في ذكرى وفاة شيخنا:
الأرض تحيا إذا ما عاش عالمهـــــا *** متى يمت عالم منها يمت طــــرف
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها *** و إن أبى حل في أكنافها التلف
هناك من حملوا على عاتقهم نصرة هذا الدين ...اسماء حفرت حروفها من ذهب ...اسماء وصلت المجد بينما تأخر غيرهم ...فعندما نذكر الحديث النبوي .... وسيرة رسولنا العطرة لابد ان يقترن ذلك بذكر شيخنا الفاضل رحمه الله انه عالمنا الجليل مجدد العصر وخادم الحديث النبوي ( محمد ناصر الدين الألباني)
ولد في قرية اشقودرة ..قرية قد تكون مثل أي قرية عابرة في خارطة العالم ... ولكن التمع اسمها في تاريخ المجد عندما سار على ارضها هذا الشيخ العظيم..عاش في اسرة فقيرة ذات ورع وطابع علم ...فكان والده مرجعا علميا في تلك القرية لكن عندما بدأ الزحف العلماني والغربي ليطغى على الحضارة هناك ...هاجرت الأسرة الى دمشق ...فهنيئا لك يادمشق ..هنيئا لكل ارض سار عليها شيخنا ... استقر والده هناك ...ودرس فيها الابتدائية وتخرج بتفوق وبدأ عالمنا يضع لنفسه منهجا علميا فأتم حفظ القرآن ودرس الفقة الحنفي والنحو والتجويد على يد علماء افاضل ... امثال الشيخ سعيد البرهاني وحرص على حضور دروس وندوات العلامة بهجة بيطار
كان عالمنا يعمل ويتعلم ....فعمل في مهنة والده في اصلاح الساعات الى جانب طلب العلم وكتابة اولى كتبه والمطالعة والاشتغال بعلم الحديث ...الذي شغف به ....وزاد من شغفة في الحديث والتوجه الى مذهب اهل السنة والجماعة والمنهج السلفي اطلاعه لكتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله
حمل راية التوحيد في سوريا ...جالس العلماء وناقشهم ورد على مخالفيه من اهل البدع ةالضلالات ... فتعرض للمضايقات من مخالفيه حتى ان بعضهم كان يدعونه بالوهابي الضال ...لكن ذلك لم يثني عزمه ...تعرض للاعتقال مرتين ...وكانت المرة الأولى قبل نشوب الحرب ...اعتقل من نفس القلعة التي شهدت في زمان سابق اعتقال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله وخرج بعد شهر من اعتقاله .... واعيد اعتقاله بعد الحرب لمدة 8 اشهر ....لم يضع ايامها هباءا بل اتم تحقيق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري و اجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل.كانت له رحلات في محافظات سوريا ... وتطور الأمر لينتقل الى الأردن ويستقر هناك ... وكانت له رحلات الى العالم الاسلامي بالإضافة الى تدريسه في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة شرفها الله وانتدابات هنا وهناك من خلال مجلس الافتاء ...كانت له مشاريع كثيرة وكتب في علم الحديث طبعها وحققها ...حيااة حافلة بالعلم ...حتى عند وفاته كان همة ان يكون لقاءه بربه سريعا فجاءت وصيته بأن يدفن سريعا دون انتظار احد من ابناءه من الخارج ...
اما عن علمه الغزير..ذلك العلم الذي سيكون شفيعا له يوم الدين عند لقاء رب العالمين ..ذلك العلم الذي قدمه للأمة فقد وصى بأن تنقل مطبوعاته ومخطوطاته الى مكتبة الجامعة الاسلامية التي حمل في جنباتها كثير من الذكريات الجميلة مع طلبة العلم ...
[BLINK]من مؤلفاته [/BLINK]: و كان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" و هو مطبوع مراراً، و من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضاً كتاب "الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير" و لا يزال مخطوطاً. للشيخ مؤلفات عظيمة و تحقيقات قيمة، ربت على المئة، و ترجم كثير منها إلى لغات مختلفة، و طبع أكثرها طبعات متعددة و من أبرزها، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة و شيء من فقهها و فوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة و أثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها و لقد كانت قررت لجنة الإختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية من منحه الجائزة عام 1419ه / 1999م ، و موضوعها "الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً و تخريجاً و دراسة" لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني السوري الجنسية، تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجاً و تحقيقاً ودراسة و ذلك في كتبه التي تربو على المئة.
[BLINK]مما قيل عنه[/BLINK]: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني
وسئل سماحته عن حديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم-: "ان الله يبعث لهذه الأمه على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" فسئل من مجدد هذا القرن، فقال -رحمه الله-: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم.
وقال الفقيه العلامة الإمام محمد صالح العثيمين:
فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنة، و محاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، و أنه ذو علم جم في الحديث، رواية و دراية، و أن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس، من حيث العلم و من حيث المنهاج و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرة كبيرة للمسلمين و لله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به
[BLINK]من مشايخه[/BLINK]: سعيد البرهاني بهجت البيطار، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا، الشيخ توفيق البزرة، و غيرهم من أهل الفضل و الصلاح رحمهم الله
[BLINK]وفاته : [/BLINK]في الثاني و العشرين من جمادى الآخرة 1420هـ، الموافق الثاني من أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء. و بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاة الشيخ إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه، بالإضافه إلى قصر الفترة ما بين وفاة الشيخ ودفنه، إلا أن الآف المصلين قد حضروا صلاة جنازته
فرحمك الله ياشيخنا الفاضل وأكرم مثواك وجمعنا بك في الفردوس الأعلى بصحبة الانبياء والصديقين والشهداء