السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
أما بعد ،،
فهذا بحث أقدمه بين أيديكم لشيخنا المحدث أبي اسحق الحويني الأثري-حفظه الله تعالى- عن مسألة النزول على الركبة للسجود ، والذي هو بعنوان (نهي الصحبة عن النزول بالركبة)
ولا شك أن طالب العلم لابد أن يكون على دراية بالمسائل التي يسوغ فيها الخلاف ويكون معتبرا بين العلماء...وما أكثرها
فيكون الخلاف سائغا معتبرا بين أهل العلم لا ينكر أحد الفريقين على الآخر وان ترجح له أحد قولي الخلاف ، فكل له دليله وله وجهته في فهم الدليل..
بل وربما يكون الدليل الذي يحتج به الفريقان واحدا لكن الخلاف يكون في فهم الدليل
وقد حدث ذلك على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حينما قال ..لا يصلين أحدكم العصر الا في بني قريظة.. فانقسم الصحابة -رضوان الله عليهم-الى فريقين ، فريق تأول الدليل على أن المراد به هو حثهم على الاسراع للذهاب الى بني قريظة فصلوا ، وفريق أخذ النص على ظاهره ولم يصلوا العصر الا في بني قريظة مع أن وقت الصلاة قد خرج
ومع ذلك..
فقد أثبت النبي-صلى الله عليه وسلم- الفريقين ولم يأمر أحدهما باعادة الصلاة
ورحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية طيب الله ثراه وقدس الله سره حين قال..ان الاختلاف في مسائل الأحكام أكبر من أن ينضبط ، ولو أنه كلما اختلف مسلمان تهاجرا ، لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة
فالكل يؤخذ منه ويرد عليه الا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
أسأل الله أن يجملنا واياكم بأدب الخلاف، وفقه الخلاف
وأترككم مع البحث أسأل الله أن ينفع به وأن يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح ، انه ولي ذلك والقادر عليه
كتبه أخوكم
الوليـــــــــــد
**********************
نهي الصحبة عن النزول بالركبة
المقدمة
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ( صلى الله عليه وسلم ) .
أما بعد : فإن اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها .
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
فهذا بحث استلله من كتابي : \" بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن \" بخصوص خرور المصلي من الركوع إلى السجود ، أيكون على اليدين أم على الركبتين ومع أن المسألة ليست بكل ذاك ، فإني اضطررت إلى فصلها من الكتاب المشار إليه ، ونشرها لمناسبة عرضت .
ذلك أنني دخلت مسجداً لأصلي المغرب في نحو العاشر من شهر ذي الحجة سنة 1399 هـ فلما قضيت الصلاة قعد لفيف من الشباب يتحدثون همساً ، ثم لم يلبثوا إلا قليلاً حتى تحول الهمس إلى معركة كلامية ، وتراشق بسهام الملام .
فكان مما سمعته من أحدهم ـ ويظهر من سياق كلامه أنه ممن يقدم الركبتين في النزول ـ وأنه قال : \" لا يقدم اليدين على الركبتين في النزول إلا جاهل ، وكيف يجرؤ رجل على نقض ما قاله ابن القيم في \" زاد المعاد \" ؟ لقد رجح النزول بالركبتين من عشرة أوجه \" ! !
فقال له مخالفه : \" كيف تصم المخالف بالجهل وفيهم مثل ابن سيد الناس والحافظ والشيخ الألباني \" ؟ فأجابه : \" هؤلاء محدثون لا تعلق لهم بالفقه ، وبالذات الألباني فإنه هو الذي أحيا هذه المسألة في كتابه \" صفة الصلاة \" .
ثم دار كلام لا أحب حكايته ، فضربت عن ذكره صفحاً ، أما محصلته فمحزنة مؤلمة ، فقد انتهى شجارهم هذا إلى فاصل رديء من الشتم للعلماء ومنهم ابن القيم والحافظ وكذا الألباني .
فما تركت مقامي حتى تكلمت مع ذلك الشاب النافر بمزيد من الحكمة والموعظة الحسنة فوجدته حديث عهد بمعرفة كتب السلف ، فتدرجت معه ، وتبين لي أن أقرانه استنفروه ، فنفر وأن فيه اندفاعاً غير حميد فكلمته طويلاً فكان مما قلته له : \" أما مسألة النزول إلى السجود فلا علاقة لها بالفقه وأصوله إلا من طرف يسير ، وإنما تعلقها بالحديث وأصوله أكثر ، فأنت تزري على أمثال هؤلاء السادة الأكابر بقولك \" هم محدثون \" وكأنها سبة لهم فبالله عليك ارفق بنفسك ولا تنظر إليهم النظر الشزر ولا ترمقهم بعين النقص ولا تعتقد فيهم أنهم من جنس محدثي زماننا ، حاشا وكلا ، فما منهم من أحد إلا وهو بصير بالدين ، عالم بسبيل النجاة .
فإني أحسبك لفرط هواك تقول بلسان الحال ، إن أعوزك المقال : من المزي ؟ ومن العراقي ، وأي شيء الذهبي ؟ وأيش ابن حجر ؟ هؤلاء محدثون ، ولا يدون الفقه وأصوله ولا يفقهون الرأي ولا علم لهم بالبيان والمعاني والدقائق ، ولا خبرة لهم بالبرهان والمنطق ، ولا يعرفون الله تعالى بالدليل ولا هم من فقهاء الملة . فأمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك . وابك على ما أخطأت فيه فإن العلم النافع ما جاء [ إلا ] عن أمثال هؤلاء ، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل . فمن اتقى الله راقب الله واعترف بنقصه .
ومن تكلم بالجاه أو بالجهل فأعرض عنه ، وذره في غيه ، فإنما عقباه وبال . فرحم الله امرءاً أقبل على شأنه وقصر من لسانه ، وأقبل على تلاوة قرآنه وبكى على زمانه وأدمن النظر في الصحيح ، وعبد الله قبل أن يبغته الأجل . اللهم فوفق وارحم \" ( ( أ ))
أما كون الواحد منهم أخطأ في مسألة أو أكثر فسم لي أنت من كانت له العصمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا لوم على من درس الأصول ، فصوابه مشكور ، وخطؤه مغفور ، وهو على كل حال مأجور . إنما اللوم والتوبيخ على الذين لا فقه عندهم ولا تعبوا في تحصيل العلوم ولا النظر فيها إذ يخطئون الأئمة ، ويتبعون توهيم بعضهم لبعض في مسائل ، فيجمعون ذلك ويحفظونه ثم يلقونه على من لا علم عندهم بل ولا أدب لديهم . فلا يعرف عن النووي إلا أنه أخطأ في كذا وكذا . فإذا ذكر أمامه قال : وأي شيء النووي ؟ ! لقد أخطأ في كذا وكذا ، فهم رجال ونحن رجال ! فيا أخي : راقب الله فيما تقول وترحم على من ذكر منهم وإياك والفتوى من غير علم فكثرة الفتوى من قلة التقوى ولقد كان أبو حصين وهو من أجلة الناس ينكر على أهل زمانه ـ مع علمهم ـ كثرة الفتوى ويقول : \" إنكم لتفتون في المسألة التي لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر \" ! وليكن ديدنك ما فعل أبو مسلم الخولاني فإنه كان يقوم الليل فإذا أدركه الإعياء ضرب رجليه قائلاً : أنتما أحق بالضرب من دابتي . أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يفوزوا به دوننا ، والله لأزاحمنهم عليه حتى يعلموا أنهم خلفوا من بعدهم رجالاً \" .
أما مسألة النزول باليدين أو بالركبتين فلا تبطل الصلاة بالنزول بأحدهما كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه في \" الفتاوى الكبرى \" .
وهذه الرسالة قد استللتها لك خاصة ، فانظر لما فيها بعين الاعتبار ثم بادر إلى تحقيق ما فيها إذ هو الصحيح إن شاء الله تعالى . وقد يفوتني الشيء بعد الشيء فيها ، وذلك أمر وارد ، فإني ما قصدت أن أتقصى ذلك فإنه ليس في مقدوري ولا يسلم الاستقصاء كل الاستقصاء لأحد ، ثم إن المسألة ليست بكل ذاك حتى نقيم الدنيا ونقعدها ، فإن أمتنا مفككة أوصالها منفصمة عراها فالاختلاف في هذه المسائل الفرعية بهذه الحدة لا يزيد الأمر إلا اشتعالاً ، ويجعل خاتمة أمرنا وبالاً فاللهم وفق إلى العلم النافع والعمل الصالح، ويسر ما عسر من أمرنا ، وآت هذه الأمة أمر رشد ، يعز فيه أهل طاعتك ، ويذل فيه أهل معصيتك ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر . والحمد لله رب العالمين .
**********************
تــــــــابع،،
أختلف الناس في هيئة الخرور إلى السجود أهي على اليدين أم هي على الركبتين ؟ والراجح الصحيح في هذا الباب أن النزول إنما هو على اليدين لصحة الأدلة في ذلك ووضوح معناها .
والحجة في هذا الباب هي حديث أبي هريرة رضي الله عنه تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : \" إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه \" أخرجه أحمد ( 2 / 381 ) وأبو داود ( 3 / 70 عون ) والبخاري في \" التاريخ الكبير \" ( 1 / 1 / 139 ) والنسائي ( 2 / 207 ) والطحاوي في \" شرح معاني الآثار \" ( 1 / 254 ) وفي \" المشكل \" ( 1 / 65 ـ 66 ) وكذا أخرجه الحازمي في \" الاعتبار \" ( ص 158 ـ 159 ) والدارقطني ( 1 / 344 ـ 345 ) والبيهقي ( 2 / 99 ـ 100 ) وابن حزم في \" المحلى \" ( 4 / 128 ـ 129 ) والبغوي في \" شرح السنة \" ( 3 / 134 ـ 135 ) من طريق الدراوردي ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا فذكره .
قلت : وإسناده صحيح لا غبار عليه وجود إسناده النووي في \" المجموع \" ( 3 / 421 ) ولكن شيخ الإسلام ابن القيم رضي الله عنه أعله في كتابه الفذ \" زاد المعاد \" بعدة علل ، هي عند التحقيق ليست كذلك، فأنا أوردها جملة ، ثم أكر عليها بالرد تفصيلاً والله المستعان وعليه التكلان.
قال شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في \" الزاد \" ( 1 / 57 ـ 58 ) وفي \" تهذيب سنن أبي داود \" ( 3 / 73 ـ 75 ) ما ملخصه :
حديث أبي هريرة : \" غريب \" ولم يذكر فيه حسناً .
آخره . قال : وقد رواه كذلك أبو بكر ابن أبي شيبة فقال : حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : \" إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل \" . رواه الأثرم في \" سننه \" عن أبي بكر كذلك . وقد روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يصدق ذلك ويوافق حديث وائل بن حجر . قال أبي داود : حدثنا يوسف بن عدى حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه \" .
\" .
قبل ركبتيه \" ومنهم من يقول بالعكس . ومنهم من يقول : \" وليضع يديه على ركبتيه \" كما رواه البيهقي .
الزناد أم لا \" ؟ وقال الدارقطني : \" تفرد به الدرواردي عن محمد بن عبد الله المذكور \" وأعله الدارقطني أيضاً بتفرد أصبغ بن الفرج عن الدرواردي .
**********************
( 1 / 345 ) والحاكم في \" المستدرك \" ( 1 / 226 ) وابن حبان ( 487 ) والبيهقي ( 2 / 98 ) والبغوي في \" شرح السنة \" ( 3 / 133 ) والحازمي في \" الاعتبار \" ( ص 160 ـ 161 ) من طريق شريك النخعي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه قال : \" رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه \" . قال الترمذي : \" هذا حديث حسن غريب . لا نعرف أحداً رواه مثل هذا عن شريك \" . وتبعه البغوي فقال : \" حديث حسن \" وكذا الحازمي . وقال الدارقطني : \" تفرد به يزيد بن هارون عن شريك ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك . وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به \" . وقال البيهقي ( 2 / 101 ) : \" إسناده ضعيف \" . وقال أيضاً : \" هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلاً . وهكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تعالى \" .
وقال ابن العربي في \" عارضة الأحوذي \" ( 2 / 68 ـ 69 ) : \" حديث غريب \" .
قلت : وهذا القول منهم هو الذي تطمئن إليه نفس المرء المنصف . فإنه لا يعلم بتة لشريك متابع عليه إلا همام . ومع ذلك فقد خالفه في إسناده كما يأتي بيانه إن شاء الله . وشريك كان سيىء الحفظ . وسيىء الحفظ لا يحتج به إذا انفرد ، فكيف إذا خالف . ! قال إبراهيم بن سعد الجوهري : \" أخطأ شريك في أربعمائة حديث \" وقال النسائي : \" ليس بالقوي \" وضعفه يحيى بن سعيد جداً . وعليه فقول الترمذي : \" حديث حسن \" غير حسن . وأشد منه قول الحاكم \" صحيح على شرط مسلم \" وإن وافقه الذهبي ! . فشريك إنما أخرج له مسلم متابعة ولم يخرج له احتجاجاً . فأنى يكون على شرطه ؟ وقد صرح بذلك الذهبي نفسه في \" الميزان \" ثم كأنه ذهل عنه . فسبحان من لا يسهو .
أما مخالفة همام لشريك فأخرجها أبو داود في \" سننه \" ( 3 / 69 عون ) و البيهقي ( 2 / 99 ) عنه ثنا شقيق أبو الليث قال : حدثني عاصم بن كليب عن أبيه مرسلاً بنحوه . قال البيهقي : \" قال عفان : هذا الحديث غريب \" وقد خالف شقيق شريكاً القاضي أرسله \" . قلت : ولكن شقيق هذا مجهول . قال الذهبي : \" شقيق بن عاصم بن كليب وعنه همام لا يعرف \" وأقره الحافظ في \" التقريب \" فقال : \" مجهول \" .
وأخرجه أبو داود والبيهقي من طريق همام ثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار ابن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ولكنه حديث واهٍ . فعبد الجبار لم يسمع من أبيه . كما قال الحافظ في \" التلخيص \" ( 1 / 245 ) . ولم يعتبر الحافظ الحازمي هذه الطريق شيئاً فقال في \" الاعتبار \" ( ص 161 ) : \" والمرسل هو المحفوظ \" .
فتبين مما قد ذكرته أن حديث وائل ضعيف بعلتين :
الأولى : ضعف شريك .
الثانية : مخالفة همام له . والله أعلم .
( حبان \" للحافظ نور الدين الهيثمي بدل \" شريك \" : \" إسرائيل \" وكنت في باديء أمري أظنها متابعة منه لشريك . وجعلت أتعجب في نفسي كيف خفيت على الدارقطني وغيره حتى قالوا : لم يروه عن عاصم إلا شريك \" غير أني قلت في نفسي لعلها تصحفت عن شريك ثم إنه لا يمكن القطع في مثل هذا دون دليل قوي . وظللت هكذا حتى وصلني الجزء الثاني من \"ضعيفة \" شيخنا الألباني حفظه الله تعالى فإذا الأمر على ما كنت أحسب والحمد لله .
قال شيخنا حفظه الله تعالى : ( 2 / 329 ) : \" وقع في الموارد : \" إسرائيل \" بدل \" شريك \" وهو خطأ من الناسخ وليس من الطابع ، فقد رجعت إلى الأصل المخطوط المحفوظ في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة فرأيته في ( ق 35 / 1 ) : \" إسرائيل \" كما في المطبوعة عنه فليتنبه \" اهـ .
\" .
قلت : أصاب شيخ الإسلام أجراً واحداً . فما قاله أقرب إلى الرجم بالغيب منه إلى التحقيق العلمي . وقد رده الشيخ على القاري رحمه الله تعالى في \" مرقاة المفاتيح \" ( 1 / 552 ) فقال : \" وقول ابن القيم أن حديث أبي هريرة انقلب متنه على راويه فيه نظر إذ لو فتح هذا الباب لم يبق اعتماد على رواية راوٍ مع كونها صحيحة \" اهـ وصدق يرحمه الله . فلو فتح هذا الباب لرد الناس كثيراً من السنن دونما دليل بحجة أن راويه أخطأ فيه ولعله كذا .
الضعف عليه بين \" وقال الحاكم أبو أحمد : \" ذاهب الحديث \" والكلام فيه طويل الذيل . ولذا قال الحافظ في \" الفتح \" ( 2 / 291 ) : \" إسناده ضعيف \" .
**********************
منسوخ .. \" . قلت : وهو تعلق متداعٍ ! وقد سبقه إليه إبن خزيمة والخطابي . ولكن الحديث الذي زعموا أنه ناسخ حديث ضعيف . فكيف ينهض لنسخ حديث صحيح ؟ وهذا الحديث أخرجه ابن خزيمة في \" صحيحه \" ( 1 / 319 والبيهقي ( 1 / 100 ) والحازمي في \" الاعتبار \" من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كميل قال حدثني أبي عن أبيه عن سلمة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه . فذكره . ولكن إسناده ضعيف جداً ! وله علتان بل ثلاثة :
في روايته عن أبيه بعض المناكير \" وكذا قال ابن نمير . وقال العقيلي : \" لم يكن إبراهيم يقيم الحديث \" .
ابن خزيمة النسخ ولو صح حديث النسخ لكان قاطعاً للنزاع . ولكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن سلمة بن كميل عن أبيه وهما ضعيفان \" .
حديثه \" . وقال الحافظ الحازمي : \" أما حديث سعد ففي إسناده مقال ولو كان محفوظاً لدل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق . والله أعلم \" اهـ . وقال النووي في \" المجموع \" ( 3 / 422 ) : \" ولا حجة فيه لأنه ضعيف \" . قلت : وأقره شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في \" الزاد \" ورغم ذلك أورده كناسخ ! . وقال شيخنا الألباني في تعليقه على \" المشكاة \" ( 1 / 282 ) بعد قول الخطابي في النسخ : \" وهذا يعني قول الخطابي في دعوى النسخ أبعد ما يكون عن الصواب من وجهين :
.
. . . \" !
قلت : ليس كما قال . فالاضطراب ـ هو أن يُروى الحديث على أوجه مختلفة متقاربة . ثم إن الاختلاف قد يكون من راوٍ واحدٍ بأن رواه مرة على وجه ، ومرة أخرى على وجه آخر مخالف له ، أو يكون أزيد من واحد بأن رواه كل جماعة على وجه مخالف للآخر . والاضطراب موجب لضعف الحديث لأنه يشعر بعدم ضبط رواته . ويقع في الإسناد والمتن كليهما . ثم إن رجحت إحدى الروايتين أو الروايات على الأخرى بحفظ راويها أو كثرة صحبته أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالحكم للراجحة ولا يكون الحديث مضطرباً . هذه هي القاعدة التي وضعها أسلافنا رضوان الله عليهم للحديث الذي يتنازع في أنه مضطرب . فإن علم ذلك فإن الحديث المعارض لحديث الباب حديث ساقط الإسناد لضعف عبد الله بن سعيد الشديد حتى لقد اتهمه يحيى القطان بأنه يكذب . وتقدم شرح ذلك . فيزول الاضطراب بترجيح حديث أبي هريرة الذي هو حجة لنا في الباب . والله الموفق .
الزناد أو لا \" .
قلت : ليس في ذلك شيىء بتة . وشرط البخاري معروف . والجمهور على خلافه من الاكتفاء بالمعاصرة إذا أمن من التدليس . ولذا قال ابن التركماني في \" الجوهر النقي \" : \" محمد بن عبد الله بن الحسن وثقه النسائي ، وقول البخاري : \" لا يتابع على حديثه \" ليس بصريحٍ في الجرح ، فلا يعارض توثيق النسائي \" اهـ .
ومحمد هذا كان يلقب بالنفس الزكية وهو براء من التدليس فتحمل عنعنته على الاتصال .
قال المباركفوري في \" تحفة الأحوذي \" ( 2 / 135 ) : \" أما قول البخاري : \" لا يتابع عليه \" فليس بمضرٍ فإنه ثقة ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر \" اهـ وسبقه الشوكاني إلى مثل ذلك في \" نيل الأوطار \" ( 2 / 284 ) وانتصر لذلك الشيخ المحدث أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر في \" تعليقه على المحلى \" ( 4 /128 ـ 130 ) فقال بعد أن ساق حديث أبي هريرة : \" وهذا إسناد صحيح \" .
محمد بن عبد الله بن الحسن هو النفس الزكية وهو ثقة . وقد أعل البخاري الحديث بأنه لا يدري سمع محمد من أبي الزناد أم لا . وهذه ليست علة .
وشرط البخاري معروف لم يتابعه عليه أحد ، وأبو الزناد مات سنة ( 130 ) بالمدينة . ومحمد مدني أيضاً غَلَبَ على المدينة ثم قتل سنة ( 145 ) وعمره ( 53 ) سنة فقد أدرك أبا الزناد طويلاً \" اهـ .
**********************
\" (2/286 . \" ولا ضير في تفرد الدراوردي فإنه قد أخرج له مسلم في \" صحيحه \" واحتج به وأخرج له البخاري مقروناً بعبد العزيز بن أبي حازم . وكذلك تفرد به أصبغ فإنه حدث عنه البخاري في \" صحيحه \" محتجاً يه \" اهـ وأقره صاحب \" تحفة الأحوذي \" ( 2 / 135 ) .
وحديث وائل له شواهد أما حديث أبي هريرة فليس له شاهد \" .
قلت : أبعد شيخ الإسلام النجعة في ذلك ! فإن شاهد حديث أبي هريرة أقوى من شواهد حديث وائل مجتمعة كما يأتي شرحه قريباً إن شاء الله تعالى .
أما شاهد حديث أبي هريرة فهو من حديث ابن عمر . أخرجه البخاري في \" صحيحه \" تعليقاً ( 6 / 78 ـ 79 عمدة ) ووصله ابن خزيمة ( 1 / 318 ـ 319 ) وأبو داود كما في \" أطراف المزي \" ( 6 / 156 ) .والطحاوي \" شرح المعاني \" ( 1 / 254 ) وكذا الدارقطني ( 1 / 344 ) والحاكم ( 1 / 226 ) والبيهقي ( 2 / 100 ) والحازمي في \" الاعتبار \" ( ص 160 ) وأبو الشيخ في \" الناسخ والمنسوخ \" كما في \" التعليق \" ( ق 77 / 1 ) للحافظ ، من طريق الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه . وقال : \" كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك\" ( ( ج ) ) . قال الحاكم : \" صحيح على شرط مسلم \" ووافقه الذهبي . وهو كما قالا ( ( د ) ) .
أما البيهقي فقال : \" كذا قال عبد العزيز ولا أراه وهماً \" يعني رفعه فتعقبه ابن التركماني : \" حديث ابن عمر المذكور أولاً أخرجه ابن خزيمة في \" صحيحه \" وما علله به البيهقي من حديثه المذكور فيه نظر لأن كلاً منهما معناه منفصل عن الآخر .
وحديث أبي هريرة المذكور أولاً دلالته قولية وقد تأيد بحديث ابن عمر فيمكن ترجيحه على حديث وائل لأن دلالته فعليه على ما هو الأرجح عند الأصوليين \" اهـ .
قلت : هذا حديث ابن عمر ( ( هـ ) ) الذي هو شاهد حديث أبى هريرة وهو حسن بانضمامه إلى سابقه كما ترى فلننظر في شواهد حديث وائل بن حجر.
الشاهد الأول :
حديث أنس : \" رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه. \" أخرجه الدار قطني ( 1 / 345 ) والحاكم ( 1 / 226 ) والبيهقي ( 2 / 99 ) وابن حزم في \" المحلي \" ( 4 / 129 ) والحازمي في \" الاعتبار \" ( ص 159 ) من طريق العلاء من إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحوال عن أنس به .
قال الدارقطني وتبعه البيهقي : \" تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد \" .
وقال الحافظ في \" التلخيص \" ( 1 / 254 ) : \" قال البيهقي في \" المعرفة \" تفرد به العلاء وهو مجهول \" . وأقر ابن القيم ذلك ! .
أما الحاكم فقال : \" صحيح على شرط الشيخين \" ( ( و ) ) ووافقه الذهبي ! ! وهذا عجب ، فقد عرفت علة الحديث .
ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه في \" العلل \" ( 1 / 188 ) : \" حديث منكر \" وأقره في \" الزاد \" ! .
قلت : ومما يدل على نكارة هذا الخبر ما أخرجه الطحاوي في \" شرح المعاني \" ( 1 / 256 ) من طريق عمر بن حفص بن غياث ثنا أبي الأعمش قال حدثنى إبراهيم عن أصحاب عبد الله : علقمة والأسود قالا : \" حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه \" ! .
فأنت ترى أن عمر بن حفص وهو من أثبت الناس في أبيه قد خالف العلاء فجعله عن عمر لم يتجاوزه فهذه علة أخرى . وقد أقرها الحافظ في \" اللسان \" فقال : \" وقد خالفه عمر بن حفص بن غياث وهو من من أثبت الناس في أبيه فرواه عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وغيره عن عمر موقوفاً عليه . وهذا هو المحفوظ \" اهـ .
ثم إن العاقل لو تأمل الأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه لوجد أنه حجة لنا لا علينا . وذلك أنه قرر أن عمر كان يخر كما يخر البعير ، ثم وضح الكيفية فقال : \" يضع ركبتيه قبل يديه \" ونحن مأمورون أن نخالف البعير فوجب وضع اليدين قبل الركبتين وهذا بين لا يخفى على المنصف إن شاء الله تعالى . ولست أدري كيف أورده شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في \" الزاد \" محتجاً به ؟ !
**********************
ثم هب أن حديث أنس رضي الله عنه يكون صحيحاً فإنه لا حجة فيه لأمرين كما قال ابن حزم :
قبل اليدين الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين \" وقد تقدم شرح علته .
وسلم ثم سجد فكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه \" .
أخرجه البيهقي ( 2 / 99 ) من طريق محمد بن حجر ثنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل عن أمه عن وائل بن حجر به .
قلت : وهو حديث ضعيف لا يحتج به ، وله علتان .
\" .
الثانية : سعيد ابن عبد الجبار قال النسائي : \" ليس بالقوي \" وليس هو سعيد بن عبد الجبار القرشي الكرابيسي فإن هذا من شيوخ مسلم .
الله عنه أنه كانت ركبتاه تقعان إلى الأرض قبل يديه \" ولكن إسناده ضيعف واهٍ مع كونه موقوفاً !
فالحجاج بن أرطاة ضعيف الحفظ مدلس وقد استخدم ما يدل على التدليس قطعاً : \" قال إبراهيم .. \" ثم إن إبراهيم النخعي لم يدرك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . وحتى لو صح لما كان فيه حجة لكونه موقوفاً .
ولا تعارض سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفعل الصحابي والله الموفق .
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضع ركبتيه قبل يديه \" أخرجه ابن أبي شيبة(1/63 )
وعبد الرزاق ( 2 / 176 ) ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، أن عمر كان يضع . . . فذكره .
ثم أخرجه ابن أبي شيبة من طريق يعلى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر أنه كان يقع على ركبتيه .
العلماء ومنهم ابن القيم حاول أن يعلله بعلةٍ غريبة فزعم أن متنه انقلب على راويه وأن صحة لفظه لعلها : \" وليضع ركبتيه قبل يديه \" ثم ذهب ينصر قوله ببعض الروايات الضعيفة وبأن البعير إذا برك وضع يديه قبل ركبتيه فمقتضى النهي عن التشبه به هو أن يضع الساجد ركبتيه قبل يديه . وهو رأي غير سائغ لأن النهي هو أن يسجد فينحط على الأرض بقوة وهذا يكون إذا نزل بركبتيه أولاً والبعير يفعل هذا أيضاً ولكن ركبتاه في يديه لا في رجليه وهو منصوص عليه في \" لسان العرب \" لا كما زعم ابن القيم \" اهـ .
**********************
البعير ليست في يده .. \"
قلت : فيه نظر وركبة البعير في يده ونص أهل اللغة على ذلك وإن أنكر شيخ الإسلام .
قال ابن منظور في \" لسان العرب \" ( 14 / 236 ) : \" وركبة البعير في يده \" .
وقال الأزهري في \" تهذيب اللغة \" ( 10 / 216 ) : \" وركبة البعير في يده . وركبتا البعير المفصلان اللذان يليان البطن إذا برك ، وأما المفصلان الناتئان من خلف فهما العرقوبان \" .
وقال ابن سيدة في \" المحكم والمحيط الأعظم \" ( 7 / 16 ) : \" وكل ذي أربع ركبتاه في يديه ، وعرقوباه في رجليه \" .
وقال ابن حزم في \" المحلى \" ( 4 / 129 ) : \" وركبتا البعير هي في ذراعيه \" .
وروى أبو القاسم السرقسبطي في \" غريب الحديث \" ( 2 / 70 ) بسند صحيح عن أبي هريرة أنه قال : \"لا يبرك أحد بروك البعير الشارد \" . قال الإمام : \" هذا في السجود يقول : لا يلزم بنفسه معاً كما تفعل البعير الشارد غير المطمئن المواتر ولكن ينحط مطمئناً يضع يديه ثم ركبتيه \" . ذكره شيخنا ـ الألباني ـ في \" صفة الصلاة \" .
يؤيد ذلك كله ما أخرجه البخاري ( 7 / 239 فتح ) وأحمد ( 4 / 176 ) والحاكم (3/6 ) والبيهقي في \" الدلائل \" ( 2 / 485 ـ 487 ) في قصة سراقة بن مالك رضي الله عنه قال : \" .. وساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ( ( ز ) ) . . . \" فهذا يؤيد أن الركبة في يد البعير . فلا متعلق لشيخ الإسلام فيه .
والحمد لله على التوفيق .
وقال الطحاوي في \" المشكل \" بعد أن روى حديث أبي هريرة : \" فقال قائل : هذا كلام مستحيل ، لأنه نهاه إذا سجد أن يبرك كما يبرك البعير . والبعير ينزل يديه ، ثم أتبع ذلك بأن قال : ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه ، فكان ما في هذا الحديث مما نهاه عنه في أوله ، قد أمره به في آخره ؟ ! ! فتاملنا ما قال ذلك ، فوجدناه محالاً ، ووجدنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستقيماً لا إحالة فيه ! ! . وذلك أن البعير ، ركبتاه في يديه ، وكذلك كل ذي أربع من الحيوانات ، وبنو آدم بخلاف ذلك ، لأن ركبتهم في أرجلهم ، لا في أيديهم . فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ في هذا الحديث ـ المصلي أن يخر على ركبتيه اللتين في رجليه ولكن يخر في سجوده على خلاف ذلك ، فيخر على يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه بخلاف ما يخر البعير على يديه اللتين فيهما ركبتاه . فبان بحمد لله ونعمته أن ما في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلام صحيح لا تضاد فيه ولا استحالة . والله نسأله التوفيق \" اهـ .
**********************
) : \" والسنة أن يضع ركبتيه قبل يديه إذا سجد . وقال مالك : السنة أن يسبق بيديه وعن أحمد نحوه . ولنا أحاديث . ثم ذكر حديث وائل وأنس . وقال : واحتجوا بأحاديث . . وذكرها ثم قال : \" والجواب أن أحاديثنا أشهر في كتب السنة وأثبت ! وما ذهبنا إليه أليق بالأدب والخشوع \" اهـ .
فإن أحاديثهم أيضاً مشتهرة في كتب السنة كشهرة أحاديثكم \" اهـ ، وصدق يرحمه الله فلو كان حل الاختلاف بين الأحاديث هكذا فلا تجد ما يقنع به المتنازعون . فابن الجوزي يقول : إن النزول بالركبتين أليق بالخشوع وابن العربي يقول في \" العارضة \" ( 3 / 68 / 69 ) : وقال علماؤنا : والنزول باليدين أقعد بالتواضع وأرشد إلى الخشية \" !
اغتراراً بقول بعضهم : سند جيد ! وكأنه لم يطلع على قول ابن القيم : \" وقع فيه قلب من بعض الرواة فإن أوله يخالف آخره . فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير ، إذ هو يضع يديه أولاً ! وزعم أن ركبتي البعير في يديه لا في رجليه كلام لا يعقل لغة ولا عرفاً ! على أن الحديث معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل ولا يحتج به . قال النسائي : \" متروك \" وقال ابن حبان : \" منكر الحديث جداً \" وأعله البخاري والترمذي والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن حسن وغيره \" اهـ .
قلت : يرحم الله المناوي فإنه قد اختلطت عليه الأحاديث . فالقول بأن حديث أبي هريرة والذي هو حجتنا في هذا الباب معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل وهو واهٍ زعم خاطىء بل هو راوي حديث : \" كنا نضع اليدين قبل الركبتين .. الخ \" وقد تقدم الكلام عليه والحمد لله تعالى . أما بقية ما ذكره فقد تقدم الجواب عنه . والله المستعان .
لحديث وائل طريقين آخرين يجبر بهما \" فتعقبه شيخنا الألباني في \" تحقيق المشكاة \" (1/282) بقوله : \" ولا تغتر بما حكاه الشيخ القاري عن ابن حجر الفقيه أن له طريقين آخرين فإنه من أوهامه \" .
قلت : لعل ابن حجر يقصد بقوله أن له شاهدين . فإن كان ذلك فالتعبير بـ \" طريقين \" بدل \" شاهدين \" ليس مشهوراً ، وإن كان سائغاً . وإن قصد أن له طريقين فالأمر كما قال شيخنا والله أعلم .
نيل الأوطار \" ( 2 / 284 ) : \" وقد حاول المحقق المقبلي الجمع بين الأحاديث بما حاصله أن من قدم يديه أو ركبتيه وأفرط في ذلك بمباعدة سائر أطرافه وقع في الهيئة المنكرة . ومن قارب بين أطرافه لم يقع فيها سواء قدم يديه أو ركبتيه . ! وهو مع كونه جمعاً ـ لم يسبقه إليه أحد ـ تعطيل لمعاني الأحاديث وإخراج لها عن ظاهرها ومصير إلى ما لم يدل عليه دليل \" اهـ وصدق يرحمه الله تعالى .
\" (4/129) : \" وفرض على كل مصلٍ أن يضع إذا سجد يديه على الأرض قبل ركبتيه ولا بد \" اهـ .
: \" أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم \" . ذكره شيخناـ الألباني ـ في \" صفة الصلاة \" ( ص 83 ) .
وذكره الحازمي في \" الاعتبار \" عن الأوزاعي . وفي \" عون المعبود \" ( 3 / 71 ) : \" وقال ابن أبي داود : وهو قول أصحاب الحديث \" وقال الحافظ ابن سيد الناس : \" أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح . . . قال : وينبغي أن يكون حديث أبي هريرة داخلاً في الحسن على رسم الترمذي لسلامة رواته من الجرح \" اهـ .
) : \" أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء . إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه ، وإن شاء وضع يديه قبل ركبتيه ، وصلاته صحيحة باتفاق العلماء ولكن تنازعوا في الأفضل \" اهـ .
قلت : ثم ساق شيخ الإسلام الرأيين السابقين ولم يرجح واحداً منهما . وقد علمت أن الراجح هو النزول باليدين ، فيكون هو الأفضل بلا ريب . وهذا يرد على النووي رحمه الله قوله في \" المجموع \" ( 3 / 421 )) : \" ولا يظهر ترجيح أحد المذهبين من حيث السنة \" ، وذلك أن الإمام رحمه الله لم ينشط لتحقيق المسألة ، ولكنه اكتفى بنقل أدلة الفريقين ، كما يومي قوله : \" ولكني أذكر الأحاديث الواردة من الجانبين \" مع أن مقتضى نقده يشير إلى تقوية النزول باليدين . والله أعلم ، وأما الصلاة فصحيحة بكليهما كما أشار شيخ الإسلام رحمه الله فيما تقدم عنه . والله أعلم .
والحمد لله أولاً وآخراً ، ظاهراً وباطناً .