أمي.. طاب لي أن أقتل عربيا»!
نواف الزرو
حدث ذلك في الثالث والعشرين من شهر شباط الماضي، حيث أقدم أربعة من المستعمرين الصهاينة تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما، على طعن الشاب المقدسي الشهيد حسام الرويضي من سكان سلوان حتى الموت. وقد وجهت النيابة العامة الاحتلالية لهم تهمة "القتل غير المتعمد"، إذ زعمت الشرطة الإسرائيلية" أن عراكاً اندلع بين الأربعة وعدد من الشبان المقدسيين طعن خلالها الشاب الرويضي".
واليوم وبعد مرور نحو أسبوعين تكشف صحيفة يديعوت أحرونوت /4- 3- 2011/ النقاب عن الحقيقة الموثقة في الاعترافات لدى المحققين، فتقول:"إن الشاب اليهودي الذي طعن وقتل المقدسي الرويضي قال لأمه: أمي.. طاب لي أن أقتل عربيا فقتلته..."؛ وتضيف الصحيفة العبرية على لسان أمه: "إنه- أي القاتل- لا يحب العرب ويكرههم".
تصوروا... العنصرية الصهيونية الحاقدة في ذروة تجلياتها السيكولوجية..! والحكاية هنا لا تقتصر عند هذا القاتل بدم بارد الذي طاب له أن يقتل عربيا، وإنما تمتد مساحة الذين يطيب لهم أن يقتلوا عربا لتشمل الحكومة والأحزاب والمؤسسات الأمنية والعسكرية والاستخبارية ووحدات المستعربين، وصولا إلى كتائب المستعمرين الصهاينة في أنحاء الأراضي المحتلة....!
لذلك إن أردنا أن نتحدث عن الذين يطيب لهم أن يقتلوا عربا ويستمتعون بذلك فهم لا حصر لهم، ويتوزعون على مختلف طبقات المجتمع الصهيوني، ويعششون في مختلف مؤسسات الدولة الصهيونية، بل إن ثقافة هذا القتل العنصري تعشش في كل مكان صهيوني.
فالعنصرية هى السمة المميزة للدولة الصهيونية منذ أقامتها في فلسطين، فتلك الظاهرة التي تضرب المجتمع الإسرائيلي منذ احتلالهم لفلسطين أصبحت حالياً مشكلة ضخمة تجتاح المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة في المجتمع الاسرائيلي، حيث تزداد العنصرية المتفشية بين الطلبة يوماً بعد الآخر ضد العرب، بل ارتفعت الأصوات بتدمير الدول العربية.
فنقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في تقرير لها /الأربعاء 19/ 01/ 2011/، عن العاملين وبعض المدرسين في قطاع التعليم تأكيدهم أنهم يواجهون ظاهرة مقلقة للغاية وواقعاً عنيفاً يزداد تطرفاً، وضربت الصحيفة مثالاً على هذه الظاهرة بأنه في إحدى المرات "كتب طالب في المرحلة الإعدادية على ورقة الامتحان "الموت للعرب"، وفي حادث آخر قام أحد طلبة المرحلة الثانوية، وفاجأ المدرس وصرخ بأعلى صوته "حلمي الذي أتمنى أن يتحقق، هو أن ألتحق بحرس الحدود بالجيش الإسرائيلي من أجل إبادة الدول العربية"، وذلك قبل أن يصفق له زملاؤه في الفصل على كلماته ضد العرب.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن بعض المعلمين في الفصول الدراسية وجدوا على الجدران شعارات كان قد نطق بها الحاخام الأمريكي العنصري المتطرف مائير كاهانا، عندما قال "إن العربي الجيد والعاقل هو العربي الميت"، بالإضافة لعبارات التحريض الأخرى التي تشكل إشارة حمراء لما هو قادم من تفشي العنصرية داخل الأوساط التعليمية الإسرائيلية.
وقالت إحدى معلمات مادة التربية الوطنية الإسرائيلية إنه عندما يتم الحديث عن المساواة وغيرها من القيم سرعان ما تخرج الأمور عن دائرة السيطرة، ويبدأ الطلبة بمهاجمتها ونعتها بالأوصاف البذيئة.
وفي حالة أخرى ذكرت الصحف العبرية أن الشرطة الإسرائيلية تجري- وكالعادة- تحقيقا قضائيا- صوريا- بطلب من مكتب المدعي العام ضد موقعين إلكترونيين في الفيس بوك يدعوان لقتل العرب/ يديعوت 6/ 1/ 2011".
وحمل الموقع الأول عنوان "الموت لكل العرب"، ويضم مائة وسبعين عضوا، وجاء فيه "اقتلوهم فردا فردا، العربي الجيد هو فقط العربي الميت، العرب حيوانات ضالة"!
أما الموقع الثاني فدعا للتظاهر في أم الفحم ضد الحركة الإسلامية، وكتبوا فيه: "محمد خنزير، الموت للعرب"!
ولعل الأخطر دائما هي تلك الفتاوى الإبادية التي يطلقها الحاخامات، إذ رأى أحد حاخامات الصهيونية الدينية رئيس معهد "تسومت" في غوش عتسيون الحاخام يسرائيل روزن أنه "لو كان زمام الدولة بأيدٍ يهودية، ليست بالضرورة من مرتدي القلنسوات، لكان ينبغي السماح لشبان سديروت وأشكلون "عسقلان" والنقب الغربي أو كل شاب قادر على حمل السلاح بالرد على الحرب في إطار ميليشيا غير خاضعة للسيطرة"، وذلك في تعليقه على سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية على القرى والبلدات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة عام 1948" "/25/ 11/ 2006". وقال روزن "إن الرد الأبدي على الإرهاب هو الإرهاب المضاد، العين بالعين والنفس بالنفس". واعتبر أنه ليس هناك خيار إلا الأسلوب "اليعقوبي" وهو "أن يرتدي الجدي ثياب النمر ويكسو أيديه بثياب مكسوة بالشعر".
كذلك دعت مجلة صادرة عن التيار الديني الصهيوني في إسرائيل إلى إقامة "معسكرات إبادة" للفلسطينيين. وذكر موقع "واي نت" الإخباري التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت، 17/ 01/ 2011، أن مجلة أسبوعية صادرة عن هذا التيار يتم توزيعها في الكنس اليهودية في جميع أرجاء إسرائيل نشرت فتوى وقع عليها عدد من كبار الحاخامات تدعو إلى إقامة هذه المعسكرات، باعتبارها فريضة شرعية.
وأشار "واي نت" إلى أن الموقع اعتبر "أن إقامة هذه المعسكرات مهمة "اليهود الأطهار". وهاجمت الفتوى بشدة الحاخامات الذين يتحفظون على إقامة هذه المعسكرات للفلسطينيين، الذين وصفهم بأنهم "العمالقة"، في إشارة إلى العمالقة الذين تروي المصادر الدينية "أن الرب أمر بني إسرائيل بذبحهم وذبح أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وحتى بهائمهم قبل ألفي عام".
وحسب ما قاله الحاخامات في مجلتهم، فإن التوراة تلزم اليهود بمحو أي أثر للعمالقة في هذا العصر، في إشارة للفلسطينيين، وأوضحوا أنه حتى الحاخامات الذين يرفضون التوقيع على هذه الفتوى يؤيدون جوهرها.
وتعقيبا على هذه الفتوى الجديدة، اعتبر المفكر الإسرائيلي "أودي ألوني" أن الدعوة للقضاء على الفلسطينيين يتم التعبير عنها بشكل صريح وعلني في الكنس اليهودية، على اعتبار أن التخلص من الفلسطينيين بات خيارا عمليا، واستهجن ألوني أن أحدا لم يعترض على كل من الحاخام شلومو إلياهو، الحاخام الأكبر لمدينة صفد، والحاخام شلومو أفنير، الحاخام الأكبر لمستوطنة "بيت إيل"، اللذين كانا من بين الموقعين على الفتوى.
من ناحية ثانية، أعلن العشرات من الحاخامات أن "عرب إسرائيل" ليسوا أكثر من ضيوف في إسرائيل.
وتذهب النزعة العنصرية الإبادية إلى أبعد من ذلك، فترتقي لديهم إلى مستوى فلسفي- كما حدث مع جابوتنسكي وتلاميذه من أمثال بيغن وشارون ونتنياهو وباراك وموفازويعلون وغيرهم، حيث جاء في أدبيات هؤلاء مثلا: "أن قوة التقدم في التاريخ ليست للسلام بل للسيف"، و"أنا أحارب إذن أنا موجود"، و"أولا وقبل كل شيء يجب أن نقوم بالهجوم عليهم- أي على العرب"، و"لا يمكن الوثوق بالعربي بأي حال من الأحوال، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة للتعامل معه هي قتله".
إذن، المشهد بمنتهى الوضوح، فهم يخططون ويبيتون ويعملون من أجل قطع رؤوس العرب وإبادتهم، وإلغاء الكيانات العربية سياديا وإراديا ومعنويا وعسكريا وسياسيا..؟!
فلا يتوقعن أحد إذن أن يخرج الجابوتنسكيون والشارونات /الذين فرخهم الفكر والنهج الجابوتنيسكي والشاروني مثل نتنياهو وباراك وأولمرت وموفاز وليفني ويعلون/ من جلدهم وعن طبيعتهم ... أو عن ذلك الثراث الإرهابي الدموي وعن ذلك المجتمع العنصري الملوث وتفريخاته الإرهابية!!.