بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



هذا ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد انتهاء فتنة التتار في عهده ، حيث ذكر أن المسلمين انقسموا إلى ثلاثة أقسام :ـ



[ بسم الله الرحمن الرحيم إلى من يصل إليه من المؤمنين والمسلمين . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ; فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهل وهو على كل شيء قدير ونسأله أن يصلي على صفوته من خليقته وخيرته من بريته محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما .

أما بعد : فقد صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده [وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ] ( الأحزاب 25 ) والله تعالى يحقق لنا التمام بقوله [ وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا . وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ] (الأحزاب 26 ـ 27) .


فإن هذه الفتنة التي ابتلي بها المسلمون مع هذا العدو المفسد الخارج عن شريعة الإسلام، قد جرى فيها شبهٌ بما جرى للمسلمين مع عدوهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغازي التي أنزل الله فيها كتابه، وابتلى بها نبيه والمؤمنين، مما هو أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا، إلى يوم القيامة. فإن نصوص الكتاب والسنة، اللذين هما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، تتناول عموم الخلق بالعموم اللفظي والمعنوي، وبالعموم المعنوي.

وعهود الله في كتابه وسنته، تناول آخر هذه الأمة كما نالت أولها . وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم، ليكون عبرة لنا فنشبّه حالنا بحالهم ، ونقيس أواخر الأمم بأوائلها. فيكون للمؤمن من المستأخرين شبه بما كان للمؤمن من المستقدمين ، ويكون للكافر والمنافق من المستأخرين شبه بما كان للكافر و المنافق من المستقدمين.

كما قال تعالى لما قص قصة يوسف مفصلة و أجمل ذكر قصص الأنبياء: [ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب]، وقال لما ذكر قصة فرعون: [فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى ] ( النازعات25 ـ 26) ، وقال في محاصرة بني النضير: [ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ] (الحشر 2) .


فأمرنا أن نعتبر بأحوال المستقدمين علينا من هذه الأمة وممن قبلها، وذكر في غير موضع، أن سنته في ذلك سنة مطّردة و عادة مستمرة فقال تعالى: [لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ] (الأحزاب60)، وقال تعالى: [وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا . سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ] (الفتح 22 ـ23 ) وأخبر سبحانه أن دأب الكافرين من المستأخرين، كدأب الكافرين من المستقدمين.


فينبغي للعقلاء أن يعتبروا سنة الله وأيامه في عباده ودأب الأمم وعاداتهم، لاسيما في مثل هذه الحادثة العظيمة التي طبق خبرها ، واستطار في جميع ديار المسلمين شررها، وأطلع فيها النفاق ناصية رأسه ، وكشر فيها الكفر عن أنيابه وأضراسه ، وكاد فيها عمود الكتاب أن يجتث ويخترم ، و حبل الإيمان أن ينقطع و يصطلم، وعقير دار المؤمنين أن يحل بها البوار، وأن يزول هذا الدين باستيلاء الفجرة التتار، وظن المنافقون والذين في قلوبهم مرض أن: [ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ] (الأحزاب12) وأن لن ينقلب حزب الله ورسوله إلى أهليهم أبدا، وزين ذلك في قلوبهم وظنوا ظن السوء وكانوا قوما بورا .

ونزلت فتنة تركت الحليم فيها حيرانا، وأنزلت الرجل الصاحي منزلة السكران، وتركت الرجل اللبيب، لكثرة الوساوس ليس بالنائم ولا اليقظان، وتناكرت فيها قلوب المعارف والإخوان، حتى أن في الرجل بنفسه شغل عن أن يغيث اللهفان، وميّز الله فيها أهل البصائر والإيقان من الذين في قلوبهم مرض أو نفاق أو ضعف إيمان.

ورفع بها أقواما إلى الدرجات العالية، كما خفض بها أقواما إلى المنازل الهاوية وكفّر بها عن آخرين أعمالهم الخاطئة، وحدث من أنواع البلوى ما جعلها مختصرة من القيامة الكبرى.

فإن الناس تفرقوا فيها ما بين شقي وسعيد، كما يتفرقون كذلك في اليوم الموعود ، ولم ينفع المنفعة الخالصة إلا الإيمان و العمل الصالح ، و البر والتقوى ، وبليت فيها السرائر، و ظهرت الخبايا التي كانت تكنها الضمائر ، وتبين أن البهرج من الأقوال والأعمال يخون صاحبه أحوج ما كان إليه في المآل، و ذم سادته و كبراءه من أطاعهم فأضلوه السبيل، كما حمد ربه من صدق في إيمانه فاتخذ مع الرسول سبيلا.

وبان صدق ما جاءت به الأخبار النبوية من الإخبار بما يكون ، وواطأتها قلوب الذين هم في هذه الأمة محدثون أي: ملهمون كما تواطأت عليها المبشرات التي رآها المؤمنون.

وتبين فيها الطائفة المنصورة الظاهرة ، الذين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى يوم القيامة، حيث تحزب الناس ثلاثة أحزاب:

حزب مجتهد في نصرة الدين
، وآخر خاذل له
، وآخر خارج عن شريعة الإسلام.

وانقسم الناس بين مأجور ومعذور، وآخر قد غره بالله الغرور، وكان بهذا الامتحان تمييزاً من الله وتقسيما: [لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ] ( الأحزاب 24). [مجموع الفتاوى ـ جـ 28 .ص424] وهنا رابط مباشر للنقل
http://www.islamweb.net/ver2/library..._no=22&ID=3725

يقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله معلقاً بعد أن نقل كل كلام الشيخ أعلاه بتمامه ، و الشيخ بن عتيق أحد أئمة الدعوة النجديين عاش في أواخر العهد العثماني وبداية الاستعمار قال في كتابه (سبيل النجاة والفكاك ..) قال رحمه الله معلقاً : ( قلت : وما ذكره من الامتحان والافتتان ، قد رأينا ما هو نظيره، أو أعظم منه في هذه الأزمان، وكذلك انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام:

أحدها ناصر لدين الإسلام، وساع في ذلك بكل جهده، وهم القليلون عددا الأعظمون عند الله أجرا.

القسم الثاني: خاذل لأهل الإسلام، تارك لمعونتهم.

القسم الثالث: خارج عن شريعة الإسلام بمظاهرة حزب الشرك ومناصحتهم. وقد روى الطبراني، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعان صاحب باطل ليدحض بباطله حقا، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله) انتهى كلامه رحمه الله ولتحميل كتابه اضغط هنا.
http://www.almeshkat.net/books/open....ok=3163&cat=10
فهل نقول مثلهم ؟! بأن المنتسبين للإسلام في فتنة الغرب هذه قد انقسموا أيضاً إلى ثلاثة أقسام :ـ

1ـ ناصر لدين الإسلام ساع بكل جهده ..
2 ـ خاذل لدين الإسلام
3 _ خارج عن شريعة الإسلام .

عزيزي المنتسب للإسلام و المسلمين ...
أنت صنف نفسك مع من ؟
أجب في دنياك قبل مماتك ،
ثم اطلب الفكاك إن كنت في غير الطريق المستقيم ..
ــــــــــــــــ