على من أوجب الجهاد في العراق وبيَّن تناقضهم فقال:
((فالجهاد في الظروف الصعبة، والأحوال غير الطبيعية يحتاج إلى أحكام تُراعى فيه ظروفه، وما يحيط به من مستجدات، وهو ليس كالصلاة، لا بدَّ من أدائه على أية حال كما يعتقد بعض الداعين إليه، والمتحمسين له، ولست مبالغاً إن قلتُ: إنَّ أبرز أثار الفوضى في الفتوى اليوم تظهر علينا في الجهاد وأحكامه.
والعجب من المفتين التناقض الشديد بينهم في هذا الميدان، واختلافهم في الجملة على حسب البلدان، ويدور مع مصالحهم دون النظر إلى مالآت الأفعال.
وقد بلونا جملة من الوقائع سمعنا فيها عجباً من أناس يشار لهم بالبنان، يتكلمون على أنهم علماء الأمة ويُطلقون التكفير بمراهقة الشبان، وهم كبار؛ كبار في أسنانهم، ودعواتهم، ومناصبهم، ولكنهم- والله! - ليسوا ، كذلك في تقعيدات العلماء وأصولهم!.
وأكبر مثال وأشهره - وهو مازال ماثلاً للعيان- : الجهاد في العراق لصد العدوان الأمريكي، فكثير من الناس أفتى بالوجوب العيني على الشباب!!؛ بناءً على أنَّ أمريكا هي أصل الشر، و..، و..، و..، دون اعتبار جميع الأوصاف والقيود التي لها أثر في الفتوى، فالنتائج محسومة، والأمور محسوبة، والأمن للمجاهدين غير حاصل، والنظام القائم بعثي لاشرعي، ولو قيل بالجواز لهان الخطب!!، أما الوجوب؛ والوجوب العيني!!؛ فهذا - والله! - غفلة عما نبهه ابن تيمية على ما هو دونه، ووصف غير المقاتلين للتر آنذاك: " أهل المعرفة بالدين")) [ "العراق في أحاديث وآثار الفتن" ص748 الهامش].
4- وجه الشيخ سليم الهلالي حفظه الله تعالى نصيحة إلى أهل العراق وطلب إيصالها إليهم قال فيها:
((وأما العراق الكئيب، العراق الشريد، العراق الحبيب؛ فقد بُليَ بأعداء الله من الداخل ومن الخارج، أما أعداء الله من الداخل فهم الروافض الخبثاء ومن أعانهم من الحزبيين من أهل السنة القبوريين، وأما أعداء الخارج فأنتم تعلمونهم؛ اجتمعت أُمم الأرض على هذا البلد؛ فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يقيَ إخواننا أهل السنة والجماعة من مكر الفريفين، وأن يحفظهم.
وأنا أنصح لهم نصيحة أرجوا ممن يسمعها أن يبلغها إيَّاهم:
هو أن يشتغلوا بدعوتهم، وأن يشتغلوا بالدعوة إلى التوحيد وإلى السنة، وأن لا يشغلوا أنفسهم بما يُشغَل به الناس في العراق.
فإنَّ العراق اليوم أحوج ما يحتاج إلى دعوة الكتاب ودعوة السنة؛ إلى التوحيد والسنة سواء في الأوساط الشيعية أو في الأوساط السُّنية أو في أوساط الصابئة أو الزيدية او غيرها؛ فهم بحاجة إلى دعوة الكتاب والسنة.
واعلموا إخواني؛ أنَّ الله لن ينصرهم إلا إذا نصروه؛ وقد ذكر شيخ الإسلام حادثة مشابهة في رده على البكري في الجزء الثاني: أنَّ التتار لما دخلوا دمشق لم يشترك العلماء في هذه الحرب؛ لأنها كانت غير شرعية، لأنَّ المسلمين كانوا يعوذون بقبر رجلٍ كان إسمه (أبو عُمر) فكانوا يقولون:
يا خائفين من التتر # لوذوا بقبر أبي عُمر
لوذوا بقبر أبي عمر # ينجيكمُ من الضرر
قال [أي شيخ الإسلام]: ثم بدأنا بالدعوة إلى السنة والتوحيد، حتى استقام الأمر فنصرنا الله على التتار.
فإذا قام إخواننا السلفيون - وإن كانوا قِلَّة؛ فإنَّ الله سيُكثر جماعتهم - قاموا بالتوحيد وقاموا بالسنة، وقاموا بدعوة الناس إلى التوحيد وإلى السنة فإنَّ نصر الله قريب، وحفظ الله أكيد.
أما إذا جَرَوا وراء الدولار والدرهم فإنَّهم سيَضيعون في متاهات الأحزاب التي تتقمَّص لبوس السلفية، وتأتيهم على أساس أنَّهم جمعيات سلفية، وتريد منهم أن يَنظموا إليهم، فإذا إنظموا ووقعوا في الفخ كشروا لهم عن أنيابهم.
إدعوا إخواني في العراق إلى التوحيد، إدعوا إلى السنة، إدعوا إلى منهج السلف، تشَبَّثوا بِما كان عليه علماؤكم تُنصرون وتُرزقون وتُؤمنون في أوطانكم ودياركم وأولادكم.
هذه نصيحة خالصة لوجه الله أسوقها لإخواننا في العراق، أرجوا ممن حضر أو ممن سمع أن ينقلها عني، وأن لا يلتفتوا إلى غيرها، وأن لا يلتفتوا إلى غيرها [ذكرها مرتين]، وأن لا يثقوا بكلِّ من جاءهم، عليهم بأنفسهم وإخوانهم الذين يَعرفونهم من عشرين سنة، من ثلاثين سنة، يثقون بأنفسهم؛ لأنَّ الأحزاب ودوائر المخابرات يريدون اختراق إخوتنا السلفيين؛ لأنَّ كثيراً من التكفيرين الذين يقومون بالعمليات ضد الأمريكان يُنسَب إلى الدعوة السلفية، فنرجوا من إخواننا أن يكونوا على حذر من ذلك، حماية لدعوتهم، وحماية لأعراضهم، وحماية لأنفسهم.
أنا أقول لِمن يسمع كلامي هذا:
هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يَغار على أعراض المسلمين أم لا؟!
الجواب: بلى؛ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يَغار على أعراض المسلمين، وكان يُحزنه أن يَرى المسلمون يُعذَّبون، كان يَمرُّ على عمار وسمية وياسر؛ ماذا يقول لهم؟ صبراً آل ياسر فإنَّ موعدنا الجنة.
ونحن نقول: نحن في عهد استضعاف وعهد استخواذ واستحواذ؛ هيمنة فيه القوى الكبرى على المسلمين وتكالبت عليهم كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها، فنرجوا من إخواننا أن يسلكوا الطريق الشرعي في الدعوة؛ بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، وأنَّ الله ناصر جنده، ولتعلمنَّ نبأه بعد حين)) [محاضرة بالبالتوك في مركز الإمام الألباني بعنوان: "مشكلات الدعوة السلفية المعاصرة/1" بتاريخ الأربعاء 10/12/2003].
وفي نفس الشريط؛ سُئل حفظه الله تعالى السؤال التالي: هل تزكون أحداً من المشايخ أو طلبة العلم في العراق؟
فأجاب الشيخ: ((الذي أعلمهُ أنه لا يوجد في العراق الآن - داخل العراق- مشايخ، بل هم - إن أحسنا الظن بهم- يجتهدون في أنفسهم ليصلوا إلى شيء من العلم، كان بعض إخواننا لكنهُ ذهب ضحية النظام البعثي الخبيث؛ أُعدم رحمة الله عليه وهو أبو اليقظان [الشيخ محمود]،وهناك بعض إخواننا خارج العراق.
لكن لا أعلم في العراق من العلماء الذين يرجع إليهم ويستفتوا في مسائل الأمة المصيرية، لا أعلم أحداً والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأهل العراق أعلم بعراقهم.
وسئَل الشيخُ أحدَ الجالسين إليه من العراق: هل تعلم أحداً يا أبا قصي؟
فأجاب :لا أعلم.
فعلّق الشيخ سليم: وهذا أخ بيننا من أهل العراق ولا نزكيه على الله من خيرة إخواننا في بغداد، يقول لا أعلم، ونحن كذلك نقول لا نعلم، ولعلّهم يتعلمون فيرجعون إن شاء الله إلى العراق علماء إن شاء الله)).